سوف يرتكب العرب الخطأ نفسه، مرّة أخرى في السودان... تماما كما فعلوا مع العراق وفلسطين... وفي كل بؤرة عربية فتحت نار انفصالية... واستعمارية النظام العربي الرسمي قديمه، إبّان النكبة الكبرى التي تعرّضت لها فلسطين، وحديثه أي مع النظام الرسمي الحالي، خلال احتلال الامريكان للعراق، تعامل بلا مبالاة مع قضيتي احتلال عسكري موصوف وبيّن... لا أحد يدري، كيف أمكن للعرب الرسميين في 1948 وفي 2003، أن يتعاطوا مع احتلالي فلسطين والعراق، بكل تلك السلبية، فقد تمثّلت لهم الأحداث في المناسبتين، وكأنها مستجدّات لا تعنيهم... ولا تعني الأمن القومي العربي... رأينا إبّان النكبة الكبرى في فلسطين، سنة 1948، كيف خذل العرب قضية الشعب الفلسطيني، واستسلموا للأمر الواقع، فلا هم تصرّفوا كجيران لفلسطين تأخذهم نخوة الجيرة والجغرافيا، ولا هم تصرّفوا كأهل لفلسطين، تأخذهم الحميّة القومية ونخوة التاريخ والانتماء... المشكل أن العقل العربي الحديث لم يتغيّر عن تلك الصورة، فكان الموعد في 2003 عند احتلال العراق احتلالا عسكريا، فإذا بهم توزّعوا بين الصامت والمتواطئ وربّما الشامّت، ولم نر هبّة عربية، توقظ الضمير الذي خمد منذ زمن، ولتحمي الأمن القومي العربي، الذي بدونه تتحوّل منطقتنا العربية الى ملعب لأسوإ التجارب الاستعمارية البغيظة. اليوم، تتمكّن نفس الأزمة ونفس خيوط الهيمنة من السودان، وهي لعبة تهدف الى تقسيمه وفصل شماله عن جنوبه... ذلك أن الاجندة الصهيونية الامريكية اليوم، لم تعد تسمح بوجود بلدان كبرى مساحة وثروات وموارد بشرية على طريقة السودان ومصر... والقائمة تطول... سوف يندم العرب مرّة أخرى، لا محالة، ولكن حين لا ينفع الندم... السودان مقبل على كارثة، لا يقدّر خطورتها العرب... وسوف يتملّكهم النّدم بعد حين... لأنهم على رسم أجندة سياسية غير قادرين...