عقد المعهد العربي لحقوق الانسان صباح أمس بأحد النزل بالعاصمة لقاء حول أهمية مصادقة الحكومة التونسية على معاهدة روما للمحكمة الجنائية الدولية وتأثيرها على المنطقة العربية بحضور مجموعة من القضاة والسيد وليام بايس رئيس تحالف المحكمة الجنائية الدولية بنيويورك، والسيد الطيب البكوش الناطق الرسمي باسم الحكومة المؤقتة والرئيس الشرفي للمعهد العربي لحقوق الانسان الذي أكد أن الحكومة المؤقتة أعلنت خلال مجلس الوزراء المنعقد في الايام الماضية انتماء تونس الى معاهدة روما مضيفا أن ذلك يمثل حدثا تاريخيا وسوف يدفع الدول العربية المتبقية الى المشاركة خاصة وأن عدد الدول المشاركة ضعيف وهي الأردن وجيبوتي وجزر القمور. وقال السيد الطّيب البكوش خلال هذا اللقاء إن هذه القضية هامة جدا وهي التي تعثّرت الدول العربية في المصادقة عليها. وعن تاريخ هذه المحكمة صرّح الناطق الرسمي باسم الحكومة المؤقتة أن عمرها 10 سنوات وهي فترة هامة على حد تعبيره كما أنها تعدّ امتدادا لتجارب سابقة لكن في ظرفية وفترات محدّدة في الزمن مضيفا أن هذه المحكمة هي مكسب هام للبشرية ومن أهمّها حقوق الانسان، ومن مشاغل حركة حقوق الانسان أن تنجح هذه المحكمة وأن تحظى بالمصداقية الكافية... وفي نفس السياق تحدّث السيد الطيب البكوش عن المسؤولية المشتركة بين المنظّمة الأممية و«المحكمة» متمنيا أن تكون جديرة بالثقة حتى لا يفلت أي مجرم حرب من العقاب «مؤكدا ان هذه المحكمة الجنائية الدولية تعد قفزة نوعية بالنسبة للحركة الحقوقية والعدالة العالمية لذلك لابد من دعمها ونقدها عند الاقتضاء». كما تحدّث الرئيس الشرفي للمعهد العربي لحقوق الانسان عن العدد الهائل من الملفات التي ستقدّم الى هذه المحكمة لأن الدكتاتورية في البلاد العربية لا يمكن حصرها على حد تعبيره. «لا افلات من العقاب» ومن جانبه تحدّث السيد وليام بايس عن أهميّة تعويض الدكتاتوريات بالدستوريات وأن المحكمة الدولية سوف تعمل على شعار «لا افلات من العقاب» مضيفا أن ثورة تونس انطلقت من الشعب ولم تتأت من قوى أجنبية وهو ما يدفع هذا الشعب الى الانطلاق من جديد وخاصة دعم هذه المحكمة من أجل مكافحة الافلات من العقاب، مؤكدا أن الحكومة التونسية حصلت على فرصة سانحة لتحقيق العدالة. وقد تحدّث السيد وليام بايس خلال هذا اللقاء على أهمية قرار المصادقة على معاهدة روما لتكون هذه هي البداية من أجل حقوق الانسان والتاريخ يذكر هذا البلد على حد تعبيره. قصور وعن نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية تحدّثت السيدة سارة حنفي، عن التجارب التي سبقتها في المكان والزمان وفي فترة غير بعيدة مضيفة أن عدد الدول الأعضاء هم 114 دولة وهو عدد هام لكن هنا كقصور من الدول العربية حسب رأيها. كما اعتبرت أن هذه المسألة هي سابقة تاريخية كبيرة مؤكدة على ضرورة انشاء هيكل قضائي مستقلّ وهو متكوّن من قضاة يقع انتخابهم لمدّة 9 سنوات غير قابلة للتجديد وتحت شعار النظام والنزاهة والحياد والاستقلالية... وعن طرق عمل المحكمة تحدّثت الدكتورة سارّة حنفي عن مجموعة من الاختصاصات لعل أهمّها ممارسة المحكمة طرق التعهد وذلك من خلال اثارة المسألة من قبل المدّعي العام وامكانية الاحالة من قبل مجلس الأمن. «كما يضع النظام شروطا» تقول الدكتورة حنفي حيث لا تتدخل المحكمة في غياب المحاكمة باعتبار أن هذا الأمر أقرب من أن يكون مجلّة جزائية دولية وأن لا يعفى من المسؤولية من يتحجج بالائتمان من الرؤساء. وعن الجرائم التي تنظر فيها المحكمة الدولية تقول السيدة سارة حنفي «المحكمة تطبق قانون النظام وقانون الأعراف وتنظر في الجرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب والابادة الجماعية والعدوان مضيفة أن المحكمة تبقى رهينة تعاون الدول الاعضاء على مستوى تسليم المجرمين». إجراء تاريخي وحول إجراءات مصادقة الحكومة التونسية على نظام روما وآثارها القانونية أفاد الاستاذ الجامعي عمر البوبكري أن هذا الاجراء التاريخي الذي اتخذته الدولة التونسية منذ أسابيع هو ليس معزولا عن مجموعة أخرى من القرارات التي وضعتها البلاد في مسار حقوق الانسان. وعن الاجراءات التي اعتمدتها الدولة لاتخاذ هذا القرار يقول الاستاذ عمر البوبكري أن الدولة التونسية تخضع لمجموعة من الاجراءات تتمثل في أن المعاهدة الدولية يجب أن يوافق عليها البرلمان ثم يصادق عليها رئيس الدولة حتى تصبح نافذة المفعول وتعبّر عن الالتزام النهائي للدولة. لكن هذه القرارات التي اتخذت يضيف عمر البوبكري جاءت في وضع استثنائي وتعتبر هذه المصادقة سليمة. أما فيما يخصّ نتائج مصادقة الحكومة التونسية على نظام روما يقول الاستاذ الجامعي عمر البوبكري أن تونس سيصبح لها صفة العضوية الكاملة في معاهدة روما وهذا ما سيعطي المحكمة النظر في جرائم الابادة وكل ما يمس حقوق الانسان.