قال الشيخ عبد الفتاح مورو انه من الواجب حفظ حرية من يخالفنا في الرأي واحترام حرية الناس في التدين وممارسة عقائدهم ومشاعرهم وعدم اجبارهم على التدين. وذلك في محاضرة دينية مساء الجمعة بجامع عقبة بن نافع بالقيروان، وقد تطرق الشيخ الى مسائل جوهرية من قبيل الحريات العامة والدينية انطلاقا من تجربته الشخصية مع النظام السابق وعن دور المسجد في الحياة العامة ومسألة الاختلاف في الرأي والهوية. وذلك وسط حضور المئات من الشبان والكهول. ولم تخل المحاضرة من الأسلوب الطريف للشيخ الذي يجمع بين الجد والهزل. هذا ولم يتطرق في المحاضرة الى الحديث عن اي حزب سياسي ولا دعاية لأي جانب. وفي مستهل محاضرته اشار الشيخ مورو الى ان عودته الى جامع عقبة تأتي بعد 30 عاما من الغياب أي منذ 16 جويلية 1981 عندما طورد من البوليس السياسي التابع لنظام بورقيبة وفق قوله. مشيرا الى ما تعرض اليه من تعذيب ومراقبة خلال نظام الرئيس المخلوع. كما تحدث عن انتهاكات الحريات والحقوق الذي مارسه النظام المنحل. وذكر الشيخ مورو ان الظلم هو الذي ادى الى سقوط نظام الرئيس المخلوع بسبب هتكه للحرمات وانتهاكه للحريات والاستعباد والطعن في الكرامة والشرف وفي الدين. وقال ان الحاكم الظالم سيف الله في أرضه ينتقم الله به ثم ينتقم منه. مشيرا بقوله «اننا ظلمنا بعضنا واعتدينا على حريات بعضنا». مبينا ان ايام الشدة مضت وجاء الفجر وان هذه الفترة تتطلب جهدا وفهما خاصين. المسجد يستوعب الجميع وبخصوص المساجد، اكد الشيخ مورو أن المسجد كمؤسسة للعبادات ودوره في تنشئة الأجيال وتربيتهم على المبادئ والقيم الإنسانية والاجتماعية. مشيرا الى ان المسجد هو مركز قيادة الامة ومحك تربيتها ومحضنة أبنائها. وبين ان المساجد يجب ان تستوعب الامة كافة وانه لا يوجد من هو مقصي منها ولا من هو «في سلة المهملات». كما تطرق الشيخ مورو الى الحديث عن الواقع السياسي الذي تعيشه البلاد ابان الثورة. واشار الى مسألة خلافية ومعقدة في الوقت الراهن ألا وهي بناء الدولة وإعداد الدستور مشيرا الى ان عملية البناء «تحتاج الى يقظة». واشار الى أول صحيفة في الإسلام في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والتي كانت تمثل «الدستور» وتضمنت 70 بندا حول الحقوق والحريات، وذلك في معرض حديثه عن مسألة فصل الدين عن الدولة وقضية الفصل الاول من الدستور. وبين ان ما يطلبه المتدينون هو عدم الشعور بالغربة في بلادهم كما حصل خلال النظام السابق وان هذه الحرية لا تتاح الا من خلال دستور ينص على ان تونس دولة مستقلة نظامها الجمهورية ولغتها العربية ودينها الإسلام حسب قوله . وأوضح الشيخ ان المتدينين في تونس ليسوا أجانب عن البلاد وليسوا دخلاء عنها مضيفا انهم ولدوا في تونس ولم يأتوا إسقاطا من السماء. واشار على سبيل مثال جامع عقبة، ان القيروان هي بلاد عقبة بن نافع التي فتحها وورثها عنه أحفاده وان الدين الذي يعتنقونه جاء به عقبة بن نافع. وبخصوص الاختلاف في الرأي وفي المعتقد، قال الشيخ مورو «من واجبنا حفظ حرية من يخالفنا في الرأي وعلينا ان نحترم حرية الناس في التدين وممارسة عقائدهم ومشاعرهم وعدم اجبارهم على التدين». كما أشار الى ان الخلاف والاختلاف امران طبيعيان بين البشر يستوجبان عدة مقتضيات أهمها التوافق والاستماع والتقارب والتنازل بين وجهات النظر والاقرار بالحق لأصحابه. الدستور والهوية وحول اعداد دستور البلاد قال انه امر مهم بدرجة كبيرة لكونه سينظم العلاقات بين المواطنين وضمان الحقوق التي حرم منها المواطنون وسلبت منهم، ان يكفلها رئيس الدولة. وقال انه على الدستور الجديد ان يقطع مع ممارسات النظام السابق في قمع الحريات الدينية. وقال «نخشى أن يأتي وقت لا نملك فيها حرية التحكم «بوجوهنا» كما بين في أسلوب لا يخلو من الطرافة والمزحة ان المواطن لديه الحق والحرية في التعامل مع جسده بحرية ودون وصاية من أحد. وقد لوحظ ان الشيخ مورو لم يتطرق الى الحديث عن اي حزب سياسي يذكر وانه أمن حياد المسجد عن الدعاية السياسية. ولم يروج انطلاقا من جامع عقبة أية دعاية لأية جهة سياسية محددة. ويذكر ان المحاضرة تابعها عدد من تلامذة الشيخ مورو، أمثال الشيخ الطيب الغزي إمام جامع عقبة والشيخ عبد الوهاب عبد الكافي. وذلك اثر خطبة الجمعة والتي تحدثت عن حق الاختلاف والتوافق بين المواطنين وضرورة تقارب وجهات النظر.