سامي الطاهري يدعو إلى ضرورة استئناف المفاوضات في القطاع الخاص    القصرين: الشروع في استغلال خط نقل بلدي جديد    نقابة الصحفيين التونسيين تندد باعتقال الصحفي الفلسطيني ناصر اللّحام (بيان)    عاجل/ "رسوم ترامب" على تونس: رئيس الغرفة التونسية الأمريكية للتجارة يكشف كواليس المفاوضات    النادي الصفاقسي يدخل في تربص تحضيري بعين دراهم الى غاية 15 جويلية الجاري    النجم الساحلي: جلسة عامة انتخابية يوم 24 جويلية    عامين مع النفاذ العاجل لشقيقة سنية الدهماني    إيران تتسلم بطاريات دفاع جويّ من الصين    نقل مليوني فلسطيني إلى "مدينة إنسانية" محاصرة: خطة تهجير إسرائيلية مثيرة للجدل    وزارة التجارة تعلن عن هذه الإجراءات الهامّة.. #خبر_عاجل    تأجيل محاكمة رئيس جمعية الوقاية من حوادث الطرقات عفيف الفريقي والنظر في مطلب الإفراج    معهد الرصد الجوّي يُحذّر من رياح قوية والبحر شديد الاضطراب    عاجل/ البرنامج الكامل للدورة 59 لمهرجان قرطاج..والفنانون المشاركون..    عاجل: مهرجان قرطاج يكشف عن أبرز النجوم بحفلات نارية وعروض عربية وعالمية مميزة!    أحلام على مسرح قرطاج من جديد...والتونسيون في انتظار سهرة استثنائية    وزارة الثقافة التونسية بين المحلية والعالمية: رؤية لتعزيز التبادل الثقافي واستقطاب الإبداع العالمي    ريجيم الكيتو وعلاقته بالصحة العقلية..علاج مكمل أم بديل فعّال؟    المنخفض الجوي يشتد غرب البحر المتوسط ومخاوف من الفيضانات    علاش الكليماتيزور في الكرهبة متاعك ما يبردش؟ أهم الأسباب والحلول    وزارة التجارة تعلن عن موعد إنطلاق موسم التخفيضات الصيفية    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره الشيلي    صفاقس : "تركيز ملعب للكرة الطائرة بشاطئ الكازينو تزامنا مع الإحتفال باليوم العالمي للكرة الطائرة"    جمعية أحباء المكتبة والكتاب ببن عروس تطلق مسابقة في كتابة الشعر باللغة العربية الفصحى    الكاف: تجميع أكثر من مليون و100 الف قنطار من الحبوب ودعوة إلى التسريع في اجلاء الصابة    بفضل شراكة تونسية سعودية.. 52 طفلاً يستعيدون نعمة السمع !    عاجل/ زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر الأبيض المتوسط قبالة تركيا..    تونس: انخفاض في درجات الحرارة وتحذيرات من السباحة بداية من مساء اليوم    حادث مرور قاتل بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    انقلاب شاحنة محمّلة بالطماطم..#خبر_عاجل    Activi Sifek مع شهري عرض Ooredoo الجديد للدفع الآجل على شبكة الجيل الخامس، مليء بالمزايا الحصرية    الحماية المدنية: إطفاء 134 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    صابة ''الهندي'' تراجعت برشا.. والحشرة القرمزية السبب    رود بالك: زرّ صغير في'' كوموند الكليماتيزور'' ينجّم يكلّفك برشة فلوس في فاتورة الضوء!    النجم الساحلي: قائمة المدعوين لتربص حمام بورقيبة    مجسّم ''الباخرة الغارقة'' يُثير الجدل في منزل جميل... والبلدية تؤكّد انه جميل وناجح    من دمشق إلى غزة… التراث العربي بين نيران الحروب وصمت العالم!    سينر يبلغ دور الثمانية في ويمبلدون للتنس بعد انسحاب ديميتروف للإصابة    هزة أرضية بقوة 9ر4 درجات تضرب قبالة هذا الساحل..#خبر_عاجل    الصباح ما يكمل كان بفنجان تاي ولا قهوة... أما شنوّة المفيد فيهم؟    علاش القطن ديما هو الحل في الصيف؟ اعرف السر!    سخانة الصيف ما عادش تعبك! 3''عصاير'' تردلك النشاط وتبردك على طول    تونس.. ثاني دولة إفريقية تُفرض عليها رسوم جمركية ترامب بعد هذه دولة    المنتخب الوطني لكرة السلة سيدات يواجه اليوم نظيره المصري في نهائي البطولة العربية    عاجل/ بعد الاجراءات الاخيرة في "التوينسار": هذا أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير النقل..    رئيس الجمهورية: وضع حد للفساد ودفع الاستثمار على رأس الأولويات..    عاجل/ منظمة إرشاد المستهلك تدعو لإيقاف فوري للشنقال والصابو المخالفة للقانون..    نتنياهو يعلن عن ترشيحه ترامب لجائزة نوبل للسلام    التوقعات الجوية لهذا اليوم ودرجات الحرارة..    طقس اليوم الثلاثاء    لماذا ألغيت مباراة تحديد المركز الثالث في كأس العالم للأندية 2025؟    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    تونس تتمكن في تجميع 518 الف قنطار من الحبوب الممتازة الى حدود يوم 6 جويلية 2025    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب بولاية منوبة يومي 8 و9 جويلية    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من نافذتي: تصدّعات بالجملة
نشر في الشروق يوم 04 - 06 - 2011


1
ما الذي يمكن قوله عن مساعي حزب الدّستور عام 1951 لضرب حركة الزّيتونيّين وإضعافها بواسطة «حملات تأديبية، ومطاردة لقياديّي اللّجنة (لجنة صوت الطّالب الزّيتوني)، فهوجموا في مدارس سكناهم، وفي الطّريق العامّ، بهدف إجبارهم على الانسلاخ عن حركتهم. ومن تلك الهجومات ذاك الذي استهدف مدرسة نهج الصّبّاغين التي يقطنها العجمي السّايب، غير أنّ قاطني المدرسة تمكّنوا من ردّ المعتدين»(1).
وماذا يمكن قوله في أنّ نفس المجموعة اعتدت على الشيخ محمد الفاضل بن عاشور، فيأتي ردّ الفعل سريعا ، إذ «تتوجّه مجموعة من طلبة الزيتونة إلى مطبعة نهج المفتي، حيث تسحب جريدة «الحرية»، ويهدّدون بحرق المطبعة ، ثم جاءت عناصر دستورية استنجد بها عزّوز الرّباعي لتردّ الفعل»(2).
وماذا يمكن قوله عن تواصل « المشادّات صباح 18 فيفري 1951 ، إذ تولّت مجموعة من الشبيبة الدّستورية استفزاز الطّلبة الزّيتونيّين أمام الجامع الأعظم، ولم تتوقّف سلسلة العنف المتبادل حتى وصل الأمر إلى استعمال الأسلحة النّاريّة(3).
ماذا يمكن قوله في أن « يسعى الدّستوريّون إلى شقّ الحركة الطّالبيّة الزّيتونيّة ،(ببعث منظّمة أخرى منافسة لهم)، فظهرت «كتلة الدّفاع عن المطالب الزّيتونية» في بداية مارس 1951، وأن يساعدوها على الظّهور لدى الأوساط الرّسميّة والشّعبيّة، كممثّلة للطّلبة الزّيتونيّين»(4).
ماذا يمكن قوله في حملة إعلاميّة شرسة تبودلت فيها الاتّهامات، وبسببها «تصدّى الدّستوريّون بباب سويقة إلى استعراض طالبيّ بمناسبة الاحتفال بعيد العرش، وفي اليوم الموالي نشب العنف بين الطّرفين أمام القصر الملكي بقرطاج، ممّا أدّى إلى جرح خمسين شخصا. وفي المساء كانت عناصر الشبيبة الدّستوريّة تبحث بالمدينة، وخاصّة قرب مدارس السّكنى عن الطّلبة الزّيتونيّين لاستفزازهم والاعتداء عليهم»(5).
2
ماذا يقال عن ضابط في أيّام الزّعيم بورقيبة ، هو ابن أخ الزّعيم محمود الماطري، يشترك في مؤامرة 1962الانقلابية، فيحاكم ويسجن، بينما يعدم رفاقه ، ثم يخرج من السّجن، ويصير في عهد بن علي من كبار رجال الأعمال، ويصاهر ابنه رئيس البلاد، فيثري الأب والابن، ويسودان على الميدانين المالي والسياسي، كأنّهما يطفئان بذلك جمرة حقدهم على بورقيبة، الذي افتكّ الزّعامة من كبير العائلة، وسجن أصغرها أعواما طوالا.
ماذا يمكن قوله في تحرّكات عبد الكريم قمحة بحكم موقعه في لجنة صوت الطّالب الزّيتوني، وانتسابه إلى اللّجنة التنفيذيّة للدّستور القديم لمعارضة التّجربة التّفاوضيّة مع فرنسا، «ومشاغبة الحكومة، خاصّة بعد حادثة التّسميم التي حصلت بالمدرسة المستنصريّة في 23 نوفمبر 1951»(6). والنّتيجة أن دخل على هذا الشابّ الزّيتوني المتحمّس، أخوه المتعصّب للحركة الدّستورية، فرماه برصاصة قاتلة في عقر البيت العائلي.
ماذا يمكن قوله في عمليّات المدّ والجزر التي اتّصفت بها تعاملات الحركة العمّاليّة مع الحركة الدّستوريّة؟ فبعد سنوات السّبعين التي استقوى فيها الاتّحاد إلى درجة مساومة الحكومة، بل ورفض قراراتها أحيانا، صار منسجما مع سياساتها ابتداء من عام 1989. وفي ما بين التّاريخين حدثت أزمات خطيرة كادت تقوّض المنظّمتين.
ماذا يمكن قوله عن هذا الحصار الغريب على أدبيّات الحركة العمّاليّة في ما بعد 1956، ربّما بسبب ذلك التّقاطع الجذريّ بين قيادتي الحركتين العمّاليّة والدّستوريّة؟ مع أنّ الأولى أن تمثّل الحركة العمّاليّة التيّار الشّعبي، «إذ كان أسبق إلى الظّهور من الحركة الدّستوريّة بشقّيها، وإن تأخّر عنها تهيكلا...إذا ما صحّت نسبته إلى ثورة العربان بقيادة علي بن غذاهم، حيث بدا لنا أنه من العمق والتّجذّر الشّعبيّ ما يصحّ أن نعتبر أنّ ميلاده يقترن بميلاد وعي الشّعب، وأنّه من صميمه، يحسّ بحسّه، (قد) يضرب ويغلّل ويلجم، ولكنّه لا يموت»(7).
3
وبعد كلّ هذا، ماذا يمكن قوله وتاريخنا المعاصر شاهد على تلك الوقائع، التي مازال بعضها حيّا في الضمائر، ولها في جسم شعبنا وروحه ندوب وجروح وشقوق وتصدّعات، بعضها ظاهر، وبعضها مستتر يسري في العروق؟ إنّني أنبّه فقط. وأرجو ممن فرحوا بقيام الثّورة أن يكفّوا عن إثارة النّعرات والضّغائن، وأن لا يتقصّدوا تعويض عهد الظلم الغاشم بعهد أكثر ظلما، فالأيّام قد أثبتت أنّ المقهور والمغلوب والمظلوم ينام على غيظه، لكنّه لا ينساه . ومن قال إنّ شعب تونس لا ينساق إلى الفتنة ، ولا ينشقّ بسهولة ، مداور ومغالط ، فالخطر قائم ، والحذر لازم.
(1)Kraiem (M) ,La classe ouvrière tunisienne et la lutte de libération nationale ,Tunis,1980,p.369.
(2) Ibid
(3) Ibid,p.370
(4) ضيف الله(محمد)، المدرج والكرسيّ ،مكتبة علاء الدّين، صفاقس،2003،ص.33.
(5) Kraiem(M) ,op. cit.p.372.
(6) الإرادة، 27 نوفمبر 1951» الحوادث تترى في المحيط الزّيتوني».
(7) عبيد (عبد الرّحمان)، في النّظريّة العمّاليّة الشّعبيّة،د.ن، تونس،2002،ص.7.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.