احتضن فضاء المسرح البلدي بالعاصمة ليلة أول أمس، عرضا للفنانة التونسية سنيا مبارك بعنوان «وجد 2» وذلك في إطار الحفلات التي تنظمها إدارة الدورة الأولى لتظاهرة أيام قرطاج الموسيقية. عرض «وجد 2» الذي عرض بنفس الفضاء خلال الدورة المنقضية من مهرجان المدينةبتونس، عرض مميز على كل المستويات. وأبرز كذلك القيمة الفنية للمطربة التونسية سنيا مبارك خاصة على مستوى التلحين. إلا أن ما استفزّ الحضور في هذا الحفل المميز، هو الديكور، حتى بعض الحضور عبروا عن غضبهم مباشرة إثر نهاية العرض، بفضاء المسرح البلدي، واعتبروا الديكور «كافيشانطة» أو كما اعتبر البعض الآخر ديكور علب ليلية، ومطاعم. عن هذا الديكور سألنا السيدة «صوفي بيكار» (Sophie Becquart) الراعية أو الحاضنة للبالي الوطني بمرسيليا (فرنسا). فأجابت بكل استياء «المسرح البلدي بتونس رائع وهو «جوهرة» بالفعل، ومن المؤسف أن ندخل على ركحه تغييرات تسيء لجماله». تسكت محدثتنا قليلا، لتتساءل في حيرة واستياء: «ماذا فعلوا بالمسرح؟!». ثم تسكت محدثتنا مرّة أخرى لتواصل حديثها: «أنا عشت 4 سنوات في تونس قبل تحوّل السابع من نوفمبر. وها إني عدت وكلّي شوق لسماع الأغاني التونسية الجميلة، وشكرا لسنيا مبارك التي أمتعتنا بأغانيها هذه الليلة، لكن الفرجة أفسدها الديكور».. وتقريبا، أغلب الحضور، عبروا في الكواليس، كما في قاعة العرض، عن استيائهم الكبير من الديكور، رغم نجاح الحفل على المستوى الفني. إذن الديكور مثل النقطة السوداء في عرض الفنانة سنيا مبارك، وهذا لا شك فيه، لكنه أيضا سيظل النقطة السوداء لعروض المهرجان إذا لم يقع تغييره. وقد كانت الفنانة سنيا مبارك ديبلوماسية في حديثها عن الديكور لما سئلت من قبل بعض الحاضرين عن هذا الموضوع واعتبرت الديكور خارجا عن نطاقها، ولا يخص عرضها فحسب، لكنها تمنعت بطريقتها عن إبداء رأيها في هذا الديكور. «وجد 2» ولئن كان الديكور مصدر استياء في عرض الفنانة سنيا مبارك ليلة أول أمس، فإن عرضها «وجد 2» كان مميزا، عرض مسيقي إنشادي، هو في الواقع، امتداد لتجربة أولى قدمتها المطربة سنيا مبارك سنة 2004، تضمنت مجموعة من الأشعار الصوفية والابتهالات الدينية. وفي عرضها ليلة أول أمس قدمت مديرة آخر دورة من مهرجان الموسيقى التونسية مجموعة من القصائد، والوصلات التي أبدعت في أدائها وفي تلحين بعضها على غرار قصيد «قصدت بابك» و«أنت في الموضع البعيد قريب» و«ما العشق إلا كلام اللّه» بالإضافة إلى قصائد قديمة ومنها «قصدي أنظر» و«مرحبا بطه» للشيخ العروسي بن خميس التركي، الذي غنّت له كذلك «قد أشرق البدر المنير» و«النبي ومشاله». «سنيا مبارك» قدمت عرضا مميزا، وهي التي ما فتئت تثبت في كل عرض تقدمه أنها فنانة مميزة لا يمكن تصنيفها إلا ضمن الكبار، لأنها رغم تدهور الساحة الفنية على الصعيد العربي، شددت على اختياراتها الراقية ولم تنزل إلى الأغاني الهابطة. فضلا عن كونها مؤدية من الطراز الرفيع تتميز بصوت جميل وقوي، وهي كذلك أكاديمية عززت تجربتها الفنية بمعرفتها واطلاعها الكبيرين في مجال الموسيقى.