لا يستقيم الربط بين صخر الماطري وقامة وطنية مديدة مثل محمود الماطري فكأنما المقارنة هنا تتم بين «المهاتما» غاندي وزعيم المافيا الصقلية الذي لا يستحي من المتاجرة بالبشر والحجر. نقول هذا وقد قرأنا رسالة السيدة امال الماطري وهي تتحدث نيابة عنا لتقول مخاطبة صخر الهارب أن الشعب قد أعطاه الثقة لأنه سليل هذه العائلة وعلى هذا الأساس يمكن أن يغفر له... كل مواطن تونسي من بنزرت وحتى أقصى نقطة من تراب تونس يمكن أن يغفر لصخر الماطري سرقة المال العام لكن ما لا يغتفر إطلاقا هو تدمير اثار البلد وتحويل أعمدة القصور والمعابد الرومانية إلى جزء أساسي في مدفأة هذا المواطن الفار. سلوك كهذا ليس تعديا على الشعب التونسي فقط بل هو جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بمرور الزمن وهو يا سيدتي طعنة في قلب الوطن. إن من يسرق اثار تونس ويقتلع تاريخها ويعيث فسادا في الذاكرة الجماعية لا يستحق الرأفة والشفقة وسواء كان صخر من عائلة وطنية أو لم يكن فإن ذلك لا يشرّع العفو في هذه الجريمة كما أن الانتماء لعائلات كافحت من أجل الاستقلال ليس مخصوصا بعائلة الماطري وحدها فمئات العائلات التونسية عبر البلاد ناضلت من أجل الاستقلال واستعادة حرية التونسيين ولم تطالب بأي امتياز لأن الدفاع عن الوطن شرف ومسؤولية. حقا لا يمكن فهم ما فعله صخر الماطري ومن معه ممن عاثوا فسادا في المعالم الأثرية سوى أنه تعبير عن جهل فاضح لا يشرف عائلة الماطري كما أن المسألة بالنسبة لنا كمواطنين تونسيين وكما قلنا آنفا لا تتعلق بالمال العام الذي سرقه وإنما بموضوع أكثر قيمة ورمزية وعمقا هو تاريخ تونس المنهوب والمعتدى عليه. من الممكن أن نتسامح في سرقة المال العام متى استرجعناه باعتباره ملكا لدولة الاستقلال وللشعب التونسي لكن ما لا يمكن أن نتغاضى عنه أو نتسامح فيه هو تدمير إرثنا الحضاري... كثير من التونسيين بكوا يا سيدتي وهم يشاهدون «عليسة» وقد تحولت إلى ديكور في مطبخ ومسبح بيت صخر الماطري.