يستمر قاضي التحقيق بمحكمة الكاف في استجواب المتهمين في قضايا العنف والهجوم على منطقة الشرطة والإقليم وغيرها من التهم المترتبة عن أحداث الفوضى والفلتان الذي عاشته الكاف، بعد أن أطلق سراح عدد من الموقوفين في تلك الأحداث وهو ما أثار استغراب الناس في المدينة. وتفيد مصادر مطلعة أن التهم الموجهة لهؤلاء المتهمين هي الحرق والهدم بمادة انفجارية لأبنية على ملك الدولة وتكوين وفاق للاعتداء على الأشخاص والمشاركة في عصيان مسلح، وتضيف مصادر الشروق أن محاضر الأبحاث الأولية تضم أحد عشر شخصا يتقدمهم المدعو بشير الجلاصي الذي ينسب له التحالف مع آل الطرابلسي وبعض فلول التجمع الدستوري لتكوين عصابة تهاجم الممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى محاولة اغتيال رئيس منطقة الشرطة. أما عن الإفراج عن بعض المتهمين، فقد ذكرت هذه المصادر أنه لا يمكن الاحتفاظ بأحد دون أن تكون التهم الموجهة إليه واضحة، وأن الأبحاث بصدد التقدم لكشف كافة التفاصيل مما يعني العودة إلى إيقاف كل من تثبت ضده تهمة ما، كما دعت هذه المصادر كل من له معلومات حول هذه العصابة بتقديمها إلى المحققين أو أعوان الأمن للمساهمة في كشف تفاصيل ما حدث ووضع حد للنشاط الإجرامي الذي عانى منه سكان المدينة طويلا. مواد كيميائية هذا وراجت في المدة الأخيرة في مدنية الكاف أحاديث عن العثور على مواد كيميائية سامة في مستودع الخردة الذي يملكه «البشير الجلاصي» في أعلى المدينة، كما راجت مخاوف بين الناس حول الاستعمالات الممكنة لهذه المواد التي يقال إنها سامة وقد تسبب مخاطر صحية لا أحد يعرف حدودها. ويبدو أن الحملات التي شنها الجيش الوطني في المدينة قد أدت إلى كشف هذه المواد وهي في شكل حبوب كيميائية ذات لون وردي، ضمن عشرين برميلا حديديا. وتشكو مصادر حقوقية في مدينة الكاف من المخاطر التي تهدد صحة سكان المدينة بسبب هذا المستودع الذي جعله بشير الجلاصي منذ عدة أعوام مأوى للخردة التي يشتريها في صفقات مشبوهة، ذلك أن هذه الخردة التي تحتوي مواد كيميائية سامة تهدد بالتسرب إلى مصادر مياه الشرب خصوصا وهي تقع في أعلى المدينة. وينظر سكان الأحياء الشمالية في الكاف بكثير من الريبة والخوف إلى هذا المستودع الذي لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه بسبب سلطة صاحبه، كما ينظرون بكثير من الغرابة إلى الطائرة الشراعية التي حصل عليها في أحد صفقاته الغامضة والتي ما تزال موجودة في هذا المستودع. دور الجيش وما يزال موضوع هذه المجموعة يشغل أهالي الكاف ويمثل أنموذجا في فهم أسباب الفلتان الأمني الذي يتكرر بين الفينة والأخرى في عدة جهات من البلاد. وفي هذا الصدد، تقول لنا مصادر عسكرية مطلعة إن الجيش الوطني قد بادر إلى إيقاف أعضاء هذه المجموعة في مرة أولى وعلى رأسهم بشير الجلاصي نفسه قبل أن تشهد المدينة تلك الأحداث الكارثية، لكن مسؤولا رفيعا تدخل لإطلاق سراحهم، فكان أن تسلحوا وحصلوا على أموال طائلة لانتداب المنحرفين ونظموا عمليات الهجوم على المباني الحكومية مثل قباضة المالية والبنوك ثم الهجوم على منطقة الشرطة وإحراقها ومحاولة قتل رئيس المنطقة ثم إضرام النار في مقر الإقليم وسرقة الأسلحة النظامية لإغراق المدينة في حمام دم. ويضيف مصدر الشروق أن الجيش قد عاد إلى مواجهة أعضاء هذه المجموعة بعد الأحداث الكارثية في المدينة بالتعاون مع أعوان فرقة الحرس الوطني المختصة. كما يكشف ل«الشروق» أن البشير الجلاصي كان قد حاول المقاومة عندما داهمه أعوان الحرس المعززين بالجيش وبطائرة عسكرية أمنت المكان، لكنه لم يكن يملك أي أمل في الهروب إزاء الأعوان الذين كشفوا عن خبرة كبيرة في مثل هذه العمليات. غير أنه لم يتم حجز أية مخدرات أو أشياء خطيرة لديه. أما العمليات التي تمت لإيقاف الأشخاص الذين يعرفون بقربهم منه، فقد مكنت من حجز أسلحة ومخدرات قليلة لديهم. وتستمر عمليات التحقيق والمتابعة، فيما يعتقد الكثير من أهالي الكاف أن التحقيق الجدي سوف يكشف عن أشياء خطيرة يعود بعضها إلى عدة أعوام حول سرقة المال العام، وحول التحالف الذي يعرفه الجميع بين رموز الإجرام في الكاف وبين العديد من رجال السياسة والمسؤولين.