"يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" صدق الله العظيم باريس في 15 مايو 2010 من أحمد بالنور مساعد وزير الداخلية سابقاً إلى السيد مدير تحرير "دنيا الوطن" فقد اطلعت بكل استغراب وأسف على ما جاء في مقال المدعو "خالد وناس" من تونس في عددكم الصادر في 2 أفريل 2010 تحت عنوان "مسؤول أمني تونسي سابق يلعب دور المخبر للموساد" وتبعاً لحقي في الرد على هذه الاتهامات رجائي نشر مقالي هذا. المؤلم في المقال الذي نشرتموه أن موقعكم فتح الحوار على أساس هذه المعلومات المغلوطة والكاذبة بمشاركة عدد وافر من الأخوة الفلسطينيين وغيرهم وأصبح هذا الحوار بمثابة محاكمة لشخصي والملاحظة الأساسية أن صاحب المقال لم يدل بأية واقعة صحيحة أو بإثباتات للاتهامات التي وجهها إلي مكتفياً بمعلومات عامة استقاها من المخابرات التونسية التي تلقتها بدورها من رئيسها المباشر وهو اللواء بن علي. والكل يعلم ما يكنه هذا الأخير من حقد لشخصي لأنني كنت رئيسه المباشر، سواء في وزارة الدفاع أو في وزارة الداخلية وكنت من القلائل الذين لم يبايعوه بعد خيانته للرئيس بورقيبة والإطاحة به في نوفمبر 1987. ورداً على كل النقاط التي جاءت في المقال المذكور أود أن أشير إلى المعطيات التالية: قضية الشهيد المبحوح لماذا لم يعطنا المدعو خالد وناس اسم الشركة التي يقول إني أملكها من جملة الشركات التي هي ملكي في فرنسا والتي بحسب زعمه قامت بمراقبة مصاعد النزل الذي اغتيل فيه الشهيد المبحوح والتي يقول إنها كانت غطاءًً من أجل مد الموساد بمعلومات إضافية وهو أمر مثير للسخرية وأمر في منتهى الحقارة، لا سيما وأني، ومنذ بداية إقامتي في فرنسا، لم يسبق لي أن أدرت أي شركة من أي نوع ولم يسبق لي القيام بأي نشاط تجاري أو صناعي أو غيره من الأنشطة. ويدّعي صاحب المقال الذي نشرتموه أنه استقى هذه المعلومات من مصادر قريبة من التحقيق، والحال أن المسؤولين عن التحقيق في جريمة اغتيال المبحوح قد كشفوا الحقيقة بما لديهم من معطيات ومعلومات بكل دقة ومسؤولية، ونشرت أسماء وصور المتورطين في هذه الفضيحة على موقع الشرطة الدولية - الإنتربول - في فيفري ومارس 2010. وحتى لا أنجر إلى الرد على مثل هذه السخافات أني توجهت برسالة إلى السيد المدير العام لشرطة دبي الذي زج باسم مؤسسته الأمنية في المقال الذي نشرتموه وحتى يكون على بينة من المغالطات الخطيرة التي تمس سمعة إمارة دبي وشرطتها المحترمة. قضية غارة حمام الشط لقد زعم محرر المقال أني فررت من تونس بعد اكتشاف أمري كعميل للموساد على إثر الغارة الجوية الإسرائيلية على مقر منظمة التحرير الفلسطينية بحمام الشط يوم 1 أكتوبر 1985. فيا لها من مغالطة حقيرة وسخيفة، والحال أنني التحقت منذ سبتمبر 1984 بالعاصمة الإيطالية بعد تعييني سفيراً فيها. ولم أغادر منصبي إلا في جويلية سنة 1986 بعد انتهاء مهمتي. والجدير بالذكر أن المسؤول الأمني الأول أثناء الغارة الإسرائيلية في 1 أكتوبر 1985 كان زين العابدين بن علي. وقد غضت المخابرات التونسية النظر عن الدور الذي قام به "عدنان ياسين" المسئول الفلسطيني كعميل للموساد حيث كان يعمل كمسؤول ثان في السفارة الفلسطينية بتونس منذ سنوات، وهو على علم بكل تحركات المسؤولين الفلسطينيين الداخلية والخارجية.والمعلوم أنه وقع إيقافه من طرف الشرطة التونسية في أوائل التسعينات ، وكان قادما من ألمانيا و حاملا لأجهزة التصنت سلمته إياها الموساد. وبعد بحثه سلمته الشرطة التونسية إلى منظمة التحرير الفلسطينية. وزج باسمي جزافاً لتشويه سمعتي نظراً للحقد الدفين الذي يكنه لي بن علي حسداً منه للسمعة الطيبة التي أتمتع بها لدى القيادة الفلسطينية تقديراً منها لمساهمتي المتواضعة في نصرة القضية الفلسطينية المقدسة. اغتيال أبو جهاد جواباً على هذا الاغتيال الشنيع الذي حدث في أفريل 1988 وأنا مقيم بباريس، يجب الإشارة إلى أن المسافة التي تفصل بين القصر الرئاسي بقرطاج ومنزل الشهيد أبو جهاد بسيدي أبو سعيد لا تتجاوز 1500 متر. إضافة إلى ذلك فقد تعهد زين العابدين بن علي بإجراء تحقيق دقيق حول ظروف وملابسات اغتيال أبو جهاد وبنشر نتائجه إلا أنه إلى حد اليوم لم يقم بالإفصاح عن أية معلومة عن نتائج هذا التحقيق. وللتذكير فإني في تلك الفترة كنت مقيماً في العاصمة الفرنسية باريس. هناك في هذه القضية أسئلة وجب طرحها من قبيل: • من قام بقطع كل الخطوط الهاتفية ليلة الحادثة في الحي الذي يسكنه الشهيد أبو جهاد؟ • ومن قام بعملية التمشيط في شوارع سيدي بو سعيد من أجل إفراغ المكان والتهيئة للعملية؟ • من سحب الشرطي المكلف بحراسة أحد منازل المسؤولين التونسيين المواجه لمنزل أبو جهاد عشية الحادثة؟ من أعطى المخابرات الإسرائيلية نسخة من المخطط الهندسي لمنزل أبو جهاد وأتاح بذلك التدرّب على منزل مشابه في إسرائيل كما أوردت ذلك جريدة معاريف الإسرائيلية في 4 يوليو 1997؟ • فقد ذكرت تلك الجريدة أن العديد من رجال الشرطة التونسية والموظفين السامين التونسيين تواطأوا في القيام بهذه المهمة. وإني لا أريد الانجرار كثيراً في الرد على التهم و التشويه الوارد في المقال والمتعلق بالشبكة اللبنانية وغيرها. من التهم والأراجيف والسخافات على شاكلة الأفلام الهوليودية التي تنم عن انحطاط أخلاقي لا شبيه له. ولقد وقع الاتصال بالمحاكم اللبنانية لوضعها في صورة هذه المغالطات المفضوحة الصادرة عن المخابرات التونسية هادفة من وراء ذلك تشويهي والمس من العدالة اللبنانية المعروفة باستقلاليته و احترافها تصفية الوجود الفلسطيني في تونس وقد استغل زين العابدين بن علي عندما كان وزيراً للداخلية (1986-1987) علاقته المميزة بسعيدة ساسي ابنة أخت الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة لإقناعه بضرورة طرد الفلسطينيين من تونس وفعلاً استدعى بورقيبة الرئيس الراحل أبو عمار والزعيم المرحوم أبو إياد وأعلمهم بقراره القاضي بضرورة مغادرة الجمهورية التونسية. وتبعاً لذلك توجه الزعيمان أبو عمار وأبو إياد إلى الجزائر للاجتماع بالرئيس الشاذلي بن جديد لإعلامه بدقة الوضع ولإيجاد حل لهذه القضية. ولا غرابة أن يسهر بن علي بعد انقلاب نوفمبر على توطيد العلاقة مع إسرائيل سواء كان ذلك في ميدان التعاون الأمني أو الاقتصادي والتجاري في كنف السرية التامة. ويمكنني التأكيد جازماً وبكل فخر أن الفترة التي كنت فيها مسؤولاً عن الأمن لم يتعرض خلالها أي فلسطيني أو أي مسؤول إلى عملية اغتيال وذلك من 1980 إلى 1984. وكل المصائب التي حلت بالفلسطينيين كانت إبان مسؤولية بن علي، سواء على رأس الجهاز الأمني أو كمسئول أول عن النظام، ابتداء من الغارة الإسرائيلية عام 1985 في غرة أكتوبر أو اغتيال القادة أبي جهاد وأبي إياد وأبي الهول جانفي1991. وأؤكد مرة أخرى أن العلاقات مع إسرائيل كانت مفقودة تماماً مدة رئاسة الرئيس الراحل بورقيبة. وبالعودة إلى المقال الذي نشرتموه كان من الأنسب التأكد من صحة المعلومات المغلوطة قبل نشرها وخاصة مما نعلمه من ممارسات بن علي من توظيف القضية الفلسطينية في التهجم على خصومه من المعارضين التونسيين في الداخل والخارج واتهامهم بالعمالة للموساد، وهو الأمر الذي درجت على نشره الصحافة التونسية المأجورة والتي اتهمت المعارضين للنظام من أمثال الوزير الأول السابق محمد المزالي، ومحمد الصياح الوزير السابق ومدير الحزب الدستوري السابق، ومحمد العربي المحجوبي كاتب دولة للداخلية سابقا، والناشط الحقوقي المنصف المرزوقي، والصحفية المعارضة سهام بن سدرين، والصحفي كمال العبيدي، والصحفي سليم بقة وغيرهم كثيرون بمثل هذه التهم التي لا يصدقها أبسط المواطنين التونسيين.والدليل القاطع على تدهور الوضع العام بتونس يكمن في العدد الوافر من مساجين الموجودين بالسجون والذي لا يقل عددهم عن 2000 سجين من سجناء الرأي و عدد المساجين السياسيين السابقين والخاضعين للمراقبة الإدارية اليومية إجبارية لمراكز الشرطة؛ وتقوم ميليشيا خاضعة لأوامر الشرطة باستخدام العنف في الاعتداء على محامين وصحافيين ومناضلين في مجال حقوق الإنسان وعلى أي شخص يُشتبه في أنه معارض للنظام، وتجري هذه الاعتداءات على نحو متكرر في الطرقات العامة. . وبما أن الأمر من أساسه لا أساس له، فالسؤال المطروح هو معرفة الأسباب الحقيقية لمثل هذه التصرفات غير المعتادة والتي أجزم أن محرضها والمشرف عليها وممولها هو رئيس الجمهورية التونسية الذي أتى إلى السلطة من أجل تدعيم القيم الأخلاقية وإنقاذ سمعة تونس وإشعاعها، وبعد أكثر من عشرين سنة من الحكم اكتشف الشعب التونسي والدول الصديقة والشقيقة وكل المراقبين الأجانب أن بن علي، الذي أقر نظاماً بوليسياً جائراً وديكتاتورية اتسمت بالفساد والعبث والسرقات وظلت بعيدة كل البعد عن المدينة الفاضلة التي وعد بها الشعب التونسي، لا يتورع في معاملة معارضيه بكل شراسة، ناهيك عن أن عشرات الشباب ماتوا تحت التعذيب بشهادة المنظمات المختصة في هذا المجال،و التي ما فتئت تصدر تقارير تدين ما يتعرض له الصحافيون ومناضلو حقوق الإنسان من مضايقات ومحاصرة بوليسية دائمة متواصلة. مما أدى برئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية أوباما إلى إدانة النظام التونسي فيما يتعلق عدم وجود حرية للصحافة وللصحافيين. فالنظام التونسي يلجأ إلى هذه الأساليب الرخيصة التي يريد من خلالها تغطية عوراته وفضائحه في الفساد المالي وقضايا المخدرات التي ارتبطت بالعائلة الحاكمة وسرقة البواخر الفاخرة عن طريق التشهير بخصومه واتهامهم بشتى التهم. والغريب في الأمر أن بن علي هو الرئيس الوحيد في العالم العربي الذي يتهم خصومه بالتعامل مع الموساد فهل يا ترى التركيز على التهمة بالموساد هو من أجل تغطية شخص هو نفسه صنيعة الموساد أم أن الرجل مريض نفسانياً ويستحق طبيباً يعالجه من مرض فوبيا الموساد؟! أحمد بالنور http://www.alwatanvoice.com/arabic/content-149310.html Palestine, 15/05/2010