هولاعب ليس ككلّ اللاعبين... يجمع الملاحظون أنه موهبة حقيقية نشأت في مدرسة الأغالبة وتألقت في باب الجديد ويجمع الملاحظون أيضا أنه بإمكانه أن يكون أفضل بكثير لو وجد المدرب الذي يخضعه للتمارين الخصوصية ولو يصرف كامل جهده للكرة بعيدا عن الانفعالات ومناقشة الحكام وما يخلفّّه من توتّر على الميدان وإهدار الطاقة. هو زهير الذوادي الجناح الطائر هذه الأيام والذي أصبح قادرا على صنع ربيع الإفريقي ويتمنى الجميع أن يصبح قادرا على صنع ربيع الكرة التونسية يوما ما. من أين تريد أن نبدأ هذا الحوار؟ من أي سؤال يقع عليه الاختيار... أنا جاهز لكل أنواع الأسئلة. حسنا سنبدأ بسرد بعض التهم؟ هذه محاكمة إذن وليس حوارا صحفيا... ومع ذلك فأنا جاهز لكل أنواع الأسئلة. أنت متهم بإضاعة وقتك باللعب في البطولة التونسية لأن مكانك الطبيعي إحدى البطولات الأوروبية؟ في الحقيقة هناك الكثير من الأصدقاء والزملاء وحتى المدربين ذكروا لي ذلك لكني أقول إن كل شيء بأوانه وأنا أؤمن أن شخص لا يأخذ سوى نصيبه وأريد أن أذكر أنه وصلتني بعض العروض الأوروبية سابقا لكن الهيئة السابقة وخاصة السيد كمال إيدير رفض خروجي وقد تكون الفرصة مواتية هذه المرة. هل هناك عرض رسمي؟ لا ليس هذا القصد وكل ما في الأمر أني أصبحت أفكر بكل جدية في الخروج وهذا من حق أي لاعب وأشعر أنه أصبحت لي التجربة اللازمة للنجاح في إحدى البطولات الأوروبية. التهمة الثانية تتمثل في أنك لا تقدم نفس المردود أمام كل الفرق ولو تبذل نفس المجهود أمام الفرق الصغرى مثل الفرق الكبرى لرفع الإفريقي البطولة! لا هذه التهمة غير صحيحة وكل ما في الأمر أنني أفضل منافس «يلعب الكرة» ولا يتصدى بالطرق غير الشرعية ولا يرفض اللعب وينتظرك في الخط الخلفي وأعتقد أن هذا العامل لا يهم الذوادي فقط بل يهم النادي الإفريقي ككل لذلك بإمكاننا أن نطيح بأي فريق مهما بلغت قوته وكثيرا ما نعجز أمام فرق متواضعة لأنها ترفض اللعب وتكتفي بالدفاع. ولماذا حسب رأيك؟ في الحقيقة هناك الكثير من العوامل يطول شرحها مثل طريقة اللعب والمهم الآن أننا عملنا في الفترة الأخيرة على تجاوز هذا العامل وذلك بالتركيز على الكرات الثابتة مثلا والعديد من المسائل الأخرى. التهمة الثالثة هي أن اللاعبين لا يلعبون بنفس الروح مع المنتخب ومردودهم مع الأندية أفضل بكثير. كنت أنتظر مثل هذا السؤال وأريد أن أؤكد أن اللاعب الدولي الذي ينشط في المنتخب يعرف أن نجاحه لا يمر إلا عبر المنتخب واللاعب الذي يريد الالتحاق بالبطولات الأوروبية يعرف أن عدم نجاحه مع المنتخب يعني استحالة تحوله إلى هناك هذا بالإضافة إلى أننا لا نقل وطنية عن الآخرين ونحترم الراية وإذا كنتم بنيتم كل هذه الاستنتاجات على لقاء بوتسوانا فإن «التهمة» غير ثابتة لأن ذلك اللقاء دار في ظروف معينة. مثل ماذا؟ ما لا يعلمه البعض أنه دار في ملعب مدرسي لأن الملعب الرسمي كان مغلقا ويخضع للإصلاح وكنا نحن مطالبين بصنع اللعب والضغط لأنّنا نريد الانتصار في حين كان الفريق المنافس ينتظرنا في الخلف ويركز على المرتدات إلى أن حقق الهدف الوحيد. ماذا أيضا؟ لا بد من الإشارة أيضا إلى التوقيت وأعتقد أنكم تعرفون أن اللقاء برمج في وقت سيء جدّا ولست أدري كيف يسمح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لنفسه ببرمجة لقاء دولي بين المنتخبات بعد أيام قليلة من نهائي رابطة الأبطال ونصف نهائي كأس ال«كاف» وأبطال شمال إفريقيا وكأس الفائزين بالكأس أيضا. وقبل الدربي بأيام أيضا؟ هذا صحيح ولكن القضية ليست قضية دربي وكل ما في الأمر أن لاعبي الإفريقي كانوا على سفر إلى المغرب ثم عادوا وتحوّلوا مباشرة إلى بوتسوانا في رحلة شاقة جدا و هذا مرهق جدّا أما قبل الدربي فقد عدنا إلى تونس وأخذنا نصيبا من الراحة وخضعنا لحصص إزالة الإرهاق واللقاء دار في تونس ولم تكن هناك رحلات شاقة. التهمة الرابعة هي التسبب في إقصاء أغلب اللاعبين الذين ينشطون في الرواق الأيمن أو على الأقل إنذارهم. إذا وافقتك على هذه «التهمة» سأصبح مغرورا وكل ما في الأمر أني لاعب أعتمد المهارة في المراوغة والسرعة وأغلب المدافعين يجدون بعض الصعوبات في مراقبة اللاعب السريع وليس الذوادي فقط لذلك يكونون عرضة للإنذارات. وماذا عن الباشطبجي؟ في الحقيقة محمد الباشطبجي ليست له المؤهلات اللازمة للعب في مركز الظهير وهو مركز جديد بالنسبة إليه ولذلك فهو بالتأكيد في حاجة لبعض الوقت للتأقلم مع هذا المركز ولذلك وجد بعض الصعوبات وهذا لا يعني بالتأكيد أني أفضل منه. هذا تواضع؟ لا هذه حقيقة وأعتقد أن السيد فوزي البنزرتي كان يعول على الثنائي الباشطبجي وأفول في الرواق وذلك لخلق التفوق العددي وليجدوا أنفسهم في وضعية (2 ضد 1) وبعد خروج أفول كان الباشطبجي يطلب من صابر خليفة عدم التقدم إلى الهجوم وأعتقد أني قدمت المطلوب. ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يكون لك فيها مواجهة صعبة مع الظهير الأيمن في الترجي؟ المواجهات في الدربيات دائما صعبة وحاسمة وساخنة وأذكر مرة أن المدرب طلب من اللاعب جانفيي عدم السماح للذوادي بالتوغل بجانب خط التماس وإرغامه على التوجه إلى وسط الميدان وفعل المدافع المذكور المستحيل ولكن المرة الوحيدة التي مررت فيها من جهة خط التماس جاءت بالهدف وتلك هي أحكام الدربيات وأعتقد أن هناك عاملا هاما ساعدني في دربي هذه السنة وهو أني أعرف المنافس المباشر (الباشطبجي) جيدا وأعرف نقاط قوته وضعفه وهذا مهم جدا في كرة القدم. والتهمة الخامسة: ألم تنته «التهم»؟ هذه الأخيرة؟ ماهي؟ تتعلق بالمبالغة في مناقشة الحكام وما تهدره من طاقة في الاحتجاجات؟ يعلم الجميع أني حاولت هذا الموسم صرف النظر عن الحكام وقد لاحظ الجميع ذلك فعلا...ولكن في اللقاء الأخير لم أنجح في سياسة ضبط النفس لأني كنت أتعرّض إلى العنف بكل أنواعه ولكن الحكم لم يحرك ساكنا. بصراحة قرّرت عدم مناقشة الحكام لكن هناك أشياء «تنطّق». ماذا قلت له في تلك اللقطة التي منحك فيها الإنذار؟ قلت له «اعطيني حقي فقط» فقال لي «هذا حقّك» ومنحني الإنذار ولا أريد أن أعود إلى مردود الحكم لأن كل التونسيين شاهدوا اللقاء وبإمكانهم الحكم وأعتقد أن حوالي 70٪ من الذين يستحقون الإنذار لم ينالوه وكان هناك «ترقيع» بمنح الإنذارات لمن لا يستحقها وغير المهددين بالإنذار الثاني مثل الذوادي والدراجي وإذا كان الحكم منحني إنذارا على الاحتجاج فإن بعض اللاعبين احتجوا بطريقة أعنف بكثير لكنه لم يحرك ساكنا. ما سرّ تفوق الإفريقي في الدربيات في المواسم الفارطة؟ ليس هناك سرّ كل ما في الأمر أن الرصيد البشري المتوفر في الإفريقي أفضل من الترجي كما أننا نفضل دائما الفرق التي تتوخى اللعب المفتوح والترجي من بين هذه الفرق. بما أنك كشفت «سلاحكم» سيتوخى الترجي مستقبلا طريقة دفاعية؟ لا، هذا لن يحصل لأن الفرق الكبرى لها وزنها واسمها وتقاليدها ولا يمكن أن تفكر بهذه الطريقة ومن الصعب جدّا أن تجد في الدربي فريقا يهاجم وآخر يكتفي بالدفاع طوال اللقاء. بين الإفريقي والمنتخب... لماذا لا نرى نفس «النسخة» من الذوادي؟ كنت أجبت على هذا السؤال وأريد أن أؤكد أنني التحقت بالمنتخب مع روجي لومار عندما كان عمري 18 سنة فقط ولكني لم أشارك في اللعب على امتداد ثلاث سنوات أما الآن فقد أصبحت أساسيا والأكيد أن هناك تطورا ولا بد أن يعرف الجميع أن اللعب مع المنتخب يختلف عن اللعب مع الأندية لأن اللاعب بطبعه أكثر تفاهما مع زملائه في النادي بحكم اللعب معهم دائما والتدرب معهم ولاعبو الإفريقي يعرفون جيدا أين يطلب الذوادي الكرة وأين يوزع أيضا أما في المنتخب فليس هناك هذا التفاهم ومع مرور الوقت ستتدعم هذه الأشياء وهذه الجزئيات. لكن يقال إن اللاعبين ساوموا على المنح قبل المقابلة؟ المسألة تمّ تهويلها ولا أعتقد أن هناك لاعبا يسمح لنفسه بالمساومة على بلده وكل ما في الأمر أن علاء الدين يحيى دافع عن زملائه الذين لا ينشطون ويكتفون بالصعود على المدارج أو الجلوس على مقعد البدلاء ولم يساوم. وجدت لك «تهمة جديدة»؟ ما هي؟ يقال إنّك لم تطور نفسك ومازلت مجرد جناح يعول على السرعة في التوغل والمراوغة؟ هذه صحيحة نسبيا رغم أني واع بذلك وأحاول القيام بالعمل الخاص أمام المرمى ولكن لحسن الحظ أني الآن لا أكتفي بالتوغل الجانبي وكثيرا ما أتوجه إلى داخل الملعب وليس إلى خط التماس ولا بد من بعض الوقت للتخلص من هذه النقائص وأريد أن أشير إلى أني مازلت في بداية الطريق ولدي رغبة شديدة في التخلص من كل نقاط الضعف التي لديّ وأريد أن أؤكد أن نقائصي موجودة خاصة أمام المرمى ولو كنت ناجعا لانتصرنا في «الدربي» الفارط لأنه توفرت لي أكثر من فرصة وسجلت هدفا واحدا. يقال إن لطفي الرويسي غيّر فيك بعض الأشياء؟ بالتأكيد ولكل مدرب فضل عليّ والأكيد أن لطفي الرويسي وبالتنسيق مع سي مراد يحاول تطوير أدائي وذلك بالتنويع وعدم اعتماد نفس الطريقة دائما وكذلك بالتركيز على الكرة والكف عن مناقشة الحكام. لو تقيّم أجانب الإفريقي؟ هناك ألكسيس الذي يعتبر استثنائيا في البطولة التونسية وهو في أفضل حالاته حاليا. وهناك محمد تراوري اللاعب الذي له إمكانات كبيرة جدا لكن الإصابة وبعض الظروف لم تساعده بالإضافة طبعا إلى مالا جيلا الذي له إمكانات محترمة لكنه مازال في حاجة إلى بعض الوقت. من مِنَ اللاعبين الذين كانوا بمثابة الاكتشاف في بداية هذا الموسم؟ هناك مروان الطرودي الذي أعرفه جيدا وهو ينتمي إلى مدرسة الشبيبة وأعتقد أن له إمكانات محترمة ويجمع بين المهارة وقوة الشخصية وهناك أيضا سيف العكرمي الذي حجز لنفسه مكانا أساسيا وهذا يعتبر إنجازا في حد ذاته. من كان مثلك الأعلى في كرة القدم؟ هو ريفالدو الذي كنت معجبا بأدائه وبطريقة تنفيذ المخالفات أما الآن فهو ميسي القادر على التسجيل بكل الطرق أي بأسهلها وأصعبها كذلك. ستشجع برشلونة إذن هذه الليلة؟ بكل تأكيد أولا لأني من أحباء برشلونة وميسي وكذلك لأني لا أحب مورينهو. ولكنه أفضل مدرب في العالم؟ ربما ولكنه لا يشجع على لعب الهجوم وقد رأينا ذلك مع الانتر ولا يعقل أن يركن فريق في حجم الانتر إلى الدفاع طوال اللقاء. ولكنه مع الريال لا يلعب الدفاع؟ لأن هناك اسم النادي وسمعته ومدرب الريال لا يتصرف في الفريق كما يحلو له وعلى العموم أنتظر الكلاسيكو بفارغ الصبر.