بقلم : البشير الشيحي (أستاذ مساكن) ان الثورة التي شهدها وطننا العزيز هي ثورة الجماهير الشعبية في كل موقع من أرض تونسنا الحبيبة وليس ثورة أحزاب صمتت دهرا وأرادت الآن أن تحول ثورة الشعب الى شعارات تروج مصالحها، هي ثورة الأشراف الذين ثاروا على كل أشكال القهر والظلم والاستبداد رغبة في استرجاع عبق الحرية المقبور تحت أرجل باعت ضمائرها ومشت في جنازة قيمها ان هذه الثورة التي عشناها هي للشباب والصغار، للكهول والأطفال، للنساء والرجال لتحقيق أحلام الجميع، هي ثورة الفقر إذا صاح وثورة العزم إذا باح وثورة اعتملت في قلب الوطن زمنا وها هي تنور وتكبر وتبشر بميلاد الأمل. لقد كشفت هذه الثورة عن قوة إرادة الشعب المتمسك بمفاهيم الحرية والديمقراطية ما أعظمك يا شعب، ما أروعك يا شهيد، ما أطيب رائحة الأرض وهي تتحول الى نار، الى اعصار كي تعود بعد ذلك الى عطرها ونقائها وبهائها، انما هذه الثورة نسفت كل الوهم والقعود والإحباط وغرست في أعماقنا بوادر نور خالص جديد لم نألفها منذ القدم، ثورة الشعب هي ثورة البسطاء الرافضين تسلط الأثرياء، هي ثورة الشهداء الذين قالوا «لا» في وجوه الجبناء، لن تمروا يا مرتزقة، لن تمروا ياخونة، «أنا حرّ إذن أنا موجود» هكذا ردد كل فرد تشبع بالكرامة والعزة والأنفة، ورفض الانخراط في قائمة الجلادين، «أنا إنسان جديد» جملة تختزل كل القهر الذي تسلط على العباد، كل الظلم الذي مارسه أتباع الورق الأسود، أتباع الجهوية والفوضوية والانتهازية، أما شعبي فهو شعب خط لنا سبيل المقاومة الحرة والانتفاضة الباسلة وهي تأكل كل غصن ضار وتحرق كل يد عميلة، هذه الثورة ثورة الشعب وليست ثورة بعض الأحزاب التي انخرطت في وهم السلطة وأكلت من زادها، تلتقط النوى وتشكر أربابها، هي ثورة شعب تشبع بمحبة الوطن فقدم قائمة من الشهداء اغتسلوا بالدماء وليست ثورة أولئك المتزلفين الذين رفعوا شعارات جوفاء بأكاذيب عمياء ومقالات خرقاء من أجل الحصول على كرسي أثير في قصر الأمير، هناك من رفع شعارا شعبيا ولم يكن وطنيا فراح يوزع المناشير زمن المسيرات يبحث عن لقمة يسدّ بها رمق جوع قديم، اتركوا ثورة الشعب تحلق وتزغرد، دعوها تحلم وتكبر وتنتشي، اتركوا شعبنا يقد ذاكرة الثورة. الشعب توحد يا وطني، الشعب تآلف، تكاتف، تآزر، تشامخ والمجد لك يا وطني، اندفع الشعب يردد صيحات الغضب، نهض من التعب وبكى مدة سنوات، الآن ثار بغضب الثوار اتركوا الشعب بعيدا عن العصبية والجهوية والحزبية لأن التاريخ أعلن أن الشعب قادم من فقير وضعيف وصغير، من مظلوم مقهور وصوت مقبور، رجاء يا سادتي الكرام احرقوا الشعارات وتوحدوا، إيّاكم ان تدوسوا على رايات زفها الشعب للوطن، الآن ولدنا كطائر الفينيق وطلعنا نشدو فوق القمم، الثورة ثورتك يا شعبي وها هي الخضراء شامخة تستقبل النور وتهدي أفراحها للعباد والبلاد.