تجاوز عدد الاشتراكات بشبكة الهاتف الجوال في تونس 10 ملايين مشترك مقابل 3.4 ملايين مشترك سنة 2004 وتطوّر عدد مستعملي الانترنات ليصل الى حوالي 4 ملايين وهذا النموّ المتسارع للاعتماد على وسائل الاتصال الحديثة لا يخلو من سلبيات ومضار على الأفراد والمجتمع. فما هي أهم سلبيات وسائل الاتصال الحديثة حسب الاخصائيين في علم النفس والاجتماع؟ وكيف السبيل لتفادي سوء استعمالها وتجنب مضارها؟ يُقضّي العديد من التونسيين ساعات طويلة أمام جهاز الحاسوب وشاشة التلفزة الى درجة العزلة وتحولت مواقع شبكة الانترنات والارساليات القصيرة عبر الهاتف الجوال الى وسائل اتصال افتراضية حلت محل زيارة الأقارب والجيران وقلّصت من صلة الرحم. ويوضّح الدكتور وحيد قوبعة الاخصائي في علم النفس أن ثورة وسائل الاتصال وكثرة الاقبال على استعمال جهاز الحاسوب سبب الادمان والانعزال عن المحيط العائلي والقضاء على الحوار داخل الاسرة وتلاشت روابط الانتماء العاطفي وبرز ما يُعرف بالخيانة الافتراضية التي تهدّد استقرار العلاقة الزوجية، وتوازن المجتمع ككل. كما أن وسائل الاتصال الحديثة تحمل سموما أخرى تتعارض مع تعاليم ديننا وقيمنا، فبعض المواقع تحاول جذب الشباب وتستميل غرائزهم الى مهاوي الانحراف ويكون ذلك على حساب دراستهم وتسبب في ما يسمّى بالكسل الذهني وعدم الرغبة في المطالعة. هذا اضافة الى أن الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب أو التلفزة قد تسبب مضار على الصحة مثل الاصابة بالسمنة أو آلام على مستوى الظهر والرقبة. سلبيات ويدعو الدكتور وحيد قوبعة الى الحذر من سلبيات وسائل الاتصال الحديثة وإحكام التعامل معها وحسن توظيفها وأن يحاول الأولياء توعية أطفالهم ومراقبتهم واختيار البرامج الثقافية التي تغذّي العقول وتتلاءم مع بيئتنا وأخلاقنا وقيمنا. ولكن فيما تتمثل مساوئ وسائل الاتصال الحديثة حسب الاخصائيين في عالم الاجتماع؟ إستمالة الغرائز يؤكد الاستاذ المنصف القابسي الاخصائي في علم الاجتماع أنه توجد العديد من الاكتشافات العلمية إنزاحت عن غاياتها التي من أجلها اكتشفت مثل الذرّة والديناميت والتي وقع استثمارها وتوظيفها لغايات نفعية وفي الحروب. فكل جديد تنجرّ عليه آثار تنحرف عن سياقاتها الاصلية التي من أجلها اكتشفت. نحن اليوم نجابه مخاطر محدقة أحدثتها ثورة تكنولوجيات المعلومات ناتجة بالأساس عن سوء توظيفها والاستعمالات الخاطئة فبعض مستعملي الانترنات يستخدمونه لغايات خبيثة مثل الاساءة لسمعة غيرهم والافتراء على الناس وبث الاشاعات واستمالة غرائز بعض المراهقين عن طريق الفساد الاخلاقي والتشجيع على الانحراف. كما أن التواصل الافتراضي عبر شبكة الانترنات ومواقع التعارف في كثير من الأحيان يكون للتسلية واضاعة الوقت وداخل الاسرة الواحدة لكل فرد حاسوبه مما يقضي على الحوار داخل العائلة ويُسبب العزلة والانعزال وتلاشي روابط الانتماء الاسري واختفاء الهوية. تجارة وأخلاق كما أن الاتجاه الاستثماري بهدف الربح التجاري هو الذي جعل تلك الوسائط تحيد عن منهج التناول والطرح الموضوعي المتصل بقيم المجتمع فبعض الشركات تعمد الى اغراء الشباب بتسهيلات في اجراء مكالمات الهاتف الجوال دون الوعي بما يمكن ان يخلفه هذا الاجراء من انعكاسات نفسية واجتماعية على الشاب والمجتمع. فسعيها الى كسب الحرفاء وتحقيق الربح يعبر في الواقع عن أنانية اقتصادية ويحمل في طيّاته الدمار لجيل بأكمله وعواقب وخيمة على مستقبله. وتستغل هذه الاغراءات والتسهيلات في التعدي على حرمات الغير والمعاكسة والارساليات التي تخدش الحياء وتتنافى مع الأخلاق، ويدعو السيد المنصف القابسي الى تحمل مختلف المؤسسات لمسؤولياتها والتخطيط والابتعاد عن الانانية الاقتصادية والحرص على احترام قيم الجماعة وملازمة الحذر من سموم وسائل الاتصال الحديثة وتجنب انعكاساتها وسوء استعمالها. تحقيق: رضا بركة تونس الأولى افريقيا في تكنولوجيا المعلومات صنّف التقرير العالمي التاسع حول تكنولوجيا الاتصال والمعلومات لعامي 2009 2010 الذي أعدّه منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بالتعاون مع المعهد الأوروبي لادارة الاعمال تونس في المرتبة الاولى مغاربيا وافريقيا و39 عالميا من بين 133 دولة. ويُعتبر التقرير الذي صدر هذه السنة حول موضوع «تكنولوجيات الاتصال والمعلومات في خدمة الاستدامة» من بين التقارير الاكثر شمولية ومصداقية على المستوى الدولي في ما يهمّ انعكاسات تكنولوجيات الاتصال والمعلومات على مسار تنمية البلدان وقدراتها التنافسية ويقيم التقرير قدرة الدول على التحكّم في تكنولوجيات الاتصال والمعلومات استنادا الى ثلاثة معايير. تتعلّق بالمناخ السياسي والاقتصادي الملائم لتطوير التكنولوجيات الحديثة ودرجة استعمال التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال ومستوى التطوّر التكنولوجي. واعتبر التقرير التجربة التونسية في هذا القطاع أنموذجا يحتذى، إذ كانت من أول الدول الافريقية التي وضعت استراتيجية وطنية قائمة على هذه التكنولوجيات. وبلغ عدد الحواسيب في تونس حوالي 1.279 مليون وعدد مستعملي شبكة الانترنات 3.5 ملايين حتى نهاية 2009 ويُقدّر معدّل ارتباط البلاد بالشبكة الدولية للانترنات ب 27.5 غيفابات في الثانية. ويصل عدد المشتركين بشبكة الهاتف الجوال 10 ملايين مشترك. وتتجه الجهود الى مزيد تطوير المضامين الرقمية.