تواجه هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" انتقادات وضغوطا كبيرة في بريطانيا من قبل منظمات انسانية ومؤسسات اعلامية بسبب امتناعها عن بث نداء لإغاثة أهل غزة، داعية الهيئة الى اعادة النظر في قرارها. وكان الأسقف جون سينتامو أسقف يورك الرجل الثاني في الكنيسة الانجليكانية الإنجليزية هو آخر من لحق بهؤلاء الذين يحثون الإذاعة ذات التمويل العام على بث النداء على موجاتها. وقال "إنه ليس نداء من حركة حماس لطلب أسلحة ولكنه نداء من لجنة طوارئ الكوارث لطلب المساعدة. وبرفض هذا الطلب تكون البي.بي.سي قد ناصرت بالفعل أحد الجانبين وتخلت عن حياديتها". وعللت البي.بي.سي امتناعها عن بث النداء بأن حياديتها ونزاهتها يمكن أن يتعرضا للخطر إذا بدت بمظهر المتحيز لجانب ضحايا الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي وقع مؤخرا. وتقول الإندبندنت أون صنداي في إحدى افتتاحياتها إنها تقدر حرص المدير العام للهيئة على الحياد، لكنها ترى أن قرار عدم بث نداء الإغاثة تفسير خاطئ للحياد: "فالهيئة تعتقد أنها إذا لم تفعل شيئا فقد تتجنب تهمة الانحياز." وتذكر الصحيفة في هذا السياق بما قاله وزير التعاون الدولي البريطاني دوجلاس ألكسندر الذي اعتبر أنه إذا كان بث القرار تلميح ممكن إلى استنكار لإسرائيل سيعني عدم بثه أن معاناة الشعب الفلسطيني لا يحسب لها أي حساب. وعلى عكس "البي بي سي" عدلت القنوات المنافسة مثل "آي.تي.في" و"تشانيل 4" و"تشانيل 5" عن مواقفها وقررت بث النداء. كما أجمعت 13 جمعية خيرية من قبيل "أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال" على إصدار هذا النداء ما يدل على أنها تجاوزت أي اعتبار سياسي. ويهدف نداء التبرعات - الذي أصدرته لجنة طوارئ الكوارث بالتضامن مع منظمات خيرية كبيرة من بينها أوكسفام والصليب الأحمر البريطاني - إلى تخفيف ما وصفه الوزير دوجلاس ألكسندر بأنه "معاناة ضخمة" في قطاع غزة. ودعا الكسندر المحطات الإذاعية إلى التراجع عن قرارها فيما دعا المتظاهرون المناهضون للحرب أنصارهم إلى التظاهر أمام مقر بي.بي.سي في لندن. ونقلت بي.بي.سي عن مديرها العام مارك تومسون قوله إن بث نداء الإغاثة كان من الممكن أن يسبب تقليص ثقة الرأي العام في نزاهة تغطية البي بي سي لما يجري في غزة. ورد الأسقف سينتامو قائلا إن هذا الأمر "لا يتعلق بالحيادية ولكن بالإنسانية". وأضاف أن "هذا الموقف يشبه وضع المستشفيات العسكرية البريطانية التي تعالج أسرى الحرب كجزء من تعهداتها بموجب ميثاق جنيف. حيث أنهم يقومون بذلك لأنهم يحددون الاحتياجات وليس الأسباب". وانتقدت عدة صحف بريطانية صدرت الأحد قرار البي بي سي وطالبت بإذاعة النداء. وتساءلت صحيفة الأبزيرفر في افتتاحيتها عن القاعدة التي استندت إليها بي بي سي "لتعتبر أن نداء من أجل أهل غزة منحاز سياسيا." فالأزمة الإنسانية في غزة حقيقة واقعة وليست فرضية سياسية. كما تذكر الإندبندنت أون صنداي بأن أبسط قوانين الحرب تحظر على المتحاربين منع غير المتحاربين من الحصول على الإغاثة. "لذا فإن تسهيل مثل هذه المساعدات ليس انحيازا إلى طرف نزاع دون آخر". كما تشير إلى أن التخوف من أن تكال للهيئة تهمة معاداة اليهود، لا معنى له لأن إسرائيل وأنصارها تعودوا على توجيه هذه التهمة إلى كل من ينتقد سياساتها مهما كان هذا النقد معقولا "ولا أدل على ذلك مما كيل للبي بي سي من تهم الانحياز إلى جانب الفلسطينيين خلال عملية غزة على مواقع مدونين". وأثناء الحرب على غزة، وفي تحول غير مسبوق في موقف الاعلام البريطاني، حفلت العديد من الصحف البريطانية بانتقادات واسعة لاسرائيل بسبب الانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين الفلسطينيين. كما أدى نقل الحقائق المروعة كما هي في غزة، من قبل وسائل الاعلام البريطانية ومنها البي بي سي، الى المطالبة بإعادة صياغة مفهوم مبدأ الحياد أوالموضوعية في الصحافة لينتقل من مجرد الإخبار الى نصرة "الطرف الأضعف والمظلوم" في الحرب.