تضطلع المتاحف بدور هام في حفظ الموروث التاريخي والثقافي والاجتماعي باعتبارها تشكل فضاء للتعبير عن الذات والشعور بالانتماء الى هوية وطنية تتميز بعراقة مخزونها الحضارى. ومن هذا المنطلق تحرص تونس على ايلاء المتاحف عناية فائقة من حيث صيانتها وحماية مكوناتها التراثية والتاريخية لما تكتسيه من بعد تربوى وعلمي وثقافي تتعاقبه الاجيال يساهم في التعريف باهم المحطات التاريخية والحضارية التي شهدتها البلاد. ويتجسم ذلك في تعدد المتاحف الموزعة على مختلف جهات الجمهورية وتنوع اختصاصاتها من ذلك متاحف الحركة الوطنية التي تبرز جانبا من النضال السياسي على غرار متحف /دار عياد بقصر هلال/ و/متحف الذاكرة المشتركة التونسية الجزائرية بغار الدماء/ الى جانب المتاحف العسكرية التي تسلط الضؤ على تاريخ تونس العسكرى الحافل بالامجاد مثل /المتحف العسكرى الوطني بقصر الوردة/ بمنوبة و/متحف الذاكرة الوطنية/ بالسيجومي. وللتعريف بالخصائص التي طبعت المسكوكات عبر مختلف العهود والحضارات التي مرت على تونس افتتح في اواخر سنة 2008 /متحف العملة/ بالعاصمة احتفالا بخمسينية البنك المركزى. كما خصص متحف لاستعراض سلسة قيمة ونادرة من الطوابع البريدية التي يعود تاريخها الى عهد الحماية وذلك بمتحف البريد المتواجد بتونس العاصمة. وتتضافر الجهود من اجل العمل على احاطة هذه المتاحف بالعناية اللازمة من خلال تحسين ظروف استقبال الزوار واحداث مسالك للزيارة وانظمة ارشاد وتوجيه علاوة على تطوير تقنيات عرض المجموعات المتحفية. وفي هذا الاطار يجرى الحرص على مزيد التعريف بكنوز التراث في العمارة والفنون والحرف التقليدية و الماثورات الشعبية لابراز مجالات تنوعها وتميزها على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية وتوظيفها في خدمة التنمية بمفهومها الشامل. ويتدعم هذا التوجه بما دابت عليه وزارة الثقافة والمحافظة على التراث من اقامة العديد من التظاهرات المرتبطة بهذا القطاع من بينها شهر التراث الذى يقام سنويا من 18 افريل الموافق لليوم العالمي للمعالم التاريخية والمواقع الاثرية الى 18 ماى الذى يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمتاحف والذى يتيح الفرصة لتحقيق المصالحة بين المواطن وتراثه العريق من ناحية والتعريف بمساهمة بلادنا في نحت الحضارة الانسانية. وتحتفل تونس على غرار سائر بلدان العالم باليوم العالمي للمتاحف الذى وضع هذه السنة تحت شعار /المتاحف والسياحة/. وبهذه المناسبة تفتح متاحف تونس ابوابها للعموم مجانا لتمكين اكثر عدد ممكن من الزوار من الاطلاع على المخزون التراثي وعلى الحضارات التي تعاقبت على البلاد. وستتوج فعاليات هذه التظاهرة بالنسبة لسنة 2009 بافتتاح متحف مختص في التراث التقليدى بقرية كسرى الجبلية اقدم قرية بربرية بولاية سليانة وهو انجاز رئاسي يندرج في اطار دعم السياحة الثقافية ذلك ما اكده السيد الحبيب بن يونس مدير دائرة التنمية المتحفية بالمعهد الوطني للتراث لوكالة تونس افريقيا للانباء. وتشتمل محتويات المتحف على نماذج من الانشطة الاقتصادية التقليدية وعلى جناح خاص بالعرس التقليدى للجهة. ويؤكد انجاز هذا المتحف حرص الرئيس زين العابدين بن علي على توظيف التراث في الحياة الاجتماعية وفي الدورة الاقتصادية لاسيما في مجال الخطة الوطنية للسياحة الثقافية التي شهدت اعداد /خريطة السياحة الثقافية والبيئية/ واحداث متاحف وتهيئة واحياء مواقع اثرية عديدة وتحسين ظروف النشاط السياحي بها. ولتعصير المتاحف وتاهيل مكوناتها تمت في اطار مشروع ادارة واحياء التراث الثقافي اعادة تهيئة المتحف الوطني بباردو الذى يمثل اكبر متحف في البلاد التونسية ويعتبر من ابرز متاحف العالم في عرض الفسيفساء. ويقوم برنامج التهيئة على مضاعفة المساحة والرفع من طاقة استقبال الزائرين التي ستبلغ مليون زائر سنويا مقابل 700 الف حاليا فضلا عن توفير كافة التجهيزات الخدماتية وفضاءات جديدة تمسح 8000 متر مربع ستخصص للابعاد البيداغوجية والاستقبال والتسوق ليتحول بفضلها متحف باردو الى فضاء ثقافي متكامل. كما تتجه العناية الى متحف سوسة الاثرى من حيث اعادة بنائه باعتباره من اهم المتاحف العالمية ايضا نظرا لثراء مجموعاته الفسيفسائية الرومانية والتحف النادرة الدالة على معالم النهضة الثقافية والاقتصادية بمدينة حضر موت. واهتم المشروع ايضا بتهيئة متحف الفنون والتقاليد الشعبية بحومة السوق بمدينة جربة الذى يحتضنه المبنى القديم لزاوية سيدى الزيتوني ويشتمل على الحلي التقليدية والاثاث والمنقوشات الخشبية والاواني الفخارية والمصاحف والمخطوطات. وقدرت تكلفة تهيئة مختلف هذه المتاحف ب 30 مليار مدرجة في اطار الشراكة بين الجمهورية التونسية والبنك العالمي. وشهدت مدينة القيروان عاصمة الثقافة الاسلامية لسنة 2009 في اطار نفس المشروع بعث مركز اعلام حول تاريخ ومعالم هذه المدينة تتوفر به وسائل اتصال حديثة تساهم في التعريف بالكنوز الاثرية والتراثية لعاصمة الاغالبة الى جانب متحف الفنون والحضارة الاسلامية برقادة الذى يزخر بكنوز تراثية نادرة حيث تعرض به مجموعة كاملة من المخطوطات العربية واخرى من النقود الاسلامية المضروبة بافريقية اضافة الى ادوات الطب والصيدلة والتجميل. كما يحتضن المتحف المخبر الوطني لترميم المخطوطات على الرق وهي مجموعة فريدة من نوعها تعكس عبقرية الفكر ومهارة اليد في حذق مختلف التقنيات المتصلة بالخط والمخطوطات. ودعما للسياحة الثقافية التي تحرص الدولة على توظيفها للتعريف بالمخزون التراثي الوطني ضمن رؤية تستهدف ادماج الثقافة في الدورة الاقتصادية شهدت بعض الولايات افتتاح او تاهيل العديد من المتاحف وذلك بجرجيس ودوز ونابل والجم وسلقطة والمكنين واوتيك بتكلفة جملية تفوق مليارين و500 الف دينار. اما المشاريع المستقبلية التي دخلت طور الانجاز فتتمثل خاصة في بناء متحف جديد في سليانة يشمل عادات وتقاليد الجهة ككل فيما انطلقت الدراسات المتصلة ببعث متحف بمدينة سيدى بوزيد. وللتعريف بتونس كوجهة للسياحة الثقافية انجزت منظومة اتصالية وتسويقية من خلال احداث مواقع خاصة على شبكة الانترنات واصدار نشريات ومطويات تسلط الضؤ على ما يتوفر من مواقع ومتاحف اثرية تبرز الخصوصيات الثقافية والحضارية للبلاد.