زهير الذوادي قيمة ثابتة ما في ذلك شك فمع النادي الإفريقي تعقد عليه الآمال لفتح ما استشكل على مهاجمي الفريق ومع المنتخب أكد أنه قوة ضاربة. الذوادي في هذا الموسم بالذات لفت إليه الانتباه مرتين الأولى بما رسمه من إبداعات مع فريقه والمنتخب والثانية حين أثار إشكالات بالجملة خاصة عن اللجنة الطبية للافريقي بسبب الإصابة التي تعرض لها مؤخرا. في ثنايا هذا الحوار سعينا إلى إجلاء كل الغموض عن علاقة الذوادي بفريقه وعن كل ما راج مؤخرا حول إصابته إضافة إلى مواضيع أخرى هامة. لماذا أصبحت علاقة زهير الذوادي بالإطار الطبي للإفريقي موضوع الساعة وكادت تتحول إلى «قضية رأي عام»؟ للأسف كان من المفروض أن يغلق الموضوع بسرعة وقد وجدت نفسي في كل مرة مجبرا على توضيح موقفي للرأي العام وخاصة لجمهور النادي الإفريقي لأن هناك من ألّب هذا الجمهور عليّ ولا يعقل أن يتكلم المخطئ أو الظالم ويصمت المظلوم.. في الحقيقة لست أول أو آخر من تعرّض إلى إصابة ولكن وبالنظر إلى أن «الجو» ساخن جدا في الحديقة «أ» فقد تحولت واقعة بسيطة إلى «قضية». لو نعود إلى البداية كيف انطلق الخلاف؟ كنت أشكو من إصابة وكنت اتفقت مع الإطار الفني للإفريقي أن يتم إقحامي في ربع الساعة الأخير من لقاء الملعب التونسي لأني لم أكن جاهزا ولم أتدرب مع المجموعة إلا في حصة واحدة ولكن الإطار الفني الذي وصلته معلومات خاطئة رأى عكس ذلك وأراد إقحامي قبل التوقيت الذي اتفقنا عليه وتحول لطفي الرويسي إلى المكان الذي نقوم فيه بالعمليات الإحمائية أكثر من مرة ولذلك اعتقد الجمهور أني أرفض المشاركة في تلك المقابلة وكان هناك غضب كبير وبما أن رأس مالي الشخصي هوالجمهور فقد تألمت كثيرا وأصبحت لا أعلم ماذا أفعل؟ وقد كنت أرغب أن أشارك في ربع الساعة الأخير لأكون جاهزا في اللقاءات القادمة مثل لقاء الكأس والدربي ولكنهم رأوا عكس ذلك وقد وقف جمهور الإفريقي على هذه الاختيارات وها أني أتخلف عن كل اللقاءات ولذلك أريد أن أكتفي بالقول «الله يهدي». ولكن كان عليك أن تتجنب الانفعال والتصريحات الساخنة بعد اللقاء؟ نعم هذا صحيح ولكن اللاعب ليس من الملائكة وله أحاسيس ومشاعر وكنت منفعلا لأني كنت أشعر بألم كبير لكن الإطار الطبي (كذبني) وهو ما حزّ في نفسي كما أني كنت أشعر بعد لقاء الملعب التونسي أن تعنتهم سيحرمني من اللقاءات الهامة وهو ما حصل للأسف. ولماذا كنت مصرا على التحول إلى ألمانيا؟ لم يكن هناك إصرار وكل ما في الأمر أننا متعودون على فعل ذلك وهذا في كل أنحاء العالم وليس في تونس فقط وأذكر مثلا أن كريستيانو رونالدو تحول إلى بلغاريا للعلاج وبيكام تحول من إيطاليا إلى فرنسا وسابقا كان رونالدو البرازيلي لا يعالج إلا في فرنسا رغم أنه يلعب لفائدة انتر ميلانو وأذكر أيضا أن الدكتور الطرابلسي كان أخضعني للجراحة ثم تحول معي إلى فرنسا والتقينا طبيب المنتخب الفرنسي وكان هذا الأخير أثنى على جراحته وعلى مقدرته وعدنا جميعا بمعنويات مرتفعة جدا ولم يدخل ذلك في إطار التشكيك في الدكتور الطرابلسي الذي يشهد له الجميع بالكفاءة وليس الذوادي فقط. إذا كان مشهود له بالكفاءة لماذا إذن فضلت التحول إلى ألمانيا؟ في الحقيقة كنت أبحث عن الراحة النفسية وكنت مصابا ولا يمكنني حتى التدرب وكان بحوزتي تذكرتان وطلبت من مسؤولي الإفريقي وخاصة السيد مهدي الغربي أن يرافقني أو يكلف من يرافقني (مثل الدكتور) إلى ألمانيا حتى يكونوا على علم بكل شيء ثم أعلموني أن إصابتي لا تستوجب التحول إلى ألمانيا وانتهى كل شيء. لكن المجازفة بتشريكي مع الملعب التونسي هي التي أدخلتنا في دوامة. ولكن قيل إنك تريد التحول إلى ألمانيا للاختبار؟ هذه أكبر غريبة سمعتها... كيف يمكن للاعب مصاب أن يقوم باختبار وإذا كنت أريد القيام بالاختبار لماذا أختار أسوأ توقيت بالنسبة لي (مصاب) وكيف يقبل لاعب دولي الخضوع إلى الاختبارات؟ كما أني سمعت أحد الصحفيين يتحدث عن علمه باختباري في ألمانيا وأريد أن أعلمه أني تحولت إلى فرنسا وليس إلى ألمانيا وكان عليه أن يلم بالموضوع وقد كان طبيب المنتخب الفرنسي أعلن في إذاعة «موزاييك» أني مصاب فعلا وكذلك طبيب الإفريقي السيد محسن الطرابلسي ثم إني ذهبت إلى فرنسا بترخيص من الإفريقي عندما أثبتت الفحوصات أن نفس الإصابة مازالت لم تندمل والترخيص كان من رئيس النادي ورئيس الفرع. يقال إن مسؤولي الإفريقي أرغموا على السماح لك بالتحول إلى فرنسا؟ ليس هناك إرغام وكل ما في الأمر أن هذه مسألة عادية وكثيرا ما تقع مع كل اللاعبين ثم إنه لي بند في عقدي يسمح لي بزيارة طبيب آخر عند الاختلاف مع الإطار الطبي للفريق. ولماذا تم وضع هذا البند؟ وقعت سابقا في نفس الخلاف مع الدكتور المقراني وعندما خضعت للفحص ب«IRM» تبين الجميع أني مصاب فعلا. كيف أصبحت الآن علاقتك مع طبيب النادي؟ أريد أن أغتنم هذه الفرصة للتأكيد أن ما حصل لن يمس بعلاقتي بالسيد محسن الطرابلسي الذي أثق فيه كثيرا وكان أخضعني للجراحة أكثر من مرة وأنا أو أي طرف آخر لا يمكن أن يشكك في كفاءته أو أخلاقه العالية جدّا بل أني اعتبره مثالا للطبيب الناجح والرجل المثالي ولكن وقع في خطإ وهذا يحدث وكان هناك نوع من التسرع في إعادتي للمقابلات وفي بطولة هذا الموسم حصلت العملية مع عديد اللاعبين وحتى في الأندية الكبرى مثل الترجي إذ تسرع الدراجي وتعرض إلى إصابة وكذلك نوارة والمساكني وهذا أمر عادي ويحدث حتى في الأندية الأوروبية ولكن ما آلمني كثيرا هو أنهم يتهمونني بالتمارض وألّبوا الجمهور ضدي وأريد أن أؤكد أيضا أني مازلت إلى الآن أعالج تحت إشراف الدكتور الطرابلسي بما أنه هو من اختار لي المختص في العلاج الطبيعي. لنتجاوز الحديث عن الإصابات ونعود للحديث عن كرة القدم؟ أريد أن أطوي هذه الصفحة بسرعة وأردت أن أختم بهذا الحديث المطول مع «الشروق» وإذا صدر من حديث آخر في بعض الصحف فاعلموا أنه من نسج الخيال. كيف تابعت «الدربي»؟ بألم شديد... صدقني في العادة لا أتابع اللقاءات عندما أكون مصابا لأني أشعر أن مكاني الطبيعي على الميدان وليس في المدارج أو أمام الشاشة والتخلف عن «الدربي» هو أكثر ما يؤلمني لقد حضرت في 7 «دربيات» وفزت في أربعة وتعادلت في لقاءين بهدايا كثيرة من الحكم للمنافس وانهزمت في واحدة فقط وكان ذلك في إطار الكأس ودون حضور الجمهور. وما هو أحسن «دربي» خضته؟ هو بالتأكيد الذي فاز به الإفريقي بهدف موسى بوكونغ لأن الأداء كان رائعا. ولماذا هذا الانهيار الذي عرفه الإفريقي؟ هناك العديد من العوامل مثل الإصابات. على ذكر الإصابات.. من يتحمل مسؤولية هذا الكم الهائل؟ ليس هناك طرف معين في الحقيقة.. هذا يدخل في إطار قانون اللعبة وأكثر الإصابات تعود إلى نسق المقابلات وعدم الخضوع إلى الراحة وأعتقد أن كل الفرق تعاني من الإصابات ولكن الإشكالية بالنسبة لنا نحن أننا نستعجل العودة ولذلك تتكرر الإصابات أريد أن أذكر أيضا أن هناك عوامل أخرى ساهمت في تراجع الإفريقي مثل الحكام وعندما كنا في أوج العطاء وكنا أفضل من كل المنافسين الآخرين عرقلنا الحكام وحرمونا من الانتصارات أمام النجم والترجي والنادي البنزرتي والملعب التونسي ولو انتصرنا في كل تلك اللقاءات لفزنا بالبطولة قبل جولات عديدة من نهايتها. يقال أيضا إن عدم انضباط اللاعبين خارج الميدان هو العامل الرئيسي لكثرة الإصابات؟ هذا غير صحيح بالمرة ولا بد أن يعرف الجميع أننا نقيم بالنزل كل أسبوع ثلاثة أيام على الأقل (قبل اللقاءات) كما أن اللاعبين الذين تعرضوا إلى إصابات هم مضرب الأمثال في الانضباط مثل السويسي والمويهبي وبوجلبان والنفزي وكل ما في الأمر أننا نجازف بصحة اللاعب. قبل لقاء المنستير مثلا كنت أشعر ببعض الآلام وكانت كل التوقعات تشير أني قد أتعرض إلى إصابة ولكني جازفت تحت إلحاح الجميع والنتيجة أني شاركت في تلك المقابلة وخسرت بقية الموسم. كان عليك أن تعلم الإطار الفني وترفض المشاركة؟ في الحقيقة كانت مجرد توقعات لأني كنت أشعر بمجرد شد في العضلة كما أنه لا يمكنني أن أرفض اللعب ولو فعلت ذلك لاتهموني بالخيانة العظمى وأريد أن أذكر أني لعبت ذات يوم ب40 درجة حرارة وكل شيء يهون من أجل الإفريقي وجمهوره. أذكر أيضا أني لعبت مباشرة بعد إجراء عملية على الاصبع وشاركت ذات مرة في الدربي بركبة واحدة لأني كنت أشكو من إصابة وهذه الإصابات لا تزعجني لأنها لا تتطور نحو الأسوإ أما الإصابات العضلية فهي مخيفة و بإمكانها أن تتفاقم حتى بمجرد المشاركة لدقائق معدودة. الإفريقي تعود الخروج المبكر من رابطة الأبطال الإفريقية.. لماذا؟ العامل الرئيسي هو بالتأكيد أننا لا نعرف كيف نتعامل مع اللقاءات الإفريقية التي لا تعتمد على المستوى الكروي فقط وعليكم أن تلاحظوا في كل سنة كيف ننسحب. في الموسم الفارط كان الانسحاب أمام إينيمبا الذي هزمناه في تونس بنتيجة عريضة لكن هناك كانت المهمة انتحارية وفي الموسم الحالي تكرر نفس السيناريو أمام شبيبة القبائل ولا بد أن نعترف أن الإفريقي ضعيف جدا في ما يتعلق بالكواليس وأعتقد أن هناك فرقا كبيرا جدا بين فريق تونسي يساعده الحكام حتى عندما يكون بعيدا عن تونس وآخر يقصيه الحكام في المنزه بالذات! ألا يتحمل الإطار الفني السابق المسؤولية؟ إطلاقا ولا بد أن يعلم الجميع أن الإفريقي مع لوشنتر والكوكي كان أفضل فريق في تونس وكنا نفرض سيطرة مطلقة على كل المنافسين سواء في ملعبنا أو بعيدا عنه بل لا مقارنة بيننا وبينهم من حيث حجم اللعب وفرض الأسلوب والعائق الوحيد هو عدم تسجيل الأهداف الكثيرة. ماذا عن الكوكي؟ كانت هناك إشاعات تلاحقه وهي غير صحيحة وقد كان صديق كل اللاعبين ويتحدث إلينا جميعا ويقوم بواجبه على أحسن وجه وكان يسعى إلى الإصلاح وتقديم النصيحة وهو متفان في عمله ومنضبط وتعلم الكثير عن عبد الحق بن شيخة وهو مساعد مثالي. هل يمكنك المقارنة بين بن شيخة ولوشنتر؟ ليس هناك أشخاص متشابهون في الحياة وكذلك ليس هناك مدربون متشابهون. كل مدرب له طريقته في التعامل وفي اللعب وهما من أفضل المدربين لكن بن شيخة يعرف العقلية ويعرف كيف يؤثر على اللاعب وكيف يجعله يعطي أكثر من طاقته أما لوشنتر فله عقلية مختلفة جدا بحكم أنه أوروبي لكنه مدرب مقتدر ويحب النجاح ويحب أن يرى الآخرين ناجحين أيضا وقد اتصل بي حتى بعد خروجه من الإفريقي ليشجعني بعد التعرض للإصابة وأعلمني أن لي الإمكانات اللازمة للنجاح واللعب في أعلى مستوى وقدم لي بعض النصائح. بماذا تريد أن تختم؟ أولا لا أريد الحديث في موضوع الخلاف مع الطبيب بعد اليوم وقد «أخذ أكثر من وقته» ثانيا رجال الإفريقي عليهم بالتحرك في هذا الظرف بالذات لأنه لا يمكن التأخر أكثر ولا يعقل أن يترك أكثر من نصف الشعب التونسي يتألم ويبكي والإفريقي مهدد فعلا. ثالثا أريد أن أؤكد أنه ليس لي أي عرض من أوروبا وعلى مروجي الإشاعات أن يكفوا عن السخافات لأن ما يقولونه لا يصدقه حتى الحمقى. رابعا هناك ظاهرة لا بد أن نضع لها حدا وهي أن كل من «هب ودب» يريد التحليل الرياضي ولا بد أن نترك هذه الأدوار للفنيين فقط. خامسا وأخيرا جمهور الإفريقي هو رأس مال النادي وهو «ثروة وطنية» ومثال يحتذى به... لا ينفعل ولا يهاجم ولا يعادي مهما كانت النتائج ولذلك يجب المحافظة عليه... اجرى الحوار: فرج الفجاري تصوير : هيكل هميمة