نظمت حركة الوطنيين الديمقراطيين أمس باحدى قاعات السينما بالعاصمة ندوة صحفية سلطت خلالها الضوء على مواقف الحركة من عدّة قضايا ومنها بالخصوص برنامجها السياسي والاقتصادي للمرحلة القادمة اضافة الى مواقفها من هيئة الاصلاح السياسي وموعد انتخاب المجلس التأسيسي اضافة الى موقفها من الاتحاد العام التونسي للشغل والصراع مع الاسلاميين وانتقاد موقفها من شكل السلطة في المرحلة القادمة. وذكر الأستاذ شكري بلعيد الناطق باسم الحركة في بداية الندوة بنضالات الوطنيين الديمقراطيين من أجل تحقيق طموحات وأهداف الشعب التونسي في الحرية والتقدم الاجتماعي مؤكدا أن ثورة 14 جانفي دشنت مسارا ثوريا متصاعدا باسقاطها الدكتاتور وتواصل تفكيك الدكتاتورية، مضيفا بأن حركته تهدف الى تحقيق الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية التي ستكرس السيادة الوطنية وتلغي كل المعاهدات والاتفاقيات التي ترهن البلاد للامبريالية العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية، مذكرا بما جاء في البيان التأسيسي للحركة من دعوة الى تكريس الحرية السياسية للشعب وعلى رأسها حرية التنظم والتظاهر والانتخاب وتكريس الحقوق الاجتماعية والثقافية للشعب وسيطرته على مقدراته وخيراته ببناء اقتصاد لا يرتهن للخارج أو لقطاع اقتصادي معيّن، اقتصاد وطني تلعب فيه الدولة دورا استراتيجيا اشرافا وملكية ولكنه يفتح الباب أمام الاستثمار الخاص وذلك حتى يساهم رجال الأعمال بكل حرية في احداثات جديدة. الجمهورية الديمقراطية وبين المتحدث في السياق ذاته أن الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية التي تدعو إليها حركته ستحفظ حقوق الشعب وترسي أسس العدالة الاجتماعية التي ترتكز على قضاء مستقل ضامن للحريات والحقوق لا يخضع للتعليمات مذكرا بأن الوطنيين الديمقراطيين ساهموا في معركة استقلال القضاء. هذا ودعا في الاطار ذاته الى إعلام حرّ ديمقراطي ونزيه مؤكدا على ضرورة أن تكون الهيئة العليا للاعلام فاعلة ومكوّنة من اعلاميين مع ضرورة وجود مجالس تحرير في المؤسسات الاعلامية باعتبار الاعلام سلطة رابعة حقيقية يجب أن تحظى بالقدر الكافي في توفر شروط عملها بصفة حرة ومستقلة. العمل الجبهوي والحزبي وعن العمل الجبهوي قال شكري بلعيد إن جبهة 14 جانفي ماتزال منفتحة على الحساسيات والشخصيات الوطنية. وفي سؤال حول وحدة الوطنيين الديمقراطيين نظرا لوجود عدّة فصائل منتمية الى الفكر الوطني الديمقراطي ولكنها منقمسة تنظيميا. قال بلعيد إن حركته اضافة الى أطراف أخرى بصدد البحث عن طريقة لتقديم مشروع منفتح تحت الراية الوطنية الديمقراطية وأن هناك نقاشات تمّ خوضها مع حزب العمل مثلا. كما أكد المتدخل عند استعراض موقف حركته من موعد انتخابات 24 جويلية أن اتجاها لدى أغلبية من القوى الموجودة داخل الهيئة وخارجها تدعو الى تأخير هذا الموعد مؤكدا أن هذا الرأي يعدّ أفضل لضمان انتقال ديمقراطي حقيقي. البيروقراطية النقابية وعن موقف الحركة من قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل قال السيد لخضر وهو أحد أعضاء الهيئة التأسيسية أن عموم اليساريين طرحوا منذ عشرات السنين مفهوم البروقراطية النقابية باعتباره توصيفا سياسيا لقيادة لها مصالح تتناقض ومصالح المنخرطين بالاتحاد العام مذكرا بأن القيادة النقابية كثيرا ما كانت تنزعج من هذا التوصيف. وقال أيضا بأنه بتطبيق الفصل العاشر فإن ثلث القيادة النقابية الحالية سوف لن يتسنى لها التجديد مؤكدا أن الحركة ستواصل العمل داخل الاتحاد في اطار جبهة 14 جانفي من أجل تحقيق أهداف الشغالين والاستعداد للاستحقاقات القادمة. وذكر في هذا السياق بموقف عبيد البريكي عضو المكتب التنفيذي بأن اتحاد الشغل ليس شعبة مهنية وأن قيادته تمّ انتخابها في مؤتمر ديمقراطي وازاحتها يجب أن تتم بالضرورة داخل الهياكل وليس بصورة فوقية مؤكدا أنه لا يجب النسيان بأن المنظمة ساهمت بشكل متقدم في اسقاط الدكتاتورية. خطاب الاسلاميين وفي سياق آخر قال شكري بلعيد في اطار توضيح موقف حركته من خطاب حركة النهضة أن هناك عدّة أطراف لها معايير وخطابات مزدوجة، بعضها للقواعد وبعضها للاستهلاك السياسي. فهناك في تقديره فرق كبير بين خطاب راشد الغنوشي وخطاب اللوز متسائلا من تصدق؟ الذي يدعو الى دولة ديمقراطية مدنية، أم الذي يدعو إلى دولة دينية؟ واستنتج المتحدث أن حركة النهضة تمارس خطابا مزدوجا أحدهما موجها للاستهلاك السياسي وتطمين المجتمع والآخر موجّه للقواعد. وفي سياق متصل أيضا انتقد استحضار المقدّس في الحوار مع الاسلاميين داعيا الى أن يكون الحوار على قاعدة تقديم البرامج الاقتصادية والسياسية والبدائل الاجتماعية الواضحة بدل التكلم باسم الدين والرد على الآخرين ب«قال اللّه تعالى..» داعيا أيضا الى أن يكون الصراع سياسيا وبرنامجيا مؤكدا أن حركته ترضى بنتائج أي انتخابات يختارها الشعب، محذرا في الوقت ذاته من التمويل الخارجي الذي يهدف الى تكريس ثقافة معيّنة وفرضها على الشعب التونسي. استرجاع المؤسسات ويمكن التذكير في اطار هذه الندوة بما دعت إليه الحركة في بيانها التأسيسي من ضرورة استرجاع الشركات والمؤسسات الاقتصادية والمالية التي تمّ التفويت فيها وخصخصتها بطرق مشبوهة في العهد البائد اضافة الى دمقرطة المؤسسات الانتاجية العمومية بانتخاب مجالس إدارتها وضمان تمثيل حقيقي للعمال بها. فضلا عن اجراء اصلاح زراعي وتحويل الأراضي الفلاحية العمومية إلى تعاونيات فلاحية يساهم فيها عمالها واطاراتها. كما دعت الحركة أيضا إلى ارساء ثقافة وطنية منغرسة في الجوانب التقدمية التنويرية من تراث أمتنا العربي الاسلامي ثقافة أفق أممي منفتح على منجزات الانسانية التقدمية أساسها تعليم مدني عقلاني. الهيئة وليبيا وختم المتدخل مجمل الأسئلة المطروحة بتوضيح موقف حركته من رفض للعدوان على ليبيا وتحية الى سائر الشعوب العربية التي استهلمت من الثورة التونسية مبادئ الدفاع عن حريتها وانعتاقها، مجدّدا في الآن ذاته رفض حركته للتركيبة الحالية لهيئة الاصلاح السياسي داعيا الى توسيعها بتمثيل الجهات اضافة الى تمثيل الأحزاب الفاعلة بها واضافة شخصيات وطنية معترف بكفاءتها بدل ادراج أسماء بها لا تمت لفكر الثورة بصلة.