البارحة احتفلنا بالشهر الأول لسقوط الطاغية بن علي الذي تزامن مع احتفال العالم بعيد الحب. عيد الحب، ليس معناه أن نحتفل به مع حبيبتنا أو زوجتنا... عيد الحب في معناه الحقيقي هو أن نحتفل بكل شخص او شيء نحبه كالأم، الأخت، الأخ، الصديق، الصديقة، الجار... والوطن. إننا ننتمي الى أوطاننا مثلما ننتمي الى أمهاتنا، فجميعنا نحب وطننا ونفخر كل الفخر بكوننا تونسيين الا أن القليلين منا يعرفون جيدا كيف يحبون وطنهم!! حب الوطن هو تصرّف حضاري واخلاقي وليس بكلمة تعبير... أن تحب وطنك لا يعني ذلك ان تتجول في الطرقات رافعا علمه، ولا يعني ذلك ان تصرخ معلنا حبك له. حبك لوطنك يبدأ من حبك لذاتك، وحبك لذاتك سيقودك حتما الى التميز الذي به يتميز وطنك. إن أردت أن تحب وطنك بصدق فاسعى لأن تكون ممثلا له بأخلاقك الرفيعة أينما كانت، عبّر عن ذلك الحب بأفعالك لا بأقوالك، فالوطنية خدمة وتضحية لا كلمات جوفاء ولا خطب رنانة، انسج اسمه بنجاحك على صفحات التاريخ، ابن له مستقبلا مشرقا مثلما بنى لك حاضرك وذكرياتك، كن عنصرا فعالا في مسرحيته وحاول تسخير كل قدراتك لانجاحها ولا تكن في صفوف المتفرجين، المخربين لها. إن أردت أن تحب وطنك بحق فكن خير ممثل له داخل حدوده وخارجها. حبك له لا يعني تعاليك على غيره، بل يعني أن تكون قادرا على نقش محبته في قلوب الجميع دون ان يشعروا. احتويه مثلما احتواك ودعه يعيش فيك مثلما عشت أنت فيه. اجعل منه مدينة صغيرة داخلك، اهتم بها وحافظ عليها كما روحك فلطالما اهتم هو فيك وحافظ عليك كما لو أنك قلبه النابض. لسنا مجتمعا ملائكيا أو مجتمعا مثاليا وبالتأكيد لا يوجد مجتمع يخلو من الأخطاء فالكمال & سبحانه وتعالى وحده، لكن إيجابيات وطننا ومحاسنه كثيرة قياسا ببعض السلبيات هنا وهناك، وعلينا أن نعلم أن ما يجري حولنا من متغيرات يتطلب منا أن نكون على قلب واحد وأن نحتمي بدفء الوطن ورايته وقيادته الموجودة حاليا وأن لا نفسح للاخرين مجالات يستغلوننا من خلاله، لتكن هذه دعوة الى حب الوطن بطريقة مختلفة، طريقة ربما تكون جديدة على البعض، الا أنها بالتأكيد ليست صعبة ولم يتأخر الوقت لتجعل وطنك يفخر بك مثلما تفخر أنت به أينما كنت وفي أي وقت. كن مرآة تعكس جماله وروعته في عين وقلب كل من ينظر اليها، تذكر أخي المواطن دوما ان حب الوطن فعلا أكثر منه قولا، عملا وليس شعارا، بناء وليس ادعاء. فلنحب وطننا بالطريقة الصحيحة... وكل عام وتونس حبيبتنا.