الوقفة الاحتجاجية.. التهديد بالاضراب، ثم الاضراب وبعد ذلك المفاوضات والشروط وأخيرا الحصول على كل ما طالبوا به هذا هو الطريق الذي سلكه الحكام. لكن هناك أشياء وقع التلميح لها بطريقة أو بأخرى وهي الأموال فكل المطلعين على بواطن الأمور قالوا ان الحكام وإن لم يعلنوا عن ذلك صراحة فإنهم يراهنون على ذكاء أهل الجامعة للايفاء بتعهداتهم تجاه الحكام في خصوص مضاعفة المنحة التي تم الاتفاق عليها مع الرئيس «الهارب» الحفصي وقد وقع الحداد مؤخرا ان تقع منح نصفها فقط. سعد اللّه في مهمة ناحجة لعب يسر سعد اللّه دورا كبيرا وهاما في تقريب وجهات النظر بين السيدين أنور حداد رئيس الجامعة ويونس السلمي المدير الوطني للتحكيم ونجح في هذه المهمة باقتدار كبير حيث كان العناق بين الرجلين لأجل المصلحة العامة ومصلحتهما الخاصة في المقام الثاني وإذا كان الحداد هو الآن الرجل الأول في الجامعة فإن السلمي وبفضل مساندة الحكام وتمسكهم به بات الرجل الأقوى ولا بدّ من الاعتراف بأن الحكم الدولي سعد اللّه نجح في ما فشل فيه أعضاء الجامعة ولم ينتبهوا له. إبعاد المالكي أصر الحكام على ابعاد علالة المالكي عن الادارة الوطنية للتحكيم والقطاع ككل ورغم محاولة بعض الأعضاء مثل الهادي الحوار الدفاع عن المالكي أو اقناع الحكام بضرورة عدم التمسك بهذا القرار إلا أن الاصرار كان أكبر والتمسك كان لا رجعة فيه مما جعل رئيس الجامعة يجد نفسه مجبرا على القبول بهذا الشرط. دروس تحكيمية لغير الحكام وجد أعضاء الجامعة أنفسهم مجبرين على قبول شروط الحكام ولكنهم أرادوا في نفس الوقت أن يجاملوا علالة المالكي فمنحوه زيادة في الراتب الشهري بثلاث مائة دينار حيث سينال (800) دينار عوضا عن (500) مقابل أن يقدم دروسا في فن التحكيم للاعبين المنتمين للمنتخب وهذا ما يجعل المالكي يتنقل بين مقر تربصات المنتخبات الوطنية ليعلمهم التسلل والفرق بين الاحتكاك المسموح به والخارج عن القانون بالاضافة إلى مواد اللعبة وقوانينها. شروط الاضراب الذي نفذه الحكام وحقق مكاسب بالجملة سوف يجعل قطاع التحكيم الطرف الأقوى من هنا فصاعدا ومن يدري فقد تشهد ما يشبه الاعتصامات كلما غضب الحكام ولم تنفذ مطالبهم. نقول هذا الكلام بما ان هناك بند في الاتفاق يقول ان الاعتداء على أي حكم سوف يجعل الجميع يرفض قيادة المباريات ولذلك قد تشهد البطولة توقفا جديدا. الأعضاء قبلوا بكل الشروط وقدموا تنازلات عديدة لأجل عودة نشاط البطولة وهو ما حدث فعلا بعد اجتماع هادئ وودي للغاية بين الحكام ومن يمثلهم والادارة الوطنية للتحكيم. من ورّط الناصر كريم؟ لا بدّ من القول ان اعضاء الجامعة قد ورطوا السيد الناصر كريم فالذين اتصلوا به وطالبوه بضرورة الحضور للجامعة ومساعدتهم على إيجاد حكام لتعويض سعد اللّه والجديدي وبن حمزة لمباريات وسط الأسبوع لم يدافعوا عنه أمام الحكام أو يساندوه عندما طالب الحكام بأبعاد الناصر كريم لأنه أراد حسب رأيهم «كسر» الاضراب من خلال حضوره للجامعة واتصاله ببعض الحكام وهو ما جعل الرجل يخضع للتحقيق والدفاع عن نفسه وربما الاعتذار بعد سنوات طويلة تحمل فيها مسؤوليات. فتح تحقيق تمسك الحكام بإبعاد الناصر كريم لكن بعد مفاوضات عديدة قوبل اقتراح محمد الصالح بن ميلاد المتمثل في ضرورة السماح لكريم بالدفاع عن نفسه وتقديم وجهة نظره في خصوص حضوره للجامعة ليلا واقتراح بعض الحكام. أما السلمي ولامتصاص غضب الحكام فقال انه بعد التحقيق مع سي الناصر قد يكون هناك تصويت من الحكام وسينتهي بإبعاد كريم أو بالعفو عنه. شرط تكميلي من بين الشروط التي اقترحها الحكام وقبل بها أعضاء الجامعة ضرورة تعيين الحكام الثلاثة الذين رفضوا إدارة مباريات وسط الأسبوع للجولة القادمة وهؤلاء هم سليم الجديدي ويسر سعد اللّه ومراد بن حمزة ويأتي شرط الحكام هذا حتى لا تتم عقوبة هؤلاء أو ابعادهم كنوع من العقوبة بعد رفضهم إدارة مباريات الاربعاء والخميس. الركوب على ثورة الحكام عدة أطراف سعت للركوب على ثورة الحكام الأخيرة وبعض أشباه الحكام الذين لا ماض أو حاضر لهم بالإضافة إلى أشخاص هم عبارة على عجلة خامسة في إدارة التحكيم أرادوا أن يتزعموا اضراب الحكام وخاصة التحدث باسمهم لكن موقف الجديدي وسعد اللّه والسرايري كان واضحا وحاسما عندما شددوا على ان الحكام هم المعنيون بالأمر وقادرون على الدفاع عن أنفسهم وليس الادارة الوطنية أو الودادية. نويرة يكشف «الخيانة» وقع التنديد ببعض الحكام الذين سعوا إلى «كسر الاضراب» ووافقوا على إدارة المباريات على غرار فؤاد البحري وأنيس بالحسن ورضا بوجمعة وكريم محجوب وكان هؤلاء على استعداد لقيادة أي من المباريات المؤجلة الثلاث بعد أن تم الاتصال بهم في الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والاربعاء واعتبر الحكام موقف هؤلاء حماقة خصوصا وان الاتفاق كان جماعيا لأجل حماية الحكام وقدم زبير نويرة أسماء هؤلاء في الاجتماع الذي التأم بالإدارة الوطنية للتحكيم مساء الخميس. عواز يحتمي بالجيش بعض الحكام رفضوا بطريقة أو بأخرى قيادة المباريات وسط الأسبوع الماضي ومن بين هؤلاء نذكر الهادي باكير وياسين حروش وسعيد الكردي وعواز الطرابلسي ولو ان هذا الأخير رفض بذكاء حيث قال انه تحت الخدمة الوطنية ولا يمكن له الحصول على ترخيص من الجيش الوطني في الظروف التي تمر بها البلاد الآن. تفويض من كل الرابطات نجح الاضراب لأن هناك موقفا موحدا بين الرابطات الثماني التي فوضت إلى رابطة تونس ان تتحدث وتناقش وتشترط باسمها. كل الرابطات بعثت بمكاتيب إلى رابطة العاصمة وهذا ما جعل الحكام في موقع قوة لأنهم كانوا كالرجل الواحد على عكس أعضاء الجامعة الذين كانوا الحلقة الأضعف حيث قبلوا بكل الشروط في هذه المفاوضات غير المسبوقة. بحر في قفص الاتهام سجل الحكام في اجتماعهم مع المكتب الجامعي احتجاجهم ونددوا بالموقف السلبي لبعض رؤساء النوادي الذين تهجموا على الحكام وجاملوا الجامعة وقد خصوا بالذكر رئيس حمام الأنف منجي بحر والذي ركز في تدخلاته على الهزل واتهام الحكام الذين تعرضوا إلى مضايقات وتهديدات خلال الأسابيع التي لحقت الثورة. الافريقي يسانده محمود الغربي عضو الودادية الوطنية قال ان الجمعية الوحيدة التي أعلنت مساندتها للحكام خلال الأيام الماضية هي النادي الافريقي كما أضاف ان بعض المدربين التونسيين كانوا في المستوى المطلوب مثل نبيل معلول مدرب الترجي وقيس اليعقوبي مدرب النادي الافريقي في المقابل فإن عدة نواد لم تبد رأيها في الاضراب لكن هناك أندية كانت ضد ثورة الحكام. بن ناصر يختفي كأن قاسم بن ناصر غير موجود في عالم التحكيم هذه هي الملاحظة الأبرز التي خرج بها الملاحظون لأن الرجل لم يساند زملاءه ولم يكن ضدهم أيضا عندما قرروا الامضاء على عرائض لابعاد بعض المسؤولين وتهرب ولما اتخذوا قرارا بالاعتصام اختفى تماما لكن بالناصر الصغير سوف يستفيد لأنه وفّق من مفترق الطريق وانتظر لمن ستؤول الغلبة.