بنغازي وكالات دعا السيناتور الامريكي جون ماكين أمس الأسرة الدولية الى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الذي شكله الثوار الليبيون على انه "الصوت الشرعي للشعب الليبي"، وذلك أثناء زيارة يقوم بها الى بنغازي معقل الثوار في شرق ليبيا. وخلال مؤتمر صحافي عقده بعد محادثات مع قادة المجلس الوطني الانتقالي، قال السيناتور الجمهوري إن "على الأسرة الدولية الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي على انه الصوت الشرعي للشعب الليبي"، مضيفا "لقد اكتسبوا هذا الحق". ورأى ان مدينة بنغازي حيث مقر المجلس الوطني الانتقالي على مسافة حوالي ألف كلم شرق طرابلس هي "نموذج قوي يبعث الأمل عما يمكن أن تكون عليه ليبيا الحرة". وقال "التقيت جميع المسؤولين الكبار في المجلس وأحيي التقدم الملفت الذي حققوه في كفاحهم من اجل التحرير"، مشيرا الى انه التقى ايضا ممثلين عن الدنمارك وتركيا وفرنسا وايطاليا في بنغازي. ويذكر أن وحدها فرنسا وقطر وايطاليا وغامبيا قد اعترفت حتى الآن بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل رئيسي في ليبيا. ووصل السيناتور ماكين أمس الى بنغازي، غداة إعلان واشنطن - في خطوة اعتبرها العديد من المراقبين مؤشرا على تطور في موقف إدارة الرئيس باراك أوباما باتجاه تكثيف حضور الولاياتالمتحدة الديبلوماسي والعسكري في الأزمة الليبية بعد أن التزمت إلى حد الآن موقفا أقرب إلى الحياد - عن ارسال طائرات بدون طيار للتحليق فوق ليبيا الأمر الذي رحب به الثوار الليبيون على الفور. وفي هذا الخصوص، قال المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي مصطفى الغرياني أمس "نأمل أن يسمح ذلك بفك الحصار عن مصراتة" الواقعة على بعد 200 كلم شرق طرابلس، وثالث المدن الليبية التي تحاصرها القوات الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي منذ اسابيع وتقصفها بكثافة. وأثبتت الطائرات بدون طيار أنها سلاح قوي في باكستان ومناطق أخرى ليس للقوات الأمريكية فيها جنود على الأرض. ويمكن للطائرات أن تحلق على ارتفاعات عالية بشكل مستمر تقريبا دون أن ترصد من الأرض ويمكنها ضرب أهداف بالصواريخ دون تهديد لأفراد الطاقم. ويعد السيناتور الجمهوري ماكين اكبر شخصية امريكية تزور ليبيا منذ اندلاع الثورة فيها في منتصف فيفري الماضي. وكان ماكين، وهو من اشد مؤيدي العمليات العسكرية في ليبيا داخل الكونغرس الامريكي، دعا في 13 أفريل الجاري الى مواصلة الولاياتالمتحدة مشاركتها العسكرية من جديد عسكريا في التحالف الدولي، مؤكدا ان الحلف لا يملك القوة الضاربة اللازمة.
تغيير استراتيجية
وقبل يوم، اعلنت واشنطن أنها سترسل طائرتين بدون طيار لتشاركان بشكل دائم في العمليات الجوية فوق ليبيا، كما أفاد وزير الدفاع روبرت غيتس. وسرعان ما رد نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم عبر اداثة ال"بي بي سي" البريطانية منددا بهذا القرار ومحذرا من انه سيؤدي الى مقتل "المزيد من المدنيين". وقال مقاتل عاد للتو من جبهة البريقة (شرق) يدعى مصطفى عوض ماضي ان "الطائرات بدون طيار ضربت قوات القذافي بنجاح" مضيفا في بنغازي "نريد مزيدا من الطائرات بدون طيار". ويذكر أن فرنسا وايطاليا وبريطانيا كانت قد أعلنت من ناحيتها هذا الاسبوع عن ارسال مستشارين عسكريين الى الثوار. وباشر بعض الضباط الفرنسيين مهمة استشارية لدى المجلس الوطني الانتقالي فيما تعتزم روما ارسال عشرة مدربين الى بنغاري وتخطط لندن لارسال "اقل من عشرين عسكريا". كما اعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس ان الاتحاد الاوروبي يواصل التخطيط لعملية عسكرية انسانية لمساعدة سكان مصراتة. وقد اعرب الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن "دعمه" لهذه المبادرات فيما استبعدت وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون صراحة ان ترسل الولاياتالمتحدة مستشارين عسكريين، داعية الى التحلي بالصبر حيال نتائج حملة الحلف الاطلسي في ليبيا. في المقابل حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من ان ارسال مستشارين عسكريين يعلن بدء عملية "برية"، معتبرا ان مثل هذه العملية "تنطوي على مخاطر وغير محسوبة النتائج".
تطورات ميدانية
في غضون ذلك، قال الأدميرال مايك مولين رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة إنه لا إشارة هناك لوجود اي تمثيل لتنظيم "القاعدة" في صفوف المعارضة الليبية. وكان الأدميرال مولين يتحدث من العاصمة العراقية بغداد حيث يقوم بزيارة للقوات الأمريكية المتمركزة هناك. وأضاف الأدميرال إن غارات قوات التحالف في ليبيا قد قلصت قدرات القوات البرية الليبية الموالية للرئيس معمر القذافي بنحو 30 % إلى 40 % إلا أن الوضع الميداني يميل إلى الجمود. وجاءت تصريحات الأدميرال مولين فيما أعلن الثوار الليبيون أمس أنهم تمكنوا من انتزاع السيطرة على مبنى اداري كبير في وسط مدينة مصراتة اخر معقل كبير للمعارضة في غرب ليبيا وكان قاعدة لقناصة القذافي وقوات أخرى تابعة لهم بعد معركة ضارية استمرت أسبوعين. وأشار مراسلون صحافيون إلى مشاهدتهم أمس دبابات معطلة وجثة محترقة لجندي حكومي على الارض قرب المبنى الذي كان يضم مكاتب لشركات تأمين وسط مبان بدت عليها اثار اطلاق النار. وقال مقاتل ان قوات القذافي التي طردت "كانت تطلق النار على أي شيء يتحرك". وقال الثوار انهم سيطروا على عدة مبان أخرى في وسط المدينة وانتزعوها من قوات الحكومة وان حالة المعركة لا يبدو أنها تتفق مع ما يقوله مسؤولون حكوميون في طرابلس بأنهم يسيطرون على 80 في المائة من مصراتة. وقتل مئات المقاتلين والمدنيين في مصراتة أثناء حصار المدينة. وبدأت الامدادات الغذائية والطبية تنفد في المدينة وامتدت طوابير طويلة للحصول على البنزين. وانقطعت الكهرباء لذا يعتمد السكان على المولدات. وينتظر آلاف العمال المهاجرين الأجانب انقاذهم في منطقة ميناء مصراتة.