تمّ الاختيار على القاضي فرحات الراجحي على رأس وزارة الداخلية في التشكيلة الجديدة للحكومة الوقتية وهو منصب يعدّ بلا شك من أخطر المناصب الحكومية في حالة من الاحتجاج التي سادت الشارع التونسي وتململ الجهاز الأمني والمطالبة ببعث نقابة لأعوان الأمن صلب الاتحاد العام التونسي للشغل. والقاضي فرحات الراجحي، هو واحد من القضاة الذين كانوا ضحية النقل التعسفية بسبب آرائه واجتهاداته القضائية والقانونية التي لم تكن تروق للمسؤولين في وزارة العدل. الرجل أقيل من منصبه سنة 2008 كوكيل عام لدى محكمة الاستئناف بنابل بسبب جرأته في تشخيص الواقع القضائي وتصديه لبعض محاولات التدخل في القضايا خاصة في جهة الحمامات. ونقل بمثل خطته الى محكمة الاستئناف ببنزرت ليقضي فيها سنة واحدة، لكنه استمر على تشبثه بمواقفه وجرأته في التعاطي مع الشأن القضائي. لكن الادارة القضائية لم تمنحه الوقت الكافي لتكريس اجتهاداته القضائية فطالته مرة أخرى «ماكينة» التأديب فأقيل مرة أخرى من خطته ليعين سنة 2010 في احدى الدوائر الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس. يحظى فرحات الراجحي بثقة زملائه القضاة واحترام المحامين على اختلاف أطيافهم السياسية ولم تمنعه النقل التأديبية من الاصرار على أسلوبه الجريء في التعاطي مع الشأن القضائي معوّلا في ذلك على سعة اطلاعه على القانون الجزائي التونسي وكذلك المنظومة الجزائية المقارنة. بقي أن نشير الى أن وزارة الداخلية لم تشهد من قبل تعيين قاض على رأسها وأصبحت تضم حاليا قاضيين وهما الوزير الجديد والسيد طارق بنور رئيس التفقدية العليا لقوات الأمن الداخلي والديوانة الذي كان وكيلا للجمهورية لدى المحكمة الابتدائية ببنزرت ورئيسا لجمعية القضاة التونسيين وكانت وزارة الداخلية قبل سنة من الآن تضم قاضيا ثالثا وهو السيد عبد الستار بنور الذي كان مديرا للأمن الوطني الذي أقيل من منصبه ليلحق بديوان وزير العدل مكلفا بمأمورية. وقد حاول النظام السابق الاستعانة بالقضاة في بعض المؤسسات والهيئات الوطنية على خلفية ما لديهم من اطلاع واسع على المنظومة القانونية التونسية وما يُعرف عنهم من حرص على تطبيق القانون ليتخلى عن هذا التمشي بعد تقييم أثبت عدم تمكنهم من السيطرة على الجانب الأمني وهو ما حصل مع القاضي رضا بوبكر الذي عُين على رأس الادارة العامة للسجون والاصلاح وأقيل منها بعد ذلك على اثر حصول عملية هروب جماعية من السجن المدني بالكاف.