حير المنتخب الوطني أمر كل التونسيين في مشواره مع تصفيات «كان 2012» فعثراته تكررت رغم حداثة عهد منافسيه بمثل هذه المسابقات وضعفهم التاريخي حتى انه ترك أمر الترشح في الطليعة الى بوتسوانا وترك أمره هو للحظ الذي قد ينكسر أمام ضعفه المتنامي. لشرح أسباب تردي مستوى المنتخب وما حدث ليلة المباراة في بهو النزل بين اللاعبين والمسؤولين حول المنح ولنعرف حظوظه وآفاقه في المباريات الثلاثة المتبقية في تصفيات «كان 2012» حاورت «الشروق» المدرب الوطني المساعد سامي الطرابلسي وفي ثنايا هذا الحوار من المؤكد أن كثيرا من الغموض حول وضعية المنتخب وظروف العمل به ستنجلي. خيبة جديدة وهزيمة أخرى مذلة أمام بوتسوانا... ماذا بعد؟ «للأسف لم نتمكن من العودة بنتيجة ايجابية من بوتسوانا وانقدنا الى هزيمة قاسية أمام منافس كان بالامكان مباغتته على ميدانه لكن في ظل المردود الباهت والمحير لأغلب العناصر لم يكن بوسعنا تحقيق ما ذهبنا من أجله حيث فشل الفريق مرة أخرى في تقليص فارق النقاط الذي يفصله عن صاحب الصدارة وانحصر الصراع على المرتبة الثانية بيننا وبين منتخب المالاوي الذي تنتظرنا في آخر المشوار مواجهة ضده على كل سنحاول أن نتدارك الوضعية في باقي السباق وسيكون أمامنا متسع من الوقت للاعداد الجيد للمقابلات الثلاثة المتبقية». هل يمكن ان تشرح لنا أسباب الهزيمة أمام بوتسوانا؟ «صراحة لم نكن نستحق الانتصار في هذه المباراة بالنظر الى حجم اللعب الذي قدمناه والذي كان بعيدا كل البعد عن المستوى الذي عودتنا به عناصر المنتخب فقد تاه اللاعبون وبدا واضحا أن الارهاق قد أخذ نصيبه من الجميع فغاب التركيز والانسجام وفقد الفريق ثوابته بالاضافة الى ذلك يمكن القول ان عديد الظروف قد اجتمعت حولنا وساهمت بشكل فاعل في حصول هذه النتيجة غير المنتظرة واعتقد أن الجميع قد اطلع على جزء منها خاصة تلك التي تتعلق بظروف الرحلة الشاقة التي قمنا بها على امتداد 26 ساعة في الجو من تونس الى بوتسوانا وما خلفته من ارهاق كبير لدى عناصر المنتخب خاصة اللاعبين المحترفين الذين التحقوا بصفة متأخرة بالمجموعة وبالتالي لم يكن من السهل على أغلب العناصر أن تستعيد «الفورمة» في مساحة زمنية ضيقة جدا فتشتت التركيز وغاب الانسجام. لكن مشقة السفر لم تمنعهم من التركيز على حجم المنح المرصودة والمطالبة بالترفيع فيها، فهل تعتقد أننا منحنا لاعببينا أكثر مما يستحقون؟ «ان كنت تقصد ما حدث في بهو النزل ليلة المباراة فإني أضم صوتي الى الجميع وأعتبر ان ما حصل لا يليق بعناصر المنتخب خاصة أن الظرف كان حساسا ونحن في حاجة الى انتصار نستعيد به هيبة المنتخب قبل التفكير في المسائل المادية، وبالمناسبة يجب أن أوضح شيئا هاما، الأول أننا كإطار فني لم نعلم بما حصل الا ساعات قليلة قبل موعد اللقاء وثانيا التصرف الذي قام به علاء الدين يحيى وفهيد بن خلف الله لم يكن منفردا حتى لا نتهم اللاعبين المحترفين وانما نزولا عند رغبة كافة اللاعبين الذين أوفدوا هذا الثنائي للتفاوض نيابة عنهم بشأن المنح التي سيتحصلون عليها في صورة الفوز. لماذا غاب التأطير في مثل هذه المواقف وأين دور المسؤولين؟ أولا يجب أن نعترف أن القيم قد تغيرت بالنسبة الى اللاعب التونسي الذي لا يمكن أن يخفي ميوله نحو المادة وهذا نابع من احساس داخلي بأن عمره قصير والضرورة تقتضي أن يؤمن وضعا ماديا أفضل وان كنا لا نبحث لهؤلاء عن اعذار فإن الأمر ينسحب على كل اللاعبين في مختلف بطولات العالم من جانبنا كإطار فني كنا نحرص في كل مرة على ايقاظ مشاعر الوطنية لدى اللاعبين كلما تعلق الأمر بمباراة دولية وكثيرا ما كنا نجتمع باللاعبين لحثهم على البذل والعطاء في سبيل اعلاء راية الوطن وترك المسائل المادية والمكافآت لحينها. ليس بوسعنا أن نفعل أكثر مما قمنا به في هذا السياق واعتقد أن المسألة في الأخير مرتبطة بعقلية اللاعب نفسه. هل تعتقد أن مباريات البطولة ومختلف المشاركات في الكؤوس الافريقية قد افقدت اللاعبين التركيز على العطاء في صلب المنتخب؟ يمكن أن نتناول الفكرة من زاوية أخرى حين نتحدث عن توقيت مباراتنا ضد المنتخب البوتسواني حيث ان موعد المباراة لم يكن مناسبا بالنسبة الينا على اعتبار أن توقيته جاء بعد 72 ساعة فقط عن موعد نهائي كأس رابطة الأبطال الافريقية الذي كان فريق الترجي طرفا فيه دون اعتبار النتيجة التي آلت اليها المباراة وما تركته من آثار سيئة على نفسية لاعبيه بالاضافة الى ذلك فإن مباراتنا ضد بوتسوانا تليها مباشرة مواجهة هامة هي الدربي بين النادي الافريقي والترجي وهذا طبعا من شأنه أن ينعكس على نفسية لاعبي الفريقين المنتمين للمنتخب ويساهم في تشتيت أذهانهم. لكن موعد مباراتنا ضد بوتسوانا تم ضبطه قبل أكثر من ثلاثة أشهر وكان أمام المسؤولين متسع من الوقت للقيام بمساع في اتجاه تأجيل أو تقديم موعد هذا اللقاء؟ أعتقد أن المكتب الجامعي قد قام بما يجب فعله وراسل للغرض عديد المرات الاتحاد الافريقي لكن كل المحاولات لم تثمر النتيجة التي كنا نأملها من جهتي حرصت كطرف فاعل في المنتخب على استغلال بعض العلاقات وقمت باتصالات مع بعض مسؤولي المنتخب البوتسواني وطلبت منهم بصفة ودية امكانية تغيير موعد اللقاء لكنهم رفضوا وهذا من حقهم طبعا على اعتبار أنهم كانوا شديدي الحرص على توفير أكثر الفرص للنجاح في هذه المباراة وكانوا يدركون جيدا درجة الارهاق البدني والذهني التي من الممكن أن تصيب اللاعبين جراء النسق الماراطوني للقاءات. ألم يكن من الأجدر منح الراحة واعفاء بعض العناصر من رحلة بوتسوانا خاصة من لاعبي الترجي الذين لم يكن بمقدورهم اعطاء الاضافة في ظل ما عاشوه من مرارة بعد خسارتهم للقب الافريقي؟ فكرنا جيدا في هذه النقطة لكن لم تكن لنا خيارات عديدة في ظل الغيابات البارزة التي شهدتها تشكيلة المنتخب بعد ان تخلف عصام جمعة والشرميطي وأصيب علاء الدين يحيى واستحال قدوم بعض اللاعبين المحترفين هذا بالاضافة طبعا الى كوننا حرصنا على الحفاظ على الهيكل العام للمنتخب وبالتالي رأينا من الصالح أن ترافقنا عناصر الترجي في رحلتنا الى بوتسوانا في كلمة فقط أقول ان رصيدنا من اللاعبين ضعيف جدا والحلول البديلة تكاد تكون منعدمة. كيف ترى حظوظنا في بقية السباق؟ نحن الآن على مسافة ثلاثة لقاءات عن نهاية السباق وحظوظنا ستظل قائمة بنسبة كبيرة سنحاول أن نعالج بعض النقائص وأمامنا متسع من الوقت الى شهر جوان المقبل لمراجعة بعض المسائل واصلاح ما يمكن اصلاحه من أخطاء، وان كنا نعتقد أن الفوز في مباراتين من جملة ثلاث سيكفينا للحصول على ورقة الترشح وإن عزيمتنا أقوى واصرارنا أكبر من أجل الفوز في كل اللقاءات المتبقية سنعول كثيرا على استعدادات بعض اللاعبين وامكانية بروز بعض العناصر الأخرى في مشوار البطولة. تحدثت عن ضعف الرصيد البشري وقلة الاختيارات الموجودة أمامكم فماذا عن فيلق اللاعبين المحترفين خارج حدود الوطن والأسماء الرنانة التي تعج بها بطولتنا؟ هي مجرد أسماء فقط لا غير... صراحة يجب أن نعترف الآن أننا لم نعد نملك لاعبين ممتازين بالمواصفات المطلوبة وكرتنا توقفت منذ فترة عن الانجاب، وكل ما هو متوفر لدينا الآن لا يتعدى مرتبة المتوسط ان لم نقل شيئا آخر وحتى محترفينا في البطولات الاجنبية فإن مستواهم الفني لا يفوق في شيء مستوى ما هو موجود في بطولتنا المحلية على اعتبار أن الفرق التي ينتمون اليها هي فرق ضعيفة نسبيا وقد أذيع سرا هذه المرة حين أقول اننا كإطار فني كنا نجد حرجا كبيرا في تحديد وضبط قائمة عناصر المنتخب قبل كل تربص أو مباراة ليس لوفرة الزاد البشري وانما لضعف مستوى أغلب اللاعبين وغياب الحلول البديلة وفي أحيان كثيرة نكون غير مقتنعين بمن وجهنا لهم الدعوة لكن ما عسانا نفعل ونحن مثلما أشرت لا نملك لاعبين ممتازين يمكن أن نعول عليهم ل«قلب الاطراح» وتلك هي حدودنا. هل يمكن القول اننا أفلسنا كرويا وعدنا الى حجمنا الطبيعي قبل 2004؟ «الاعتراف بالخطإ هو بداية الطريق نحو الاصلاح، وكرتنا لن تنهض من جديد الا اذا وضعنا اصبعنا على أصل الداء أعتقد أن كرتنا قد أصابها مرض عضال وباتت تحتاج الى تدخل عاجل من أهل الاختصاص بطولتنا ضعيفة جدا كل الفرق حادت عن الاهداف التي رسمتها فغاب العمل القاعدي والاستثمار في قطاع الشبان بعد أن توجه اهتمام المسؤولين على الاندية أكثر الى النتائج الفورية وهو ما فرض واقعا كرويا مليئا بالتناقضات عقوبات نزاعات، عنف جماهيري...و...، وكرتنا تقفز في كل مرة خطوة الى الوراء في الوقت الذي تشكلت فيه خارطة جديدة للكرة في القارة السمراء والفرق التي كنا نعتبرها ضعيفة وليس لها تاريخ أخذت تبرز وتسلك طريقها بثبات في حين ظلت كرتنا تعيش على الماضي وعلى بعض الانجازات التي حفظها التاريخ وانتهى مفعولها... لو نعود الى موضوع المنتخب كيف تقبلت حملة التشكيك والانتقادات في حق الاطار الفني الى الحد الذي طالبكم فيه البعض بالتنحي؟ حتى لو فزنا في مقابلة بوتسوانا لا أظن أن هذه الحملة ستنتهي فموضوع المنتخب مادة ثرية بالنسبة الى بعض المحللين والمنظرين في ميدان الكرة وان كنت شديد الايمان بأهمية الرأي المخالف للخروج باستنتاجات قد تفيدنا في المستقبل فإن البعض ممن يحبذون ركوب الاحداث قد أطنبوا في «التنبير» لغايات شخصية وباتوا يترصدون في كل مرة عثرة للمنتخب حتى يدلوا بدلوهم وتنطق ألسنهم بما أضمرته أنفسهم ليس خدمة للرياضة والمنتخب وانما لغاية في نفس يعقوب. في خضم جملة الانتقادات الموجهة الى الاطار الفني هل أحسست أن هناك من استكثر عليك مهمة مدرب مساعد في المنتخب؟ وان كنت أحاول في كل مرة أن اتقبل بشكل ايجابي الحملة الموجهة ضدي وأضعها في خانة الغيرة من طرف البعض على مصلحة المنتخب فإن الواقع يفرض علي التسليم بأن حملة الانتقادات وراءها نية مبيتة لاقصائي وابعادي عن المنتخب ولا يمكن أن نخفي حقيقة البعض ممن استكثروا علي هذه المهمة في صلب المنتخب ورأوا في أنفسهم أحقية التواجد مكاني حقا شيء مؤسف أن نتعامل في ما بيننا بهذه الطريقة. خلال احدى الحصص الرياضية على قنواتنا الفضائية تكلم مختار التليلي بصريح العبارة واعتبر أنك تفتقد الى الخبرة الكافية في ميدان التدريب ولست أهلا للتواجد ضمن تركيبة الاطار الفني للمنتخب، فما رأيك في ما صرح به؟ علمت بما جاء على لسان مختار التليلي الذي لم يصدع بمثل هذه الموقف من قبل حين عين المدرب لومار أخي وصديقي طارق ثابت في خطة مدرب مساعد التليلي لم ينطق بكلمة حين عين لومار معلول مساعدا له فقط تكلم التليلي الآن على كل حال لست على استعداد لأجيبه الآن فقط أقول ان سامي الطرابلسي يمتلك خبرة سنين طويلة قضاها كلاعب ومسؤول وسأرد على مثل هذه الأحكام المسقطة في الوقت المناسب أنا من طبعي هادئ ولا أحبذ الانسياق وراء الاستفزازات ولا أريد أن أنزل الى هذا المستوى. لك الحرية بأن تختم هذا الحوار بالكلمة التي تريدها؟ أتمنى أن يحالف منتخبنا الوطني النجاح في بقية السباق ولا أشك لحظة أننا سنحقق هدفنا في الترشح الى نهائيات كأس افريقيا 2012 قد تكون الفرصة سانحة لا توجه بكلمة قصيرة الى المحللين في قنواتنا وأقول لهم على مهلكم اخوتي التزموا بالموضوعية بعيدا عن الذاتية والحسابات الضيقة «وما تغلطوش العباد» فالمشكل في كرتنا وفي بطولتنا وليس في المنتخب.