بنزرت .. أسلاك التربية يحتجّون ويصفون العودة المدرسية بالفاشلة    نحو شراكة تونسية–كورية في البيوتكنولوجيا والتكوين المتخصص    أسطول الصمود المغاربي.. انطلاق السفينة الاخيرة "أنس الشريف"    الولايات المتحدة: إطلاق النار على العديد من ضباط الشرطة في مقاطعة يورك    شبهة تلاعب بنتائج الرابطة الثانية : حارس جندوبة يُحبط «المخطط» والملف بيد القضاء    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    بهدوء...المرأة التي تريد قتْل الوقت    بطولة العالم لألعاب القوى طوكيو 2025: العداءة التونسية مروى بوزياني تحتل المرتبة الرابعة    بسبب انتشار الحشرة القرمزية: تراجع صابة الهندي الأملس بنسبة 40 بالمائة    الحرارة هكذا ستكون الليلة    بعد تتويجه في فينيسيا.. 'صوت هند رجب' يختم مهرجان القاهرة السينمائي    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    الاستاذ عمر السعداوي المترشح لخطة رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس ل" الشروق اون لاين ".. " ساعمل من أجل هياكل فاعلة تحفظ كرامة و تطور الممارسة اليومية للمهنة"    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    عاجل/ إسبانيا تلوّح بمقاطعة المونديال في حال تأهّل إسرائيل    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    تحذير صارم: أكثر من 30 مصاب بالاختناق جراء تلوث المنطقة الصناعية في قابس...شفما؟    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    تعرف على الفواكه التي تعزز صحة القلب    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    جريدة الزمن التونسي    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    القصرين: مشروع نموذجي للتحكم في مياه السيلان لمجابهة تحديات التغيرات المناخية والشح المائي    قابس: تخرج الدفعة الأولى من المهندسين بالمعهد العالي للاعلامية والملتيميديا    صدمة في القلعة الكبرى: لدغة ''وشواشة'' تُدخل شابًا قسم الكلى    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    المقرونة: أصلها عربي و لا إيطالي؟ اكتشف الحكاية    ارتفاع الحرارة ليس السبب...النفزاوي يكشف أسرار نقص الدواجن في الأسواق    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    بشرى سارة للتونسيين: أمطار الخريف تجلب الخير إلى البلاد..وهذا موعدها    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    سفينة "لايف سابورت" الإيطالية تنضم لأسطول الصمود نحو غزة كمراقب وداعم طبي    اختفاء سباح روسي في مضيق : تفاصيل مؤلمة    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    أكثر من 100 شهيد في مجازر ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة    الحماية المدنية: 597 تدخلا منها 105 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    القيروان: النيابة العمومية تأذن بتشريح جثة العرّاف ''سحتوت'' بعد وفاته الغامضة    عاجل/ الكيان الصهيوني يستهدف مستشفى للأطفال بغزة..    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    جريدة الزمن التونسي    لمدة 48 ساعة فقط.. جيش الاحتلال يعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خميسيات آدم فتحي: نظريّة الأكواريوم
نشر في الشروق يوم 16 - 12 - 2010

أعود إلى موضوع سبق أن تطرّقتُ إليه لكنّ الأحداث أعادته إلى الواجهة وأتاحت لي فرصة استعادته من زاوية مختلفة. وهو موضوع هجوم أسماك القرش على سائحة ألمانيّة في شرم الشيخ، وما صاحبه من جدل واتّهامات. من بينها اتّهام إسرائيل بأنّها «وراء العمليّة»!
اتّهام تصدّى له الكثيرون طبعًا، لكنّه أعاد طرح مسألة «نظريّة المؤامرة» وسيرتها المزمنة! بينما يرى الكثيرون أنّ العالَمَ يعيش المؤامرة كواقع، ويتّخذ شيئًا فشيئًا هيئة حوض الأسماك البلّوريّ أو الأكواريوم. وتلك هي الزاوية التي أريد النظر منها إلى الموضوع من جديد.
«التفكير في إمكانيّة استعمال أسماك القرش للتجسّس دليل على خفّة العقل العربيّ»! هكذا قال الكثيرون.
الأمر الذي أكّده الإسرائيليّون طبعًا.
حتى أنّ أحدهم لم يتورّع عن القول بسخرية «إنّ الموساد يستخدم أسماك القرش للتجسس ويستخدم النمور لمنع تسلّل الأفارقة من الحدود المصرية»!
المشكلة أنّ السخرية نوع من الجدّ، قد تُكلّف أحيانًا بمهمّة تضليليّة. ممّا يسبغ أكثر من دلالة على تصريح المحلّل السياسيّ يائير سار المنشور في صحيفة «إسرائيل اليوم» بتاريخ 12 ديسمبر 2010، والذي جاء فيه «انّ الموساد الإسرائيلي يقوم فعلاً بزرع أجهزة تنصّت في زعانف أسماك القرش قبل إرسالها إلى الخليج العربي للتنصّت على إيران»!
شيئًا فشيئًا تفقد السخرية قشرتها لتكشف عن إمكانيّة شديدة الجديّة! وهو ما تؤكّده أبحاث البروفيسور الأمريكيّ والتر غوميس الذي يعمل لصالح البحريّة الأمريكيّة بتمويل من البنتاغون. والذي أعلن عن تجارب قائمة فعلاً وفي مراحل متقدّمة، تهمّ زرع شرائح في أدمغة الأسماك، لا لمتابعة تحرّكاتها والتنصّت من خلالها فحسب، بل للتحكّم فيها أيضًا.
لم تُنشر هذه الأخبار في صحف عربيّة «مغرضة» بل نُشرت في صحف أمريكيّة وأوروبيّة كثيرة، من بينها صحيفة لوموند الفرنسيّة التي يصعب اتّهامها بالانخراط في «نظريّة المؤامرة»، على الأقلّ بالمقارنة مع صحفٍ عربيّة.
والحقّ أنّ الأمر ليس غريبًا. فالتجسّس عن طريق استعمال الحيوانات أمر واقع منذ زمن طويل. أليس استعمال الكلاب وغيرها لتتبّع الآثار والبحث عن المخدّرات والمتفجّرات نوعًا من التجسّس؟ ألم تنتشر هذه الحيوانات «الجاسوسة» في أكثر أنفاق العالم ومطاراته حتى كادت تصبح جزءًا من الحياة اليوميّة؟ ليس الأمر غريبًا إذنْ بل الغريب هو نبرة الاستغراب الغالبة على خطاب البعض والتي تذكّرنا بالمثل القائل «كاد المريب أن يقول خذوني»!
إلاّ أنّ ما يستحقّ الاستغراب فعلاً، هو مدى الحاجة الحقيقيّة إلى مثل هذا النوع من التجسّس! بالنظر إلى أمرين:
الأمر الأوّل يتعلّق بواقع منطقة الشرق الأوسط المؤسف، الذي انهارت فيه القيم بشكل كبير، وسقطت المرجعيّات والكوابح، حتى بات من السهل اختراقه واستدراج الكثير من مواطنيه إلى التجسّس لصالح كلّ من يدفع! وهو ما تؤكّده وقائع قضائيّة كثيرة في إيران ومصر ولبنان وفلسطين وغيرها. وفي مثل هذه الوضعيّة قد يكون التجسّس عن طريق البشر أرخص من التجسّس عن طريق الحيتان!
الأمر الثاني يتعلّق بهويّة المرحلة. فنحن نعيش اليوم مرحلة الأشعّة المجهريّة والليزر والأقمار الصناعيّة والرادارات المتطوّرة والمسابر التي ترى من خلف الجدران والأنترنات والهواتف الجوّالة والبطاقات المغناطيسيّة والسكانير والبصمات البيُو إلكترونيّة.
وهي كلّها وسائل صالحة لتكوين «أرشيف» متاح لقراصنة الإعلاميّة المشتغلين لحسابهم الخاصّ، فما بالك بأولئك الذين يشتغلون لحساب القطاع العامّ، مثل موظّفي الخارجيّة الأمريكيّة مثلاً، التي تقول التسريبات الأخيرة (إذا صحّت) إنّهم طُولِبوا رسميًّا بتجميع «معطيات» كلّ الديبلوماسيّين الذين يتعاملون معهم، دون استثناء ديبلوماسيّي الدول الصديقة!
يبدو العالم في سياق هذا كلّه شبيهًا بالأكواريوم الكبير المؤثّث بالنباتات التكنولوجيّة، حيث نعيش ونموت شبيهين بأسماك حمراء لا يخفى من تفاصيل حياتها شيء على من يملك الفضول الكافي للفرجة والاطّلاع.
في ضوء هذا كلّه: ما الحاجة إلى أسماك القرش لمحاربة الأسماك الحمراء؟! وما الحاجة إلى دحض أو تأكيد «نظريّة المؤامرة»، إذا كنّا نعيش مرحلة «نظريّة الأكواريوم»؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.