احتفالا باليوم العالمي للمتاحف الموافق للثامن عشر من كل سنة نظمت عشية يوم السبت الفارط المندوبية الجهوية للثقافة والمحافظة على التراث بالاشتراك مع كل من دار الثقافة الشيخ ادريس وجمعية صيانة مدينة بنزرت ندوة حول موضوع المتاحف والتنمية الجهوية. وقد توزعت أشغال هذا اللقاء الذي احتضنه فضاء المركب الثقافي دار سيدي جلول بين رصد للعلاقة القائمة بين المتحف والذاكرة أو بالأحرى التاريخ بالنسبة الى الشعوب والثقافات الانسانية ودور التراث اللامادي في ما يتعلق باضفاء حيوية على الممارسات والتمثلات والعادات الموروثة عبر الأجيال وضمان استمرارها... فيما تناول الحضور من المهتمين بالشأن الثقافي على هامش النقاش مسألة التشريع القانوني في التعاطي مع مخاطر النهب والسرقة وباقي المخالفات الفنية ذات الصلة المهددة للتراث الوطني... وفي مستهل مداخلته أشار الأستاذ: «الطاهر غالية» مدير متحف أن طرح العلاقة التي تربط المتحف بالذاكرة يبرره أهمية مثل هذه الفضاءات في التعبير عن تاريخ الفرد والمجموعة على حد سواء على مر التاريخ الانساني علاوة على مساهمتها في ترسيخ الهوية الثقافية للشعوب أو الجهات أو المناطق... ناقدا في الأثناء الرؤية السطحية على حد وصفه من زيارة المتحف التي لا يمكن أن تحمل في كنهها بعدا ترفيهيا بل هي ربط للانسان بالثقافة عبر ضبط للفترات القديمة والحديثة من التاريخ... «القسم المتحفي»... والدور التربوي ولاحظ المحاضر أنه من المرتقب أن تعلن الوزارة المعنية في اطار إحياء ذات الذكرى عن ضبط لتقليد «القسم المتحفي» الذي سيساهم في تعزيز علاقة الناشئة بالمتحف في شكل زيارة مرة كل شهر وذلك انطلاقا من العام القادم وبأن أشغال القسط الثاني الجارية ستنتهي في شهر نوفمبر من هذا العام. التراث المحلي... والإشكال التشريعي لحماية التراث التراث اللامادي والمخاطر المهددة للتراث الوطني ومدى تفعيل التشريع القانوني للتصدي للإخلالات الطارئة كانت من المحاور الكبرى التي تطرق اليها الباحثون في مجال الأثار حيث أوضح السيد: «عماد صولة» بأن مفهوم التراث أخذ في الاتساع ليتجاوز صفة المادي منه من عمارة وروائع الفن وعبقرية الحضارات الى التراث المحلي في شكل تمثلات وممارسات ومهارات وفضاءات ثقافية التي ترتبط بالضرورة بجزء من ثقافة الشعوب والتي هي موروثة من جيل الى آخر، متوقفا في الأثناء عند ما يميز جهة بنزرت بخصوص هذا الصنف من التراث ما بين المناطق الساحلية والتجمعات الريفية على حد سواء حيث تعكس تقاليد الحرف النسائية من ما يعرف بالجمعة «والطريزة» مثلا بكل من رأس الجبل و«سونين» و«الماتلين» تأثيرات حضارية متنوعة ذات أبعاد أندلسية وتركية علاوة على اقتباس من الجاليتين الايطالية والفرنسية، وكذا الأمر بالنسبة الى فنون الطين بسجنان الذي يثير حوله أكثر من اهتمام... وبخصوص الاطار القانوني للتصدي للمخاطر التي تهدد التراث الوطني والمخالفات ذات الصلة ودور «الحراس» في مجابهة الحفريات بالمواقع شدد الباحث «الطاهر غالية» أن هناك حاجة أكيدة لمعالجة هذه المسائل واصفا أن هناك فراغا قانونيا سواء في مستوى خلق المتاحف ما عدا متحف باردو أو زجرية العقوبات وصرامة التشريعات في مستوى حالات النهب أو السرقة وغيرها من المسائل الأخرى ذات البعد التكويني للحارس. ومن جانبه وبخصوص بعث متحف لشواهد التراث المحلي شدد المحاضر: «عماد صولة» على طابع حيوية العرض بالفضاء المنجمي الذي عليه أن لا يتحول الى آلية للإجهاز عليه وعزله عن الممارسة الثقافية والترويج للسياحة كما كان الحضور قد أثاروا المخالفات الموجودة بمعلم مدينة بنزرت القديمة جراء البناء العشوائي، ومدى التفكير بجدية لاعادة الاعتبار لها وذلك بتدخلات فنية تضمن استعادة دورها السياحي الأساسي عما قريب...