عميد المحامين: ليست للهيئة حسابات سياسية    النواب يحتجون    موعد معرض سوسة الدولي    السفن تتجمّع في المياه الإقليمية استعدادا للانطلاق: أسطول الصمود يبدأ رحلة التحدّي    قمّة الدوحة...خيبة أمل جديدة للعرب    طقس الليلة    بعد الاحتفاظ بمنفذ السطو على بنك ببومهل...بنوك بلا حراسة ولا كاميرات رغم السرقات ؟    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية (AVC)    «قمة الدوحة»... دعم مطلق لقطر ضد العدوان    قيس سعيّد: التعليم حقّ مقدّس لا يخضع للإملاءات    وزارة التجارة: الانطلاق في تنفيذ برنامج خصوصي للمراقبة المشتركة عبر الطرقات    تونس تعزز حضورها في السوق السياحية الصينية مع تزايد إقبال السياح الصينيين على الوجهة التونسية    مجلس الجهات لاتحاد الفلاحة يدعو الى توفير الاسمدة وجدولة الديون والاستعداد لموسم تحويل الزيتون    توننداكس يدرك مستوى 12 الف و 154 نقطة مع إغلاق حصة الإثنين    عاجل: تعرّف على العطل المدرسية للثلاثي الأول    محرز الغنوشي:''ليلة تسكت فيها المكيفات''    وداع المدرسة: كيفاش نخليوا أولادنا يبداو نهارهم دون خوف؟    وزيرة الأسرة تفتح أبواب مستقبل الأطفال... شوف التفاصيل!    عاجل: وزارة الداخلية توقف أبرز المضاربين وتحرر محاضر عدلية..شنيا لحكاية؟!    تونس/اليابان: جناح تونس ب"إكسبو 2025 أوساكا"يستقبل أكثر من 500 ألف زائر    عاجل: الرابطة المحترفة الأولى تعلن تغيير مواعيد المباريات...شوف كيفاش    رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم معز الناصري رئيسا للجنة الاستئناف بالاتحاد العربي لكرة القدم    كافة أسلاك التربية ينفذون الاربعاء 17 سبتمبر 2025 وقفة احتجاجية بساعتين داخل المؤسسات التربوية وأمام المندوبيات الجهوية    عاجل و مهم : ابتكار طبي جديد لعلاج الكسور في 3 دقائق    في بالك تفاحة وحدة في النهار.. تقوي قلبك وتنظّم وزنك!    زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط قبالة السواحل المالطية    سيدي بوزيد: أكثر من 105 الاف تلميذ وتلميذة يلتحقون بمقاعد الدراسة    مهندسون تونسيون يطورون جهازا للتحليل الطبي عن بعد    اعتقال مديرة مكتب وزيرة إسرائيلية في فضيحة فساد ومخدرات    الرابطة الثانية: تعديل في برنامج مواجهات الجولة الإفتتاحية    بطولة العالم لألعاب القوى: مروى بوزياني تبلغ نهائي سباق 3000 متر موانع    كأس إفريقيا للأمم لكرة اليد أكابر: المنتخب الوطني في تربص اعدادي بقرمبالية من 15 الى 19 سبتمبر    شركة نقل تونس توفّر 140 حافلة و68 عربة بالشبكة الحديدية بمناسبة العودة المدرسية..    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك تطلب الحكومة بسحب تراخيص العلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني.. #خبر_عاجل    عشرات الجرحى والشهداء في غارات للجيش الصهيوني على قطاع غزة    تونس تحرز ميدالية فضية في البطولة العربية للمنتخبات لكرة الطاولة    البطولة الإسبانية : برشلونة يفوز على فالنسيا 6-صفر    كفاش تتعامل العائلة مع نفسية التلميذ في أول يوم دراسة؟    سوسة: تسجيل 14 مخالفة خلال عملية مراقبة اقتصادية مشتركة    عاجل/ الكشف عن الأسرار المظلمة.. من وراء اغتيال الناشط الأمريكي "شارلي كيرك"؟    عاجل/ وفاة عامل وإصابة آخريْن في حادث بمصنع في هذه الجهة..وهذه التفاصيل..    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    بطولة سانت تروبي للتنس: معز الشرقي يستهل مشواره بملاقاة المصنف 175 عالميا    من حريق الأقصى إلى هجوم الدوحة.. تساؤلات حول جدوى القمم الإسلامية الطارئة    من مملكة النمل إلى هند رجب ...السينما التونسية والقضية الفلسطينية... حكاية نضال    "دار الكاملة" بالمرسى تفتح أبوابها للجمهور يومي 20 و 21 سبتمبر    سوق المحرس العتيق...نبض المدينة وروح التاريخ    اختتام الأسبوع الأول من مهرجان سينما جات بطبرقة    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مدنين: غدا افتتاح السنة التكوينية الجديدة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة ببعث اختصاص جديد في وكالات الاسفار وفضاء للمرطبات والخبازة    ينطلق غدا: تونس ضيفة شرف الدورة الثانية لمهرجان بغداد السينمائي الدولي    ارتفاع طفيف في الحرارة يوم الأحد والبحر قليل الاضطراب    من قياس الأثر إلى صنع القرار: ورشة عمل حول تنفيذ مؤشرات الثقافة 2030 لليونسكو    أبراج باش يضرب معاها الحظ بعد نص سبتمبر 2025... إنت منهم؟    وزارة الصحة تطلق خطة وطنية للتكفل بمرضى الجلطة الدماغية    وزارة الصحة تحذر    خطبة الجمعة .. مكانة العلم في الإسلام    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشائيات: من ذكريات الرحباني 4
نشر في الشروق يوم 24 - 12 - 2010

أواخر الأربعينات توسعت شهرة الرحباني وبدأ المستمعون يتابعون أعمالهما بشغف، وشهدت تلك الفترة لقاء متميزاً سيغير حياة عاصي الرحباني، كانت صبية صغيرة ترد الاذاعة لتغني الأناشيد مع فرقة فليفل، وذات يوم سمع حليم الرومي غناءها المنفرد فأعجبه صوتها، ورأى فيها مستقبلاً مهماً، واستدعى عاصي في مكتبه بالاذاعة اللبنانية قائلاً: عندنا صبية جديدة اسمها نهاد حداد ذات صوت خارق، ما رأيك أن تتعاون معها في أركانك؟ وهكذا كان، وخيرها حليم الرومي بين اسمين فنيين «فيروز أو شهرزاد» فاختارت فيروز. ومن ذلك التاريخ 1949 بدأت العلاقة المهنية بين عاصي ونهاد، وأول أغنية لحنها لها كانت «حيدا ياغروب» ولم يكن سبقها الى الشهرة من الاذاعة الا صباح ونجاح سلام وسعاد محمد.
من الناس من يجيئون متوجين من الاطلالة الأولى، هكذا جاءت فيروز، ذات الصوت المتفرد، انضمت الى الأخوين ليصبح الهرم مثلثاً، وراح صوتها يخترق الوجدان العاطفي، وأخذ في لا وعي سامعيه يرسي الأفكار التي يحملها، كانت فيروز هي الشعلة المنتظرة لاكتمال المسيرة الرحبانية وانطلاقها الى أبعد، وسينعكس حضورها الآسر ايجابياً في ما بعد على الحركة المسرحية الرحبانية. والطريف أن عاصي في تلك المرحلة كان عازفاً سيئاً في فرقة الاذاعة، وكان رؤساؤه ينهرونه ويصرخون في وجهه متذمرين، أمسوا لاحقاً عازفين ثانويين أمامه لدى قيادته الأوركسترا، أو مرددين عاديين في الكورس أو الفرقة التي شكلها الرحابنة.
كان عاصي يدرب فيروز وهي تتأقلم بحسها المرهف الخارق المقتبل المطواع، وتطل بألوان جديدة تغنيها، منها أغنية «عتاب» التي سرت الى اليوم بشكل مذهل:
حاجة تعاتبني يئست من الغياب ومن كثر ما حملتني هالقلب داب
حاجة تعاتبني واذا بدك تروح روح وانا قلبي تعود ع العذاب
وكانت هذه الأغنية ركيزة اساسية في ازدياد شهرة الرحباني وفيروز، وبعد ثلاث سنوات من انتشار أغاني الرحباني وفيروز تناهى بعض منها الى مسمع صبري الشريف رئيس قسم الموسيقى في اذاعة الشرق الأدنى الذي كان مقرها قبرص، ومديرها محمد الغصين، الذي طلب من صبري أن يسافر الى بيروت للقاء هذه الظاهرة الفنية التي يظهر أنها تستحق الاهتمام، جاء صبري والتقى بعاصي ومنصور، اللذين أسمعاه أعمالاً لم يكن سمعها من قبل، ذهل وسألهما: أين درستما الموسيقى؟ اسبانيا؟ ايطاليا؟ أجابا أنهما لم يسافرا خارج لبنان وأنهما درسا الموسيقى على الأب بولس الأشقر، وما زالت دراستهما تتواصل مع برتران روبير. وكان ذلك اللقاء حاسماً لأنه أرخ بدء تعاون مع صبري الشريف استمر حتى بلغ أهم مرحلة مر بها الأخوان رحباني، ولم ينته ذلك اللقاء الا بعدما وقع صبري مع الرحباني اتفاقاً على وضع مجموعة من الأغاني ينفذاها من بيروت ليأخذها ويذيعها من اذاعة الشرق الأدنى للاذاعة العربية، وكانت تديرها وزارة الخارجية البريطانية كشركة مستقلة تذيع برامج وأغنيات «وتمرر» سياستها من خلال النشرات.
وقد كان لصبري الشريف فضل كبير على الموسيقى اللبنانية، وقد عمل جاهداً لنقل مكاتب اذاعة الشرق الأدنى وميزانيتها الضخمة الى بيروت لقناعته بإمكان تحقيق أعمال فنية مهمة انطلاقاً من لبنان.
وفعلاً. فبعد نقل مكاتب الاذاعة الى بيروت، احتضن صبري الشريف ثلة من المثقفين موسيقياً، وفرقة «الخمسة» التي اشتهرت والتي تضم: عاصي ومنصور وزكي ناصيف، وتوفيق الباشا وتوفيق سكر. وانطلقت نهضة فنية اتسم بها لبنان، كانت فرقة الخمسة تدعو الناس وتسمعهم أعمالاً جديدة، وأصدر توفيق الباشا «موشح اسقي العطاش» وقصيدة «ولد الهدى» ولحن زكي ناصيف حوارية «هو وهي» وغناها مع فيروز،
وانطلقت المجموعة بانتاج أعمال فنية اذاعية قدمت بعضها على مسارح أنطلياس، أغان فلكلورية مثل «بو فارس عندو جنينة ع كتف العين تفاحاتا يا عيني تعبي العين» اسكتسات «بو فارس وسبع ومخول» اشترك فيها عاصي ومنصور وفيلمون وهبي ونصري شمس الدين وسعاد هاشم وعفيف رضوان «ومن أجمل المسرحيات الأولى «الموسم الأزرق» مع عاصي وصباح، و«عروس المواسم» فيروز ووديع الصافي. كما عالج الألحان الفلكلورية وجعلا منها فلكلوراً أقرب لمتناول العصر، ووضع أغاني حرة مثل «أحبك في صمتي الوارف وفي رفة الهدب الخائف» ووضعوا كلمات بالعربية لأغاني عالمية شائعة كماروشكا وفيردي تونا... وموسيقى جوني قيتار التي غنتها فيروز بالعربية وعزفها منير بشير على العود، وبدآ بتلحين الأغاني الراقصة مثل «بعدنا...عند حماها، بلدتي، وهاي يام العين الكحلا على موسيقى الجاز. وفي العالم العربي كانت الموشحات باهتة في تلك الفترة بعد أن أهمل استماعها الناس، فالتفت اليها الرحباني بعد أن حفظاها في الطفولة وأعادا توزيعها وتنويعها وتعديلها، وسجلت بأوركسترا كبيرة مثل «لما بدا يتثنى، وبالذي أسكر من عيني اللمى» وزوروني كل سنة مرة «ويا لور حبك» وصاحبت تلك الموشحات موجة حماس غير عادية في الناس وفي الصحافة حين قدمها الرحباني على مسرح دمشق لاحقاً، مما شجعهما على وضع موشحات جديدة كلاماً ولحناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.