تونس «الشروق»: تهاطلت على لجنة مقاومة الفساد والرشوة منذ انطلاق نشاطها قبل أسبوعين والى غاية عشية الخميس 17 فيفري أكثر من 3300 وثيقة «تدين» الفساد... «عدد منها خارج اختصاص اللجنة» وفقا لما قاله عبد الفتاح عمر رئيس اللجنة لدى اشرافه صباح أمس على ندوة صحفية انعقدت بمقر اللجنة بالعاصمة. كما قال المتحدث باسم اللجنة انه تم اعطاء الأولوية لملفات الرئاسة وتأجيل ملفات أخرى منها ملفات التجمع «نظرا للعامل الزمني»... وأنه وارد جدا احداث مكاتب للجنة في الجهات للقطع مع مركزية التقصي. تفيد النتائج الأولية لحوالي 100 ملف فساد تم طرحها في ملفات الرئاسة سواء عن طريق وثائق أو عن طريق الاستماع الى عدد من المسؤولين القدامى أن «عصى» قيادة الدولة كانت بيد الرئيس السابق بن علي دون سواه... فالوزراء كانوا مبعدين عن القرار ومغيبين تماما... اذ قال عبد الفتاح عمر ان «الملحوظة الأولى عن تلك الملفات تؤكد أن طريقة الحكم لم تكن رئاسية ولا رئاسوية، بل اتضح جليا أنها كانت طريق كليانية جمع فيها بن علي كل جزئيات القيادة بما فيها توليه كافة السلطات وكل القرارات سواء تعلقت بالسيادة أو اسناد الرخص واللزمات وحتى تراخيص دخول سيارات لا تستجيب لشروط التوريد». كمال قال عمر ان ما أكدته ملفات الرئاسة الى حد الآن يصب في خانة الفراغ المؤسساتي. وقال أيضا ان اللجنة سألت الوزراء السابقين عن عدم تقديم استقالاتهم بعد حصول تجاوزات على سلطتهم فأكدوا أنه لا أحد يتجرأ على ذلك كما لا يتجرأ أحد منهم على تنبيه بن علي للتجاوزات فقط لأن «لا وزير يضمن وصوله لمكتبه في حال نطق بكلمة واحدة». وامتنع عمر عن ذكر أسماء الوزراء الذين تم الاستماع اليهم. هل هي تبرئة؟ وردا على استفسار «الشروق» حول مدى الاستماع الى وزراء «قدامى جدد» يتولون اليوم ذات الحقائب الوزارية في الحكومة الانتقالية بعد أن تولوها في نظام بن علي وهم محمد الغنوشي الوزير الأول وعفيف شلبي وزير الصناعة ومحمد النوري الجويني وزير التنمية وما إن كان التأكيد على ديكتاتورية سلطة القرار لدى بن علي نوعا من التبييض لصورتهم. عبد الفتاح عمر لم نستمع بعد لأي وزير من وزراء النظام السابق من يتولون مهمة وزارية حاليا في الحكومة المؤقتة لكن كل شيء وارد حسب قوله. كما تحدث رئيس لجنة مقاومة الرشوة والفساد عن ملف «فساد» تمويل الحملة الانتخابية عام 2009 اذ تم جمع تبرعات قيمتها 15 مليون دينار منها تبرع بمبلغ قيمته مليون دولار ما يعادل حوالي 1.4 مليون دينار تقدم به رجل أعمال تونسي. مبالغ للسرياطي وللمعارضة ذكر عمر أيضا ان 2.5 مليار دينار مبلغ تبقى من تلك التبرعات تم تسليمه مؤخرا للخزينة العامة للدولة. وقال ان الملفت للانتباه هو اسناد مبالغ هامة لعدد من الأفراد في ظروف مغلقة تراوحت قيمتها بين 300 دينار و6 آلاف دينار. وأضاف أن أربعة مسؤولين في أحزاب معارضة تلقوا نقدا مبالغ مالية قدرها 50 ألف دينار للواحد... ثلاثة منهم تلقوا المبلغ بتاريخ 7 جانفي 2011 ورابعهم تلقى نفس المبلغ يومين قبل هروب بن علي أي يوم 12 جانفي. ويوم 13 جانفي تلقى مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي مبلغا قيمته 500 ألف دينار. وبين عبد الفتاح عمر أن احدى الشركات أعادت للدولة مؤخرا مبالغ قدرها 24 مليارا بعد أن ثبت مخالفتها لعقد بيع مع مؤسسة وطنية وبعد ان تأكد عدم ملاءمة هذا العقد ومخالفته لمبدإ العمل المنجز... علما وأن العقد تم بتدخلات ومراسلات على أعلى مستوى أكدت عدم توازن الطرفين. التخلص من الملفات!! عن تهريب الملفات قال عبد الفتاح عمر ان من اعتقد أنه تخلص نهائيا من الملفات التي بحوزته خاطئ وورط نفسه في عملية جنائية لأن لدى اللجنة حلولا كثيرة للوصول لتلك الملفات لعل أبرزها وجود عدد من تلك الملفات لدى عدد مختلف من المؤسسات تماما كما هي مودعة لدى الرئاسة وكلها ملفات يسهل على اللجنة وضع يدها عليها. وأشار الى أن عددا من الفنيين مستعدون لاستنطاق الحواسيب التي جرى فسخ الملفات من على ذاكرتها... ومرتكبي الأخطاء غير قادرين على التهرب من أخطائهم. وأوضح حول ملفات الفساد التي تورط فيها حزب التجمع الدستوري الديمقراطي أن كل الملفات محجوزة لدى اللجنة وستتم دراستها لكن ليس الآن لأنه لا يمكننا في وقت وجيز دراسة كل الملفات». كما قال الأولوية للملفات الكبرى والخطيرة دون اهمال للملفات الصغرى ونحن نعلم أن ذلك سيتطلب منا وقتا طويلا لا نعلم مداه بعد. وأشار الى تورط شخصيات أجنبية في فساد النظام السابق وهم أساسا محرري الكتب التي جملت «قيادة بن علي وزوجته»... فهل تتم ملاحقتهم؟