٭ كارديف بلاد الغال «الشروق» من مبعوثنا الى بريطانيا: فاضل الطياشي: التغطية الصحفية للحملات الانتخابية وليوم الاقتراع بكل مهنية وحيادية واستقلالية ومصداقية.. تلك هي المحاور الأساسية للدورة التدريبية التي نظمتها على امتداد الاسبوع الماضي ببلاد الغال (بريطانيا) الشبكة الاوروبية لصحافة الجوار بالتعاون مع مؤسسة «طومسون فوندايشن» لفائدة 10 صحفيين تونسيين من وسائل الاعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية. وقد تزامنت هذه الدورة التي شاركت فيها «الشروق» مع اجراء انتخابات الجمعية الوطنية (البرلمان) ببلاد الغال وهو ما مثل فرصة هامة للاعلاميين التونسيين لدعم الجانب النظري الذي تلقوه اثناء الدورة التدريبية بالجانب التطبيقي حيث تم تمكينهم من زيارة ميدانية الى مقرات بعض وسائل الاعلام في بلاد الغال، على غرار الشبكة العالمية العملاقة «بي.بي.سي» والصحيفة الشهيرة في بلاد الغال «واستارن مايل» للاطلاع على كيفية تعاملها مع هذا الحدث الوطني الأهم في بلادهم. كما كانت الفرصة مناسبة لمتابعة التغطية الصحفية لهذه الانتخابات قبل 3 أيام من اجرائها ويوم الاقتراع وليلة الفرز والاعلان عن النتائج. وأشرف على الدروس النظرية وجوه اعلامية معروفة في بريطانيا وبلاد الغال على غرار المستشار الانقليزي في الاتصال وصاحب التجربة الاعلامية المتميّزة خاصة في قنوات «بي.بي.سي» «مارك وابستار» والمستشارة والوجه المعروف في القطاع الاعلامي ببلاد الغال «إيلين وين» إضافة الى «نيك سبيد» الصحافي السياسي بقناة «إي.تي.في» الغالوية و«مارك هوتشانغس» من إذاعة «بي.بي.سي» كما ساهم في تقديم الدروس رئيسة لجنة الانتخابات ببلاد الغال «كاي جانكس». ونقل الصحفيون المشاركون في هذه الدورة للمشرفين على التكوين منذ الساعات الاولى للدورة شواغل القطاع الاعلامي في تونس وخاصة معاناته المتواصلة من مخلفات نظام بن علي الذي كان يطوّق الاعلام السياسي بقبضة من حديد مما خلف للاعلاميين شبه «إعاقة» مهنية في مجال التحاليل السياسية وفي كيفية التعامل بكل موضوعية مع المستجدات والوقائع السياسية خاصة الانتخابات. حيث لم يسبق للصحفيين في تونس مثلا أن واكبوا حملات انتخابية او عمليات اقتراع مهما كان نوعها، بطريقة مهنية وموضوعية ومحايدة وشفافة لأن كل الاعلام كان موجها لخدمة حزب واحد ورئيس واحد ووجوه سياسية واحدة ولم يكن مسموحا بإبداء آرائه وملاحظاته بكل حرية وشفافية ولا بمعاملة كل الاطياف السياسية على قدم المساواة (وهو شرط أساسي أدنى للعمل الصحفي السياسي) فضلا عن اجباره على تضليل الرأي العام عندما يتعلق الأمر بالاعلان عن نتائج الانتخابات التي كانت كلها تصب دوما نحو فوز حزب التجمع المنحلّ. وعبّر الصحفيون التونسيون أيضا عن تخوّفهم من تواصل الامر على النحو نفسه خلال المرحلة الجديدة التي تمرّ بها تونس وذلك في ظل تواصل بعض بوادر التأثير على وسائل الاعلام من قبل قوى سياسية معينة وحتى من قوى اقتصادية قد تكون على علاقة بوجوه سياسية وقد تحاول التأثير على وسائل الاعلام وعلى مديري المؤسسات الاعلامية بوسيلة الضغط المعروفة وهي الاشهار الذي يعتبر في تونس مصدر «حياة» بالنسبة الى شتى وسائل الاعلام مهما كان حجمها. ولاحظ المكونون ان هذه المخاوف والعراقيل المسيطرة اليوم على الاعلام في تونس سيقع تجاوزها لا محالة بمرور الوقت على الثورة وهو ما يحصل عادة في كل الدول التي تعرف الثورات. واعتبروا انه على الصحفي ان يلعب دوره كما ينبغي في خضم كل هذا من خلال حسن التصرف مع مجريات الاحداث وعدم الخضوع لأية املاءات واغراءات من رجال السياسة فضلا عن محاولة اقناع مدير مؤسسته بوجاهة آرائه ومواقفه التي تصب كلها في وادي الموضوعية والحيادية والمهنية. كما عليه ان يحاول الاقتراب اكثر من الرأي العام ومن المواطن البسيط ومن كل الفئات الاجتماعية (مرأة شباب ذوي احتياجات خصوصية كبار السن) واكتساب ثقته (التي فقدها منه في السنوات الفارطة) عبر تقديم مادة صحفية نزيهة وشفافة وتبسيط المشهد السياسي له وترك حرية الاختيار له يوم الاقتراع دون تأثير عليه. وانتهت الدورة التكوينية بتحرير ميثاق يضم 8 مبادئ وخطوط عريضة يلتزم بها الصحفي عند تغطية الحملات الانتخابية وعملية الاقتراع وهي الاستقلالية والحيادية والشفافية والمصداقية والثقة والدقة والمساواة (بين الناشطين السياسيين) والوضوح. وتم التأكيد بالخصوص على ان انتخابات 24 جويلية المنتظرة في تونس ليست الا بداية تدريبية للقطع مع الماضي في ما يتعلق بالعمل الصحفي المتخصص في مجال الانتخابات وأن الصحفيين في تونس سيتعودون على العمل بالمبادئ المذكورة خلال الانتخابات التي ستشهدها بلادنا في قادم الايام.