قال الدكتور حسن العاتي رئيس الجمعية التونسية للطب النفسي ان الثورة عالجت عديد الأمراض النفسية وكان لها تأثيرات عديدة ظهرت على المواطن التونسي لا سيما منها «الستراس» والحيرة والشك والتساؤل منها الناتجة عن حالة الانتقال الطبيعية من نظام مستبد الى نظام يتطلع الجميع الى أن يكون ديمقراطيا. أوضح في حديثه ل«الشروق»: بعد 14 جانفي حدث نوع من الهيجان النفسي جراء الفرحة العارمة والمفرطة التي شعر بها الأغلبية الساحقة من التونسيين». وأضاف أن هذه الحالة نتج عنها اضطراب في السلوك وقلة نوم وكلام كثير بين الأفراد ومتابعة لصدقية الأخبار سواء عبر وسائل الاعلام أو عبر المواقع الاجتماعية على غرار «الفايس بوك». «ستراس» وأوضح أنه في مرحلة ثانية للثورة ظهرت حالات من «الستراس» والاضطرابات النفسية وظهرت خاصة لدى قوات الأمن الذين يخشون المحاسبة وهم لم يقترفوا أي خطإ طيلة حياتهم المهنية على خلفية أن كل من هم في الأمن بالضرورة كانوا العصى التي يستعملها بن علي لضرب الشعب. وأضاف في نفس السياق أن مثل هذا الاضطراب ظهر كذلك لدى الأفراد الذين عايشوا حالات اصابة وموت خلال المظاهرات والاعتصامات ولدى العائلات الذين فقدوا فردا منهم في خضم ذلك. وقال أيضا: «ان الاضطرابات شملت كذلك التجمعيين الذين كانوا ينشطون خاصة في الشعب». وأفاد أن هؤلاء تعرضوا الى ضغوطات عديدة ومضايقات طالت حتى أطفالهم بالمدارس كما تأثر التجمعيون الذين كانوا بمواقع القرار وشملتهم كلمة dégage واتصلوا بالمختصين للحصول على شهادة طبية تثبت أنهم غير قادرين على ممارسة العمل تفاديا للغياب غير الشرعي. حيرة وذكر الدكتور العاني أن المواطن التونسي يعيش حالة انتقال ديمقراطي ومن البديهي جدا أن يشعر ب«الستراس» والقلق لأنه يريد أن يفهم عديد الأشياء ويريد أن يشارك في عديد الجلسات والنقاشات لفهم ما يحدث وهذا في حد ذاته له تأثير نفسي كبير وهو ما دفع بالجمعية التونسية للطب النفسي الى تنظيم دورة تكوينية للأطباء التونسيين المختصين في المجال وأطباء في اختصاصات أخرى حول «الستراس» في المرحلة الانتقالية. وأشرف على هذه الدورة التكوينية التي دامت ثلاثة أيام مجموعة من الأطباء الأجانب. وذكر أن الجمعية نظمت كذلك مؤتمرا وطنيا حول موضوع «الكلام والسمع والراب مع الديمقراطية.» حيث تم تناول مقاربة التحول الديمقراطي في علاقة بالطب النفسي. واعتبر أن الثورة التونسية ثورة سلمية ومرت دون خسائر بشرية ومادية كبيرة وما يحدث اليوم هو ناتج عن فراغ في هيبة الدولة وغياب الأمن سوف يتم تداركه بمجرد اجراء انتخابات المجلس التأسيسي. وقال: «لا مجال للتشاؤم والانسياق وراء الشك والحيرة لأنه مهما بلغنا من فوضى واضطرابات فسنكون دائما أفضل حالا مما كنا عليه». وأضاف أن الشعب التونسي ذكي وقادر على الغربلة وتحديد الصالح من الطالح. تصريحات الراجحي لم ينف الدكتور العاتي أن تصريحات وزير الداخلية السابق السيد فرحات الراجحي وفرت الأرضية الملائمة للدخول في الشك والحيرة من جديد نظرا لخطورة مضامينها ولكن ما يمكن أن يعيد الطمأنينة الى نفوس الناس هي الشفافية التي يجب أن تتوخاها الحكومة. وقال: «أدرك أنه في السياسة هناك أشياء لا نستطيع التصريح بها ولكن في المقابل يجب أن يخرج ممثلو الحكومة من حين الى آخر لإعلام الناس بما يجري. وأضاف أن محاكمة رموز الفساد كذلك ومحاسبتهم يجب أن يطلع عليها الشعب عن طريق وسائل الاعلام ولو بذكر بعض التفاصيل حتى يشعر بتطبيق العدالة الانتقالية. وأكد أنه في غياب ذلك يمكن أن يفتح المجال للتأويلات الخاطئة. وأشار الى أن الأحزاب مطالبة بالاضطلاع بدورها خلال هذه الفترة بطمأنة الناس وليس العكس كما يجب أن يساعد الإعلام على الحد من الانفلات الأمني والفوضى. علاج ولخص الدكتور حديثه بأن الثورة أدت الى اضطرابات نفسية بسيطة تطلبت علاجا بالأدوية الخفيفة وتم تسجيل بعض حالات الانهيار ولكن في عمومها كانت علاجا لعديد الأمراض (النفسية حتى أن الكثير منهم لم يعد في حاجة الى أخصائي نفسي). وختم بأن خطاب السيد الباجي قائد السبسي كان لتجاوز حالة الشك والحيرة التي خلفتها تصريحات السيد فرحات الراجحي.