ولتحقيق ذلك من طرف المترشّحين فقد أوجب القانون عليهم استعمال وسائل الإعلام الوطنية دون سواها وتحت إشراف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الّتي تسهر على تنظيم ذلك وفقا لمبادئ الديمقراطية والمساواة والتّعددية والنّزاهة والشّفافية. وإزالة كل العراقيل التي تتعارض مع مبدإ حرية النّفاذ إلى وسائل الإعلام، على أساس عدم التّمييز بين جميع القائمات المترشحة، وعلى أساس معايير دقيقة تتعلق باحترام الحياة الخاصة وكرامة الإنسان وحقوق الغير والنّظام العام. والسّهر والموافقة على تحديد التّقنية والقواعد الخاصة بالبرامج المتعلّقة بالحملات الانتخابية التي يتعيّن التقيّد بها من قبل مؤسسات الإعلام والاتّصال بالقطاعين العامّ والخاصّ. حيث وقع التّأكيد على أن تعد كل مؤسسة إعلاميّة خاصة برنامج توزيع الحصص والمساحات المخصّصة للحملة الانتخابيّة للمترشّحين بما فيها مدة الحصص والبرامج والمساحات المخصّصة لمختلف القائمات وتوزيعها وتوقيتها بمختلف وسائل الإعلام بالتّشاور مع مختلف الأطراف المعنية على أساس احترام مبادئ التّعددية والشّفافية والمساواة وتكافؤ الفرص. ولها كذلك أن تتّخذ عند الاقتضاء الإجراءات والتّدابير اللاّزمة بناء على قرار أو قرارات لوضع حدّ فوري لكل التّجاوزات قبل نهاية الحملة الانتخابية تلقائيا أو بناء على طعن يتمّ في الغرض من قبل مترشّح أو مترشّحين. وهذا الإجراء أو الإجراءات يمكن الطّعن فيها أمام الدّوائر الاستئنافية للمحكمة الإداريّة التي تبتّ في المطلب حسب إجراءات مبسطة في أجل 10 أيام من تاريخ تقديم الطّعن، وتكون قراراتها باتّة. وللهيئة أن تقوم بجميع الأبحاث والتّحريات في نطاق احترام حقوق الدّفاع دون إمكانية معارضتها بالسرّ المهنيّ. وعلى أصحاب المؤسسات الإعلاميّة ومقيمي الشّبكات الاتصالية ومشغّليها مدّ الهيئة بالوثائق والبيانات الضّرورية لإنجاز الأبحاث والتّحريات اللاّزمة. ولها عند الاقتضاء الاستعانة بأعوان الضّابطة العدلية المنصوص عليهم بالفصل 10 من مجلة الإجراءات الجزائية. كما مكّن الهيئة العليا المستقلّة من أن تستعين بمراقبين يقع اختيارهم على أساس الحياد والاستقلالية والكفاءة لمراقبة الوثائق ومعاينة كافة المخالفات، وذلك بالتّنسيق مع الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال والنّقابة الوطنية للصحافيين التّونسيين. كما يتولّى المراقبون إعلامها ومدّها بالوثائق والبيانات الضّرورية لإنجاز الأبحاث والتّحرّيات اللاّزمة. ولهذا أعتبر أن كل خرق للمقتضيات المذكورة يخوّل للهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن تحيل الملف على النّيابة العموميّة المختصّة ترابيا للتّنبيه على المخالف بالكفّ فورا عن الخروقات المنسوبة إليه. وفي صورة عدم الامتثال يحال المخالف توّا على الدّائرة الجناحية التي تصدر حكما بالخطية تتراوح بين ألف دينار وخمسة آلاف دينار. كما أوجب المشرّع على البلديات والمعتمديات والعمادات أن تخصص أماكن معيّنة ومساحات متساوية لوضع الإعلانات الانتخابيّة لكل قائمة طيلة مدّة الحملة الانتخابية تحت مراقبة الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات. وأن يقع ترتيب الأماكن المخصّصة للمنشورات على أساس عملية القرعة. وحجّر في نفس الوقت كل تعليق خاص بالانتخابات خارج الأماكن وفي المساحات المخصّصة لبقية القائمات. وخوّل للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات تحديد مواقع مكاتب الاقتراع لكل بلدية أو عمادة. ويعلن عنها للعموم بواسطة إعلانات تعلق بمراكز الولايات والمعتمديات ومكاتب العمد والبلديات وذلك 7 أيام قبل يوم الاقتراع. و يجب أن لا يقل عدد النّاخبين في مكتب واحد عن 800 بالنسبة الى البلديات التي يساوي عدد النّاخبين فيها 7 آلاف. ولا يجوز أن يكون موقع مكاتب الاقتراع في محلاّت تابعة لحزب سياسي أو لجمعية أو لمنظمة غير حكوميّة. وتعيّن الهيئة المستقلة رئيسا لكلّ مكتب اقتراع وعضوين على الأقل لمساعدته من غير المترشّحين الذين يحجر عليهم حمل أيّ شارة تدلّ على الانتماء السّياسيّ. وقد خوّل للمترشح الحضور بالمكتب كامل أوقات الاقتراع وله أن يعيّن ممثلا عنه أو من ينوبه لمراقبة العملية الانتخابية. ويقع إعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كتابيا 3 أيام قبل يوم الاقتراع على الأقلّ بأسماء الممثلين ونوابهم والملاحظين وتسلّم وصلا في ذلك. كما يمكن للهيئة العليا للانتخابات أن تعتمد بدورها ملاحظين ومراقبين لمراقبة سير الانتخابات. وللتّداخل الذي يمكن أن ينتج عن هذا الحضور، فقد أوكل لكلّ رئيس مكتب اقتراع المحافظة على النّظام داخل المكتب وأجيز له عند الاقتضاء تعليق عمليات الاقتراع عند وجود إخلال يحول دون سير عملية الانتخاب في ظروف عادية. كما أجيز له الاستعانة عند الاقتضاء بالقوة العامّة بمبادرة منه أو بطلب من ممثلي المترشّحين أو نوابهم أو الملاحظين. وتجرى انتخابات المجلس الوطنيّ التأسيسيّ بواسطة أوراق تصويت موحدة، تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات طبعها. حيث يتعيّن على كل قائمة مترشحة اختيار رمز عند تقديم التّرشح من بين الرّموز التي تقدّمها لها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ويكون الاختيار حسب أولوية تقديم التّرشحات، على خلاف الأحزاب التي يكون الرّمز موحدا بالنّسبة إليها. وقد أوجب المرسوم أن يكون بكل مكتب اقتراع صندوق انتخاب واحد به منفذ واحد لوضع ورقة التّصويت، يفتحه رئيس المكتب في الساعة المعينة لابتداء عمليات الاقتراع وبحضور كافة أعضاء المكتب ومن حضر من ممثلي المترشّحين أو نوابهم والملاحظين للتّحقق من أن الصندوق فارغا. ويدلي النّاخب عند دخوله قاعة الاقتراع ببطاقة التّعريف الوطنية، ثم يتناول بنفسه ورقة تصويت ودون أن يغادر قاعة الاقتراع يدخل الخلوة وجوبا ليقوم بالتصويت بوضع علامة (X) أمام القائمة التي يختارها. ثم يعود النّاخب إلى مكتب الاقتراع ويتثبت رئيس المكتب من أنه لا يحمل إلاّ ورقة تصويت واحدة يضعها النّاخب بنفسه في الصّندوق ثم يمضي بقائمة النّاخبين أمام اسمه. ويحجر التّصويت بالوكالة. وبالنّسبة الى النّاخب الذي يجهل القراءة والكتابة أو مصاب بسقوط واضح يمنعه من القيام بمختلف عمليات التصويت، يخوّل له الاستعانة على ذلك بناخب يختاره بنفسه من غير المترشّحين. ولا يجوز أن يقوم نفس النّاخب بمساعدة أكثر من شخص واحد. بقلم : الدّكتور يوسف بن المكّي عبيد (دكتوراه دولة في القانون محامي لدى التّعقيب)