المحكمة الادارية بتونس تنطلق في تفعيل مخططها المديري لنظم المعلومات لتحسين جودة الخدمات وتعزيز مبدأ الشفافية    حجز كنز أثري نادر في صفاقس يضم آلاف القطع النقدية الرومانية    اكتشاف منشآت مائية فريدة في محيط فسقيات الأغالبة بالقيروان خلال أشغال الترميم    نجم المتلوي ينهي العلاقة التعاقدية مع زياد بن سالم وسامح بوحاجب    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: هذه الدول العربية معنية بتقلبات جوية قوية في الثلث الاخير من الشهر    عاجل: تحذير من سيلان الأودية في الذهيبة    السيجومي: أمنيّ يُعاين حاث مرور فتصدمه سيارة وترديه قتيلا    كأس أمم إفريقيا: المنتخب الوطني صاحب أكثر المشاركات المتتالية .. والفراعنة الأكثر تتويجا باللقب القاري    يهمّ التوانسة: شروط الاستفادة من الامتيازات الجبائية    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    جامعة التعليم الثانوي ترفض دعوة الوزارة الأساتذة لإنجاز حصص تدارك خلال عطلة الشتاء    عاجل/ حكم قضائي جديد بالسجن في حق هذا النائب السابق..    موظّفو اللوفر يلغون الإضراب.. وقرار بإعادة فتح المتحف    البطلة "غفران غريسة" تهدي تونس 3 ذهبيات في منافسات لواندا    مع تراكم ممهدات الانفجار الداخلي في أمريكا وأوروبا: مركزية العالم عائدة إلى الشرق    دراسة: الأمّ التونسية ما تحكيش برشا مع أولادها في موضوع التربية الجنسيّة    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    دراسة تحذر من مخاطر التدخين السلبي من الدرجة الثالثة..    استشهاد 4 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على جنوب غزة..#خبر_عاجل    بمناسبة العطلة المدرسية: مرصد المرور يدعو إلى توخي أقصى درجات الحذر    فرنسا : تفتيش منزل ومكتب وزيرة الثقافة في إطار تحقيق فساد    احباط محاولة سرقة غريبة من متجر معروف..ما القصة..؟!    عاجل: الترجي الرياضي يستعيد مهاجمه هذا    الكرة الطائرة: برنامج مباراتي الكاس الممتازة لموسم 2024-2025    القنصلية التونسية بدبي:'' خليكم في الدار واتبعوا تعليمات السلامة''    تحذير عاجل للتوانسة من استيراد الأبقار من فرنسا    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    عاجل: الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف بالأرقام عن تمويلات الفيفا منذ جانفي 2025    رئيس الجمهورية يؤكّد لدى لقائه رئيسة الحكومة أنّ الشّعب وجّه يوم أمس رسائل مضمونة الوصول وأعطى درسًا للجميع    كأس العرب قطر 2025: منح المركز الثالث للبطولة مناصفة بين منتخبي الإمارات والسعودية    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة 20    عاجل: وزارة النقل تعلن عن إجراءات استثنائية لتأمين تنقل المواطنين خلال عطلة الشتاء    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    تنسيقية مسدي الخدمات الصحية تحذّر من انهيار المنظومة وتدعو إلى تدخل عاجل لإنقاذها    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    حفل موسيقي "ليلة القادة الشبان" بمسرح أوبرا تونس الجمعة 26 ديسمبرالجاري    مصر.. ايقاف البحث عن 3 أشخاص دفنوا تحت الأنقاض    وخالق الناس بخلق حسن    الأول افتتح «الأيّام» والثاني في المسابقة الرسمية ..«فلسطين 36» و«صوت هند رجب» مرشحان للأوسكار    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    عاجل/ بمناسبة عطلة الشتاء: وزارة النقل تتخذ جملة هذه الإجراءات..    افتتاح الدورة 14 من معرض مدينة تونس للكتاب    الكاف: يوم تحسيسي لتشجيع صغار الفلاحات على الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي    عاجل/ نشرة متابعة جديدة للرصد الجوي: أمطار رعدية الليلة..    توزر: استعدادات لإنجاح الأنشطة السياحية بمناسبة عطلة الشتاء واحتفالات رأس السنة    عاجل/ هذا موعد أوّل رحلة للحجيج وآخر موعد لاستكمال إجراءات السفر..    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    فتح باب الترشح لجوائز الإبداع الأدبي والفكري والنشر لمعرض تونس الدولي للكتاب    نائب بالبرلمان: تسعير زيت الزيتون عند 15 دينارا للتر لن يضرّ بالمستهلك..!    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ عامين سجن في حق هذا الفنان..    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الانقطاع المبكر عن الدراسة، أسبابها وطرق معالجتها...في ميزان الأخصائيين : تفعيل دور خلية العمل الاجتماعي وتعميمها على كافة المؤسسات والمستويات والتنسيق بين مختلف الأطراف
نشر في الشروق يوم 06 - 12 - 2010

رغم تطور المنظومة التعليمية في بلادنا وارتفاع نسبة التمدرس بما يتماشى مع المعايير الدولية فإن آخر الإحصائيات والتي تعود إلى السنة الدراسية 2008/2009 تشير إلى أن نسبة الانقطاع عن الدراسة تقدر ب6،1%.
ويمثل الانقطاع المبكر عن الدراسة و«التسرب» المدرسي والعنف أهم المواضيع التي تشغل بال المشرفين على التربية. ويعد العمل الاجتماعي بالوسط المدرسي، بحسب المختصين في علوم التربية، احد الحلول التي أثبتت نجاعتها في الحد من «الظاهرة» لكونها آلية ضرورية للحدّ من الإخفاق المدرسي والتصدي لكل مظاهر عدم التكيف المدرسي. وقد توصل البرنامج خلال الموسم الدراسي2008-2009 إلى مساعدة 23.586 حالة على النجاح في دراستهم، يمثلون أكثر من 64 بالمائة من مجموع الحالات التي تم التعهد بها. علما أن هذا البرنامج يغطي أكثر من 40 بالمائة من المؤسسات التربوية.
غير ان برنامج العمل الاجتماعي بالوسط المدرسي ورغم ما حققه، لا يزال برأي المتابعين من اهل الشأن والاختصاص، في حاجة الى تفعيل وتسريع ورفع من أدائه وتعميمه الى جانب كونه رهين توفر عدة عوامل أخرى موازية. وهي مهمة توضع على عاتق الجهات المعنية الثلاث ونعني وزارة التربية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة التي تصدر للغرض مناشير تحث على العمل الاجتماعي وتحض عليه.
السيد عمر الولباني مندوب التربية بالقيروان أكد من جانبه، أهمية العنصر البشري في تجسيم الأهداف الوطنية واستحثاث مسار التطوير والتحديث مبينا ما تحقق من مكاسب وانجازات تربوية انطلاقا من تخصيص نسبة 7.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للتربية والتعليم من جهة، وفي بلوغ 2.5 مليون نسمة ممن يتابعون دراستهم بالمؤسسات التعليمية والتكوينية. والنسبة الهامة للتمدرس التي تم بلوغها في مختلف المراحل ونسبة التخرج من الجامعات.
وبين السيد الولباني ان تنمية الموارد البشرية وكسب رهان الجودة، يقتضيان تضافر جهود كل الأطراف من أجل تنمية المهارات ومعالجة الإشكاليات في المنظومة التربوية والتعليمية على غرار الانقطاع المبكر والاخفاق المدرسي. وأوضح ان هذه المشكلات تعنى بها هياكل العمل الاجتماعي الذي يستوجب تدخله قصد تحسين الظروف النفسية والبدنية والذهنية للتلميذ وإزاحة العقبات التي قد تحول دون السير الطبيعي للدراسة لدى بعض الفئات الهشة.
كما بين ان البرنامج يهدف الى حماية التلاميذ من أخطار الإخفاق والتسرب او الانقطاع المبكر وخلق الظروف الملائمة للدراسة داخل المؤسسة التربوية حتى تتمكن من تحقيق أهدافها التربوية.
القيمة الاجتماعية المدرسية
وأشار هشام الحرباوي (مكوّن) الى وجود عدة عوامل (ذاتية ومحلية ومدرسية) تتسبب في انقطاع التلميذ عن الدراسة. وشدد على أهمية مساعدة الأسر في تأمين تمدرس أطفالها والحيلولة دون الانقطاع المدرسي. مضيفا انه من الضروري ترغيب التلميذ والأسرة في التعليم من خلال عدة مداخل نفسية واجتماعية ودفعهما في اتجاه العودة الى الدراسة مع الحيلولة -عند الضرورة- دون تحول الإخفاق المدرسي الى جنوح.
وشدد الأستاذ هشام الحرباوي على دور الأخصائيين النفسيين في الحد من هذه الظاهرة. وأشار الى دور خلية العمل الاجتماعي في المؤسسة التربوية التي لا يزال عملها يقتصر على الإنصات دون المرور الى مرحلة التدخل المباشر مع مختلف الأطراف علاوة على ما يسجل من محدودية المستفيدين من تدخل الخلية جراء النقص في عدد الأخصائيين وعدم وجود تغطية متكافئة بين المؤسسات التربوية.
الصحة المدرسية
كما أبرزت الدكتورة حنان الحليوي (المنسقة الجهوية للطب المدرسي بالادارة الجهوية للصحة) دور الطب المدرسي في تفعيل برنامج العمل الاجتماعي بالوسط المدرسي من خلال توفر الرعاية الصحية بالمؤسسات التربوية (توفر طبيب او عون صحي بكل مؤسسة تربوية) معددة أوجه تدخل الطب المدرسي والمتمثلة في الرعاية الصحية للتلاميذ ومتابعة الحالات ذات الأولوية (صحيا واجتماعيا) وتقديم المساعدة لهم بهدف تنمية قدراتهم المدرسية وتجاوز الصعوبات البدنية والصحية والنفسية التي تحول دون نجاحهم المدرسي.
مفارقة الجودة...والانقطاع
السيد احمد الصغير(متفقد اول للمدارس الابتدائية) أشار الى وجود تنافس بين مفهوم الجودة والانقطاع المبكر. وانطلق من تحليل القانون التوجيهي حول واجب المدرسة (إجبارية التعليم) الى التركيز على آليات العلاج.
وبين أن توفر خلية العمل الاجتماعي تعد احد مقومات جودة التعليم في تونس لكنه شدد على ان تحقيق الأهداف يتطلب توفر المساعدة البيداغوجية والمادية للتلميذ(وللأسرة).
وبين ان نسبة الانقطاع في التعليم الثانوي تبلغ أربعة أضعاف الانقطاع في التعليم الأساسي مشيرا الى وجود تذبذب في نسبة تغطية خلية العمل الاجتماعي بين المؤسسات التربوية حسب المستوى التعليمي وحسب الجهات. وأشار الى ضعف عمل هذه الخلية والى وجود عدم توازن في حالات التدخل الذي يحتاج الى تطوير في جودة الأداء وفي التغطية بحسب رسومه التوضيحية.
مسؤولية من؟
وبين الأستاذ عبد الوهاب الدريدي رئيس المكتب الجهوي لمنظمة التربية والأسرة بالقيروان دور الوالدين في تربية الناشئة وخلق ظروف ملائمة للدراسة ومساعدتهم على التعلم من جهة وحمايتهم من مختلف السلوكات المنحرفة.
كما اشار الدريدي الى تراجع نسبة الانقطاع المبكر في تونس من 7 بالمائة سنة 1987 الى 6.1 بالمائة بالنسبة للتعليم الأساسي وتراجعها من 17 بالمائة سنة 1990 الى 10 بالمائة موضحا ان «ظاهرة» الانقطاع المدرسي تعد من أمهات المشاكل التي تعاني منها دول العالم مبينا أثرها السلبي على المجتمع من تفشي الامية والبطالة والعنف وغيرها من المشاكل الاجتماعية.
واستعرض الدريدي بعض أسباب الانقطاع المدرسي سواء الانقطاع التلقائي او بسب الرفت لعدم القدرة على الاندماج في الوسط التربوي. مبينا وجود عوامل نفسية واجتماعية وذهنية وصحية الى جانب تغير سلم القيم وتراجع مكانة التعليم في ذهن الشبان وتراجع دور المدرسة في تقديم وظيفتها التعليمية مقابل بروز مصادر اخرى للتعلم وترسخ قيم اجتماعية اخرى ترتكز على الثراء السهل والشهرة.
وأكد على أهمية دور الأسرة في التصدي لمختلف الظواهر السلبية التي تؤدي الى الانقطاع المدرسي من خلال تأكيده على الشراكة القائمة بين المدرسة والأسرة. وبين انه على الوالدين المساعدة في العناية بالأبناء التلاميذ صحيا وذهنيا ونفسيا ومراقبة الأبناء في دراستهم وموظبتهم وتوفير الظروف الأسرية والاجتماعية الملائمة لهم ومراقبتهم في استعمال التكنولوجيا الحديثة. وختم بالتأكيد على أهمية الشراكة بين الأطراف المحيطة بالتلميذ من مؤسسات تربوية وصحية واجتماعية ومكونات المجتمع المدني من خلال دعم التنشيط الثقافي والترفيه المدرسي وتنظيم لقاءات دورية تحسيسية لفائدة التلاميذ والأولياء.
الانقطاع المبكر: أسبابه ودوافعه
ويؤكد الباحثون الاجتماعيون أن عملية الانقطاع المبكر عن الدراسة ترتبط بعوامل عدة اجتماعية واقتصادية. فالوضع الاجتماعي للتلميذ يلعب دورًا فاعلاً في تدعيم العملية التربوية نظرًا لأهمية العامل السوسيو-اقتصادي. ويؤكدون ان العائلات التي تعاني من الخصاصة والحرمان تدفع بأبنائها إلى ترك الدراسة وتضطرهم للعمل لمد يد العون لها.
كما يشير الأخصائيون الى دور الجانب الثقافي للأسرة وعلاقته المباشرة بالانقطاع المدرسي. فالوسط العائلي الذي يتبنى ثقافة التعليم-في نظرهم- يكون تأثيره ايجابيا على الأطفال.
في حين يتجاوز علماء النفس والسلوك هذه العوامل ليؤكدوا ان الانقطاع المبكر عن الدراسة وعدم الرغبة في المتابعة ماهو الا نتيجة لمرحلة المراهقة التي يعيشها التلميذ باعتبارها مرحلة تتخللها سلوكيات طارئة ومغلقة للمراهق بسبب المتغيرات الجسدية في تلك المرحلة. وفي هذا الصدد يشير أخصائيون في علم النفس إلى ان فترة المراهقة تساهم في إفراز جملة من المتغيرات الفيزيولوجية التي من شأنها إحداث ارتباك في سلوك التلميذ.
ووفقًا لذلك تتسم تصرفات التلميذ باللامبالاة وغياب أدنى شعور بالمسؤولية فيكون الاندفاع وعدم التروي مما يتسبب في الانقطاع مبكرًا عن الدراسة. وتوعز أسباب الانقطاع المبكر عن الدراسة من جهة ثانية إلى حالات الاكتئاب والقلق التي تصيب بعض التلاميذ جراء تفاقم المشاكل العائلية خاصة بين الأبوين. فالعلاقات المتوترة في العائلة إلى جانب طلاق الأبوين لها أثرها السلبي في تشتت الأبناء النفسي وانعكاساتها التي تؤدي حتمًا إلى جعل التلميذ غير قادر على التركيز وعلى عدم تحمل هذه الظروف فتكون النتيجة ضعفًا في التحصيل الدراسي وانقطاعًا مبكرًا عن الدراسة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.