أحبّك يا شعبي ان تكون قويا، بقوانين قوية، وشريعة سمحة، «لا تعتدو إن الله لا يحبّ المعتدين» (البقرة 190) «لا تكونو إمّعة تقولون إن أحسن الناس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا فلا تظلموا» (حديث نبوي) «تعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» (المائدة 2). إذا كان «باسكال» من غير أمتنا يقول: »الخروج من الاعتدال انتهاك لحرمة الانسانية وإنما تعرف عظمة النفس الانسانية بقدرتها على الاعتدال لا قدرتها على التجاوز» وقرآننا يفيدنا بما اختاره الله لنا «وكذلك جعلناكم أمّة وسطا» (البقرة 143) وخاتم المرسلين صلى الله عليه وسلّم يؤكد «خير الأمور أوسطها» فمن الطبيعي أننا ننحرف عن جوهر إنسانيتنا إن تجاوزنا الاعتدال. ومن قواعد الاعتدال كما أفادنا الرسول عليه الصلاة والسلام «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» و«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه» وكما وجّهنا خالقنا ربّ العالمين «أحسن كما أحسن اللّه إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن اللّه لا يحبّ المفسدين» (القصص آية 77). «لا تستوي الحسنة ولا السيّئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم» (فصلت آية 34). لقد أرشدنا رسول أمتنا «إذا أردت أن تفعل أمرا فتدبّر عاقبته فإن كان خيرا فأمضه، وإن كان شرّا فانته» قال الإمام محمد عبده «من أكبر التّقوى السّعي في مصلحة الأمّة ونفع النّاس» وفي المثل «الطبيب الكيّس يعالج جرحه بنفسه» لأنه يفقه الدّاء والدواء. أحبّك يا شعبي أن تكون عاقلا، ترحم أطفالنا، وتحافظ على شبابنا الطيب الأبيّ، وتوقّر كبيرنا وخبرته. لقد نصحنا علي بن أبي طالب «لا تعطوا الحكمة لغير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم». كفانا صراعا عن المسؤوليات وحبّ الذّات، قال الشاعر: «الناس للنّاس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم» وقال أفلاطون «نحن لم نولد من أجل أنفسنا بل من أجل وطننا» وبمضمون المثل «الوطن للمواطنين أمّ مشتركة». اتركوا للشباب «أمرهم شورى بينهم» (الشورى آية 38). ليكن في ذهن الجميع أن «الفقر والحبّ لا يجتمعان» اتركوا الأمل للشباب لأن «أفقر النّاس من ليس له أمل» فالأمل أساس الحياة ومن الحكم «في الشباب قوّة وفي المشيب حكمة» الأمل هو المشجع الأول الذي يدفعنا إلى الأمام فهو الذي يردّد في أسماعنا دائما الخير في الغد. ليكن في باطن كلّ من يتحمّل مسؤولية أن القاعدة الأساسية التي أفادنا بها خاتم المرسلين «جبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها وبغض من أساء إليها». فلا تسيئوا إلى وطنكم العظيم. واتركوا لشعبكم الأبيّ يختار بتروّ وتؤدة من يقوده إلى الحقّ، والخير، والعدل، والتّوادّ، والبرّ «عليك بالبرّ فإن صاحب البرّ يعجبه أن يكون الناس بخير وفي خصب» (حديث نبوي). رحم اللّه رحمة واسعة ضحايا الافتتان ورحم الشابّ محمد البوعزيزي رحمة واسعة ورزقهم اللّه فراديس الجنان.