أخبار تونس – أحيت الفنانة التونسية سنيا مبارك عرضا غنائيا ساهرا في فضاء المسرح البلدي بالعاصمة ليلة الإربعاء 19 جانفي 2010 بعنوان “غارسيا لوركا وغرناطته” تكريما للشاعر الإسباني الكبير فريديريكو غارسيا لوركا ومدينته غرناطة ضاربة الجذور في الإرث الأندلسي. ويندرج هذا العرض الموسيقي في إطار النشاطات الثقافية التي تتزامن مع ترأس إسبانيا للإتحاد الأوروبي كما ينسجم مع التمشي الابداعي الذي يقوم على التبادل والانفتاح على فضاء المتوسط الثقافي منذ عدة سنوات، حيث كانت البداية بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات سنة 1990 من خلال عرض موسيقي “بلا حدود” ثم عرض “رحلة المتوسط” سنة 2006 ضمن مهرجان قرطاج الدولي وفي ديسمبر 2008 بمناسبة اختتام السنة الوطنية للترجمة في تونس. ورافق سنيا مبارك في عرض “غارسيا لوركا وغرناطته” مجموعة من خيرة العازفين وهم سليم الجزيري على آلة القانون ورمزي مبروك على آلة البيانو ومحمد الغربي كعازف كمنجة ومعز كعباشي على آلة “القيتار باس” ولطفي صوة وعمر عدالة على آلات الإيقاع. كما سجل عازف القيتارة الاسباني مانوال دلغادو مارتينيز حضوه خلال هذا العرض وهو عازف مختص في موسيقى الكاتيخوندو وكان قد رافق الفنانة سنيا مبارك في جولتها في حوض المتوسط من أجل أداء الطابع المميز للموسيقى الاسبانية. وافتتح مدير المركز الثقافي “سرفانتس” بتونس السيد كارلوس فارونا العرض بقراءة قصيدة قصيرة للشاعر الإسباني “أنطونيو ماتشادو” الذي لقي نفس مصير غارسيا لوركا مقتولا غيلة في حمى الحرب الأهلية الاسبانية في ثلاثينيات القرن الماضي. واستهلت الفنانة سنيا مبارك عرض “غارسيا لوركا وغرناطته” بأغنية “جادك الغيث” عن نص للشاعر العربي الاندلسي ابن الخطيب وتلحين المؤلف الموسيقي الطاهر القيزاني، لتعود بجمهور المسرح البلدي إلى عصر المجد الاندلسي في شبه الجزيرة الايبيرية حيث شهدت تلك الفترة تطور مجالات عديدة من الفنون والآداب والعلوم لا سيما الشعر والموسيقى والغناء. ثم غنت الفنانة سنيا مبارك عديد الأغاني المتميزة وهي في الأصل قصائد لشعراء عرب معاصرين مثل “في مدخل الحمراء” لنزار قباني و”ما أحلى ليالي اشبيلية” للهادي العبيدي و”حبي يتبدل يتجدد” لعلي الدوعاجي” و”العهد هلم نجدّده” لمصطفى خريف و”سمفونية الليل” لخالد الوغلاني ومقطع من قصيد “الحرف الشهيد” لعبد العزيز قاسم. كما أفردت الفنانة سنيا مبارك حيزا كبيرا لأداء بعض قصائد فريديريكو غارسيا لوركا مثل “الأنهار الثلاثة” و”النشيد الجنائزي” و”الغيثارة” و”غزالة الحب المئوي” و”في الخامسة بعد الظهر” وجل هذه القصائد لحنتها الفنانة سنيا مبارك. وتضمن العرض أغاني شعبية حافظت سنيا مبارك على لهجتها المحلية وأدتها باللغة الاسبانية مما أضفى على العرض طابعا خاصا، خاصة عندما اكتفى أعضاء الفرقة الموسيقية بتوقيع الغناء بالتصفيق في نسق سريع بنفس الطريقة التي تؤدى بها هذه الاغاني إلى اليوم في اسبانيا ومنطقة الاندلس تحديدا وهذه الأغاني هي: nana de sevilla وel cafe de chinitas وla tarara وsevillas del siglo xvii . واستحوذت سنيا مبارك على قلوب الحاضرين خاصة خلال أداء قصيد “في الخامسة بعد الظهر” وأمتعت الجمهور الحاضر بإدخال مدلول آخر جديد للشجن في الغناء العربي الذي يتطابق إلى حد كبير مع تعبيرات الألم والفرح والحب والحنان في الموسيقى الأندلسية. وكانت سنيا مبارك قد شرعت في اعداد هذا المشروع الموسيقي منذ ستة أشهر بعد أن قامت بجولة متوسطية ناجحة وهي تسعى في ذلك إلى المحافظة على فكرة “التخت” الموسيقي العربي المتكامل مما جعلها تستعيد الأنغام المنسجمة والحميمية لتلك الحقبة الزاهية من تاريخ الاندلس وروح العصر الأندلسي وإيقاع عدة أجيال تداوالت على الابداع والعطاء المثمر. وعقب انتهاء الحفل أدلت الفنانة سنيا مبارك ل “أخبار تونس” بتصريح عبرت فيه عن شكرها لمجهود فريق متكامل سهر على عرض “غارسيا لوركا وغرناطته” الذي حاول أن ينقل رؤية خاصة في الغناء تسعى لتطوير الموسيقات وجعلها في خدمة الشعوب وفي بناء روح السلام والحب. وتأمل الفنانة سنيا مبارك أن يتواصل تقديم هذا العرض في عديد البلدان في حوض المتوسط وفي الاقطار الأوروبية وخاصة في منطقة “الأندلس” الإسبانية...