تناقلت العديد من وسائل الاعلام أمس وأمس الأول أنباء عن اختطاف قراصنة مسلحين باخرة تونسية فجر الخميس وعلى متنها 31 شخصا بينهم 23 بحارا تونسيا، وتمّ تحويل وجهتها بالقوة الى السواحل الصومالية. الباخرة واسمها «حنبعل 2» هي على ملك شركة تونسية ولكنها كانت تحمل علَم دولة بنما، فما هي دلالة ذلك؟ وما هي الاستتباعات القانونية؟ وكيف يمكن للدولة التونسية التحرّك لإنقاذ طاقم السفينة التونسي؟ «حنبعل 2» الباخرة المختطفة اسمها «حنبعل 2» وهي تابعة لشركة «جي. آم. تي GMT» التونسية (Gabes Marine Tankers) أي شركة قابس للملاحة والسفن المجهزة بالصهاريج تمّ بناؤها سنة 1983 بورشة دان كارك الفرنسية، محرّك سلزر الألماني (Sulzer)، تمّ تشغيلها لأول مرة بتاريخ 11 ماي 1983، يبلغ طولها 172 مترا و18 صنتيمترا وعرضها 24 مترا، حمولتها الخام 16284 طنا وحمولتها الصافية 7093 طنا. وتتضمن الباخرة «حنبعل 2» تسعة صهاريج لنقل المواد الكيميائية، وتنشط أساسا في ميدان نقل الحامض الفسفوري والحامض الكبريتي. كان اسمها السابق «مكناسي»، وكانت تتبع شركة قابس كيمياء للنقل العمومي التي تملك بواخر «مكناسي» و«تاكاباس» و«غنوش» وتمّ التفريط فيها في اطار برنامج الخوصصة الى شركة GMT وأصبحت منذ سنة 1994 ملكا خاصا لها. علَم بنما كانت الباخرة «حنبعل 2» تحمل العلم التونسي وهي سفينة لنقل المواد الكيميائية وتمّ تصنيفها في مكتب فيريتاس (Veritas) العالمي ومقره باريس، وهو مكتب يسهر على مراقبة مدى احترام السفن لشروط السلامة والصناعة ومنذ سنة 2007 أصبحت «حنبعل 2» تحمل علَم بنما، فما هي دلالات واستتباعات أن ترفع الباخرة العلَم التونسي أو علَم بنما؟ عندما تحمل السفينة العلَم التونسي فهي تكون خاصة للتشريع والقوانين التونسية وتصبح في حماية الدولة التونسية. وعندما تحمل علَم «بنما» فإنها تكون خاضعة لتشريعاتها وسلطتها وحمايتها. ويقول الأستاذ لطفي الشملي الخبير الدولي في مجال القانون البحري، إن رفع علَم دولة بنما على السفينة المملوكة من شركة تونسية يسمّى ب«علَم المجاملة»، ويسمّى الأسطول بأسطول المجاملة، وهي ممارسة موجودة في كافة أنحاء العالم، ويحبذ مالكو البواخر رفع أعلام اليونان أو الولاياتالمتحدةالأمريكية أو بنما ويتم اللجوء الى هذه الطريقة لتفادي المصاريف وتفادي كلفة النقل. وأسطول المجاملة، أي الذي يحمل علَم دولة أخرى غير مطالب، حسب رأي الأستاذ الشملي، على المستوى الدولي باحترام الاتفاقيات الدولية والتشريعات الداخلية والضوابط المتعلقة بالأجور الدنيا وقواعد السلامة ويسمّى في أوروبا بالأسطول الموازي. القانون التونسي والحصانة وبالتالي فإن «حنبعل 2» برفعها لعلَم بنما تخرج عن القانون التونسي وحصانة الدولة التونسية، وبذلك فإن إدارة البحرية التجارية ووزارة النقل ليست لهما سلطة ولا صلاحيات لمراقبتها، اضافة الى ذلك فهي لا يمكنها أن تتمتع بحصانة السفن التونسية، وتصبح خاصة للتشريع القانوني «البنمي». مع الاشارة الى أن بنما دولة واقعة جنوب أمريكا وتخضع الى سلطة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويسميها الخبراء بالجنان الجبائية، أي الدول التي لا تفرض رسوما. وحسب الأستاذ الشملي، فإن «حنبعل 2» برفعها للعلَم البنمي لم تعد خاضعة لا للتشريع البحري التونسي، ولا للتشريع الدولي للمنظمة البحرية الدولية ولا للتشريع الاجتماعي والجبائي التونسي. وتمارس السفن التي تحمل علَم دولة غير دولتها الأصلية النقل البحري حسب نظام خاص وهو نظام المجاملة ولا تلتزم دوليا باحترام أي تعهد. القرصنة جريمة عابرة للقارات الباخرة هاجمها بين 15 و20 قرصانا مسلحا، وتمّ تحويل وجهتها في اتجاه السواحل الصومالية. عملية القرصنة هذه يصفها الأستاذ الشملي بأنها عملية اجرامية وغير قانونية، وهي جريمة دولية ويمكن النظر إليها من زاوية اتفاقية روما لقمع والتصدي لعمليات القرصنة. وبما أنه على متن السفينة 23 تونسيا بمن فيهم الربان، فهم جديرون قانونا، حسب رأي الأستاذ الشملي، بحماية الدولة التونسية على معنى أحكام مجلة الشغل البحري واتفاقية رجال البحر للمنظمة الدولية البحرية واتفاقية روما للقرصنة البحرية. وإضافة الى أن أعمال القرصنة مجرّمة وغير مشروعة، فهي تعتبر جريمة دولية عابرة للقارات مقاضاة مرتكبيها تتمّ دوليا والتصدّي لها يتطلب مجهودا دوليا كبيرا ورأي الخبير الدولي في ميدان القانون البحري أنه يمكن للدولة التونسية أن تتحرّك على مستوى الأممالمتحدة والمنظمة البحرية الدولية ومؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (CNUCED) والمنظمة الدولية للشغل (OTT) لإنقاذ البحارة التونسيين وقال ان التحرك الديبلوماسي والاعلامي خاصة، مهم جدا لإنقاذهم. الامتناع عن الانجاد أما بخصوص طلب ربان الباخرة النجدة قبل عملية القرصنة، ورغم أن المنطقة التي تعرّضت فيها للاختطاف هي منطقة ناشطة بالبواخر التجارية والحربية، فإن النداء لم يلق الإستجابة، فإن محدثنا يقول ان اتفاقية «منتيغوبي» المصادق عليها من قبل الحكومة التونسية، تلزم كل السفن التجارية أو الحربية.. مهما كان نوعها والتي تمارس الملاحة، أن تنجد أو تنقذ أي باخرة تطلب النجدة، وهذا يعتبر من باب الواجب قانونا، أو أن تتعاون مع السلط المعنية لإنقاذها وإنقاذ البحارة. ويذهب خبراء ومحلّلون الى أن القراصنة الصوماليين مدعومون من قبل جهات عالمية لتنفيذ عمليات القرصنة، وذلك لطلب فدية تصل الى ملايين الدولارات، وسبق أن تمّ اختطاف العديد من البواخر والسفن من جنسيات متعددة في نفس المنطقة. يشار الى أنه يمكن «مطاردة القراصنة الهاربين باتجاه الأرض الصومالية في أعالي البحار وإمكانية التدخل في المجال البحري للصومال باستخدام الوسائل الضرورية» وذلك وفق قرار صادر عن مجلس الأمن عدد 1816 بتاريخ جوان 2008، وفق ما أوردته وكالة تونس إفريقيا للأنباء. وكانت «حنبعل 2» تنقل بضائع من ماليزيا في اتجاه اليونان.