شهران وأكثر مرّا الى حد الآن على تشكيل اللجان الثلاث المتعلقة بالاصلاح السياسي والاستقصاء حول الفساد والرشوة وتقصي حقائق ما وقع خلال أيام الثورة ولم نقدم الى الشعب ما يشفي الغليل او ما يطفئ عطشه للحقائق المغيبة عنه والتي يتم التعرض اليها باستحياء مما يزيد في رفع مؤشر الحيرة لديه ويسرع وتيرة الأسئلة المعاكسة في ذهنه ولا ندري لمصلحة من هذه الضبابية ومن المستفيد من هذا التأخير في هذا العمل الهام الذي أوكل للجان الثلاثة؟ لجنة السيد عبد الفتاح عمر أصبحت هي محل استقصاء عن مصداقية أعضائها ونجاعة عملهم بعد أن اكتفت بتقديم صور تلفزية عن أموال خبأها «المخلوع» في أحد قصوره ولم تقدم لنا الى حد الآن الا حقيقة واحدة هي ان «المخلوع» وعائلته وبعض المقربين منهما «سراق» وهذه الحقيقة غير ذات فائدة لأن الجميع يعرف هذا الامر منذ سنوات ولا جديد فيه ولن يكون لهذه اللجنة فائدة الا اذا قدمت قائمة متصلة في أسماء بقية السراق خاصة المستترين منهم والذين يدعون الآن البراءة وسارعوا بالانخراط في موكب الثورة فقط لحماية ما غنموه من ثروة... اضافة الى هذا القصور في العمل والذي أرجو ان لا يكون تراخيا تحدثني نفسي الأمارة بسوء الظن. هنالك اتهامات مدعمة بالأدلة لهذه الهيئة عن خرقها لأصول القضاء رغم ان أعضاءها من هذا الميدان وهنا وجه الغرابة لأن «باب النجار لا يمكن ان يكون مخلوعا». اللجنة الثانية وهي التي يرأسها الاستاذ توفيق بودربالة مازالت الى حد الآن لم تنصف الشهداء في قبورهم ولم تطفئ نيران أحزان عائلاتهم لأن القتلة مازالوا ينعمون بنسائم الحرية ولا شيء في عمل هذه اللجنة يمكن أن يبعث على الأقل في نفوسهم بعض الخوف على ان العقاب سينالهم على ما اقترفت أيديهم من فظاعات!! اللجنة الاخيرة والأهم لأن نجاعة عملها قد يعوض الشعب عن «عقم» اللجنتين السابقتين ويمكن بعد نهايته ان نعيد فتح كل الملفات بما تستحقه من شفافية وصرامة لأن تونس تكون ساعتها قد دخلت بثبات على الطريق السيارة للديمقراطية.. هذه اللجنة تغير اسمها ليصبح هيئة تحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي الا ان هذا التغيير لم يصحبه تسارع في وتيرة العمل اذ في أول اجتماع لها تعالت الاحتجاجات عن تغييب أطراف وتبجيل أطراف أخرى مما حدا برئيسها عياض بن عاشور الى مطالبة الحكومة بتعديل تركيبة الهيئة وفسح المجال أمام مختلف الآراء لتجد لها «مواطئ لسان» فيها يعبر عن حال من تمثله!! فلمصلحة من هذا الشد والجذب؟ ولمصلحة من ابقاء هذه اللجان في المربع الاول من عملها رغم ان الحلول واضحة وهي الصدق في القول والاخلاص في العمل من جميع الأطراف اللجان والحكومة على حد تعبير رئيسها الباجي قائد السبسي الا اذا رفعنا الشعار وعطلنا معانيه لنصبح مثل «الديك الذي يؤذن ولا يصلّي»!!!