تونس (الشروق) أجرى الحوار: عبد الرؤوف بالي أكد الدكتور وحيد برشان الناشط السياسي والمعارض الليبي أن الانتفاضة الشعبية في ليبيا لن تصل أبدا الى طريق مسدود وأن فرضية تقسيم البلاد بين شرق وغرب لا يمكن أن تطبق في ليبيا لأن الشعب ينتفض في كل المدن بالجماهيرية وليس في الشرق فقط دون أن يستبعد أن دولا من التحالف تسعى لتكريس هذا السيناريو. وأشار برشان في حديث مع «الشروق» الى أن المعارضة رفضت مبادرة أردوغان لأنها تضع الشعب الليبي في كفة واحدة مع القذافي، مؤكدا رفضهم لكل المبادرات المماثلة والتي لا يكون أساسها رحيل القذافي، كما اعتبر أن الاتحاد الافريقي يسعى الى إعطاء الشرعية لملك ملوكه وليس الى مساندة الشعب. وفي ما يلي نصّ الحوار: هناك من يرى أن الوضع في ليبيا وصل أو سيصل الي طريق مسدود بالنسبة الى جميع الأطراف فكيف ترونه أنتم؟ ما يحدث في ليبيا هو انتفاضة شعب في كل الأراضي الليبية وليس الشرق الليبي وحده، وهي الى حدّ الآن (الانتفاضة) مازالت قائمة حتى في طرابلس ومصراتة وزوارة وأغلب مدن الغرب الليبي. هناك من يريد أن يصور الوضع على أنه على درجة كبيرة من التعقيد وأن الطريق أمام انتفاضة الشعب الليبي مسدود، لكن نحن مقتنعون بأن الطريق المسدود هو طريق النظام وطريق القذافي بالتحديد، فالعالم ينتظر أن يعرف أنه انتهى ولا مجال لبقائه في أرضنا، لكن الشعب هو من يدفع الثمن الغالي لهذا الانتقال، هذا هو مستقبل الشعب الليبي ولن يتركه يضيع مهما كلّف الأمر. سمعنا أن لديكم احترازات عديدة على مبادرة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لكننا لم نسمع إلا عن رفضكم لبقاء القذافي، فما هي بقية الاحترازات؟ هناك احتراز مبدئي طرحناه قبل الحديث عن تمسّكنا بعدم بقاء القذافي في أي اتفاق وهو أن أردوغان لم يتوجه الى الشعب الليبي كشعب انتفض ضد القذافي وإنما خاطبه كمعارضة، بينما الأساس لما يحدث اليوم هو أن الشعب كله خرج لرفض القذافي، ويجب أن يكون أساس أي طرح لحل الأزمة هو أن الشعب ضد القذافي وليس معارضة ضد العقيد الخارج عن الشرعية. طرح السيد أردوغان غير صحيح وغير مقبول وفيه عدم احترام للشعب الليبي حيث ساوى بينه وبين جلاّده ووضعهما في كفتين متعادلتين، أما بالنسبة للعرض كمضمون فهو بادرة خير لكنها لم تقف في صف حقّ الشعب الليبي. وهذا الموقف لا يشرف الشعب التركي ولا يشرف الرحم الذي ولدت فيه هذه الحكومة. نحن نشكر الشعب التركي لوقوفه مع قضايانا ونتمنى أن يكون لنا مستقبل جيّد معه، لكننا نرفض أي عرض لا يكون أول بنوده رحيل هذا النظام. كيف تقيّمون موقف الاتحاد الافريقي والمبادرة التي أطلقها لحل الأزمة الليبية؟ نعتقد أن الاتحاد الافريقي وهو يتكلم مع ملك ملوكه لا يملك الحياد، ويتبنّى رأيه يدافع عن النظام الليبي وليس على مطالب الشعب. ومع هذا فنحن دولة افريقية ونتمنى من الدول الافريقية أن تمنع عنا فيض المرتزقة الذين يغتالون أبناء شعبنا وأن يكون تركيزهم على عدم ارسال عسكريين الى ليبيا لمساندة القذافي. وما توجّههم الى القذافي يوم أمس إلا دليلا على أنهم يتعاملون مع جهة فاقدة للشرعية ويحاولون إكسابها الشرعية مما يجعلهم هم أنفسهم فاقدون لهذه الشرعية. ألا ترون أن تخاذل قوات التحالف في نجدة الثوار والمدنيين يشير الى أن هناك طبخة لتقسيم ليبيا؟ وما مدى امكانية تطبيق ذلك أو فرضه على أرض الواقع؟ هناك أطراف تسعى الى بناء واقع جديد اليوم على الأراضي الليبية وأنا أؤكد أن كثيرا من الدول المساهمة في الحلف لا تعلم بهذا الأمر حيث ترى بعض الدول مصلحتها في دولة ليبية مقسّمة لكن الواقع الميداني يقول غير ذلك، فالمعارك الآن في غرب ليبيا وليست في الشرق فقط، والمجلس الوطني الليبي سيركز كل قدراته في دعم الشعب الليبي في مدن الغرب. هل يمكن أن نعتبر هذا استراتيجية جديدة يتبعها المجلس ليحاصر القذافي في طرابلس شرقا وغربا؟ بالعكس هذا ليس تكتيكا عسكريا وإنما من منطلق وعي المجلس الوطني بمسؤولياته في دعم كل مواطن في ليبيا وحق لكل فرد يطالب بالحرية. التركيز سيكون على دعم هؤلاء وتحقيق إرادة الحرية. الى أين وصلتم في مسألة تسليح الثوار ومعارضة عدد من دول التحالف لهذه المسألة؟ حقيقة لا نريد أن تحلّ المسألة بالسلاح بل بإرادة الشعوب، فالاشكال لا يحلّ من نظرة عسكرية بحتة، فالشعب رفض هذا النظام وسيحارب بكل ما يملك ولن يعود القذافي حاكما لليبيا ولو ليوم واحد. لكن أعتقد أن هناك بعض الدعم القادم الى مدن الشرق وهو من الشعب الليبي، فمثلا عندما تشاهد صور المعارك تجد أن عددا من الثوار يحملون أسلحة فيما يقف الى جانبهم شباب آخرون بلا أسلحة ينتظرون حمل أي سلاح يقع. في الختام أود أن أبلغ الشعب التونسي تقديرنا الكبير وامتناننا العميق للجهود التي يبذلها للاعتناء بإخوتنا الجرحى القادمين من مصراتة المحاصرة والفارّين من جحيم القذافي وهنا تعجز الكلمات عن التعبير عمّا يخالجنا من مشاعر تجاه هذا الشعب العظيم.