وزارة الشؤون الدينية تُصدر مطوية "لا للمخدرات"    عاجل/ السجن 10 سنوات ضد كاتب عام جهوي لاتحاد الشغل من اجل هذه التهم    تجميع أكثر من مليون و300 الف قنطار من الحبوب بهذه الولاية.. #خبر_عاجل    عاجل/ الجيش الاسرائيلي يأمر بتحويل عدد كبير من الطائرات نحو سوريا    تونس – الطقس: عواصف رعدية خفيفة في الوسط الغربي    حالة الطقس ودرجات الحرارة هذه الليلة    وزارة الدفاع تنتدب.. #خبر_عاجل    الغاء اضراب أعوان الصيدلية المركزية    البرلمان: عقد جلسة عامة في هذا الموعد تهم جملة من مشاريع القوانين    نابل:كهل ينتحر شنقا    مديرة المهرجان الصيفي بتالة: "وضعنا اللبنات الأولى لتدويل المهرجان"    بن عروس: اصابة 6 عاملات فلاحيات في حادث انقلاب شاحنة بمرناق    الفيفا: بداية بيع تذاكر مونديال 2026 اعتبارا من 10 سبتمبر المقبل    الدورة الثانية من تظاهرة 'مليتنا جذورنا واصالتنا' يوم 15 سبتمبر المقبل بتونس المدينة    الدورة الرابعة لمهرجان 'مصيف الكتاب بالناظور' يومي 22 و23 جويلية الجاري    لا تتجاهلها..علامة في يديك قد تدل على هذا المرض    يوم اعلامي حول "المتعامل الاقتصادي المعتمد" بمقر الادارة العامة للديوانة    الإعلان عن انطلاق الاستعدادات العمليّة واللوجستية "لأسطول الصمود المغاربي البحري لكسرِ الحصار على غزَّة..وهذه التفاصيل..    خامنئي: الحرب الإسرائيلية هدفت الى الإطاحة بالحكم في إيران    شركة تونس للطرقات السيارة تعلن عن إلغاء محطة الإستخلاص "سوسة /القلعة الصغرى" إبتداء من الإربعاء    وزارة التجارة تعلن عن تنفيذ برنامج إستثنائي لتزويد السوق بمادة القهوة الموجّهة للإستهلاك العائلي    تونس: اللحوم الحمراء قد يصل سعرها إلى 80 دينار!    فتح المنصة الخاصة بالتسجيل في خط تمويل بقيمة 5 ملايين دينار لفائدة الاشخاض ذوي/ات الإعاقة    دراسة تحذر وتكشف: المُحليات قد تُسبّب البلوغ المبكر لدى الأطفال ومشاكل في الإنجاب..!#خبر_عاجل    اليوم: إلغاء محطة استخلاص سوسة القلعة الصغرى    الشبيبة القيروانية: ود منتظر أمام النادي الإفريقي .. وثلاثي يمضي غدا    من بينهم تونس: تعرف على تصنيف متوسط دخل الفرد في الدول العربية وأعلى الأجور    اللي يحبّ يعيش ملك: هاذم أغلى مدن في العالم!    عاجل/ اختراق صيني يستهدف شبكة الحرس الوطني الأميركي..    "رَست" و"السارة و النوباتونز" يصدحان بأوجاع الاغتراب في المهجر على ركح مهرجان الحمامات الدولي    عاجل : كينيث سيماكولا يُغادر رسميا النادي الإفريقي    بطاقة مدرسية مجانية من البريد التونسي: تحوّل فلوسك لولدك ب ''كليك''!    ديار جدودنا كانت تبرد، توا ديارنا تغلي... علاش؟    إنطلاق فعاليات الدورة 42 لمهرجان بنزرت الدولي بعرض رحلة الأجيال للفنان يسري مقداد    توقيع اتفاقية تعاون علمي بين جامعة القيروان و جامعة الجفرة الليبية    وزير الفلاحة يؤكد ان الوزارة تشتغل على أساس معطيات دقيقة وينفي وجود أية شبهات    تونس – مقتل امرأة في قفصة: التحقيق يركز على ابنتها وشريكها    المشاركات التونسية بألمانيا: 3 أسماء فقط في التايكواندو    قانون جديد لمناهضة العنف في الملاعب: عقوبات بالسجن وغرامات ثقيلة    بالفيديو: أمين علولو للتونسيين في الخارج: ''عودتكم قوة اقتصادية...وبلادكم في انتظاركم''    محرز الغنوشي: ''رياح قوية اليوم ولا ننصح بالسباحة''    ترامب: لست في عجلة للتحدث مع إيران.. والأسلحة تُرسل بالفعل لكييف    دوري نجوم قطر: نادي الغرافة يحسم مصير "فرجاني ساسي"    الليغا: أتليتيكو مدريد يتوصل لاتفاق لضم متوسط ميدان بوتافوغو البرازيلي    صفاقس : عروض الفروسية والمداوري، وأخرى فنية تؤثث الدورة 60 لمهرجان عقارب للفروسية من 24 إلى 27 جويلية.    اعتماد البطاقة المهنية للمدربين من قبل الجامعة التونسية لكرة القدم    القصرين : حجز 120 طناً من البطاطا بسبب الإخلال بتراتيب الدعم    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    إسرائيل تنقل إدارة الحرم الإبراهيمي إلى المستوطنين    مواطنون يعمدون الى بناء أجزاء من منازلهم داخل مشروع السكة الرابطة بين سوسة والمهدية    تاريخ الخيانات السياسية (16) .. تآمر ابن سُريج مع خاقان    الوقاية خير من العلاج .. احذروا... أمراض الصيف    القيصر يطمئن جمهوره: لا تصدقوا الشائعات، أنا بخير    تونس تختتم الدورة الأولى من برنامج "طب القلب لأفريقيا"    تاريخ الخيانات السياسية (15)نهاية ملوك إفريقية    لحظة مذهلة في مكة: تعامد الشمس على الكعبة وتحديد دقيق للقبلة    تاريخ الخيانات السياسية (14): القصر لساكنه..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البناء الأفضل لتونس الغد
نشر في الشروق يوم 06 - 06 - 2011

إلى السيد فؤاد المبزع الرئيس المؤقت للجمهورية التونسية
إلى السيد الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة المؤقت للجمهورية التونسية
إلى السادة الوزراء الوقتيين للجمهورية التونسية
منذ أن حل السيد الوزير الأول الحالي السيد الباجي قائد السبسي على رأس الحكومة ومنذ أول ظهور له على القنوات الإعلامية استبشرت به كرجل سياسي له من الخبرة والمعرفة والقبول ما سيجعل منه الرجل الذي يسعى إلى مصلحة الوطن وهذا متأكد من خلال القرارات التي يأخذها تباعا مع مرور الأيام ونيته صادقة في إدخال اصلاحات عميقة على الواقع التونسي ولكن واقع الأحداث يكشف أن الروتينية المعمول بها في صلب النظام الإداري التونسي هي التي تعيق إخراج تونس من عهد الفساد إلى عهد الشفافية فعندما يعطي السيد الوزير الأول أوامر للحكومة بأن تتولى عملية الإشراف على الوزارات التابعة لكل واحد والقيام بالإصلاحات الضرورية لجعلها تتناغم ومبادئ الثورة أولا وأخذ ما يجب أخذه من قرارات لتطهير هذه المؤسسات من عناصر نافذة كانت منتمية إلى «التجمع» المنحل وكانت لها علاقة برموز السلطة مع بن علي أو الطرابلسية ثانيا إلا أنه وبإتباع النسق التنازلي للقرارات والأوامر الصادرة عن الرئيس المؤقت أو الوزير الأول نجد أن هذه القرارات تصل إلى القاعدة وإلى ميدان التطبيق الفعلي مبهمة وفارغة من محتواها ويصل الأمر ببعضهم إلى القول إن هذه القرارات غير قانونية باستناده إلى القانون الإداري المعمول به سابقا والذي لم يتغير رغم الثورة وبأكثر وضوح فإنه ليس الوزير الأول ولا أعضاؤه هم الذين سيغيرون مجريات الأحداث في تونس بل هي الإدارة التونسية ذلك أن الإدارة تعتبر يد الدولة المطلة على كامل تراب البلاد والتي تصل إلى كافة فئات المجتمع حيث أنه لم يقع وضع تصور لقانون إداري جديد في انتظار وضع دستور جديد للبلاد فان القانون القديم هو الفاعل وهو المتحكم في البلاد وهذا القانون لا يستجيب لشروط الثورة ولا يحتكم إلى الديمقراطية المنشودة ولا يستجيب لتطلعات الشعب التونسي وهذا القانون الإداري يسهر على تطبيقه المسؤول الإداري الأعلى رتبة في ميدانه والذي بحكم ثورة الكرامة تم إبعاد العديد من هؤلاء المسؤولين مثل الولاة والوزراء والمديرين العامين وكتاب الدولة والسفراء والمديرين الجهويين في أغلب الاختصاصات.
ولكن بقيت الحكومة المؤقتة في حرج مع المبعدين سواء لأسباب وتجاوزات إدارية وتلاعب بالمال العام أو بسبب رشاوى أو لأسباب أخلاقية لا يمكن اثباتها لأنها تأتي في خانة الأشياء غير الملموسة أو غير المحسوسة ويصعب إثباتها ولكن عملية الإبعاد تمت بقرار والوضع الحالي للبلاد خلق نوعا من التناقض في التصرف الإداري فالحكومة تتبع الإجراءات القانونية المعمول بها وواقع الحال أنه ليس هناك قانون معتمد لأن الثورة أسقطت كل شيء في حين أن المواطن يظن وهو يتصور أن القرارات التي يجب أن تسير عليها الدولة والحكومة يجب أن تكون ثورية بدون مرجعية قانونية وهذا هو الصراع الكبير الذي يمزق تونس اليوم فالحكومة صادقة في مسعاها ولكن بالإستناد إلى القانون القديم للوصول إلى التوفيق بين الواقع الجديد والقديم والمواطن صادق وله الحق في تصوره بأن كل القرارات اليوم هي ثورية ولا تخضع لأي قانون أما على الميدان فإن الصورة مغايرة تماما لما تقوله الحكومة وما يطلبه المواطن ذلك أن الإدارة التونسية اليوم تسير بخطى نظام إداري فاسد رغم ما يقال عن تطور المنظومة الإدارية التونسية ولكنها رغم ذلك معبأة بالفساد وبالتكتل المصلحي الشخصي إن لم يكن نوعا من اللوبي المنتشر في كل إدارة عمومية أن الدولة لن تتقدم ولن تحصل على تغيير جذري في واقع الحياة المعاش للمواطن التونسي مالم تأخذ هذه النقطة في الحسبان فتغيير الولاة لا يكفي لإصلاح العمل الفعلي للولاية مثلا فرؤساء الدوائر ورؤساء المصالح والكتاب العامون بها لهم من النفاذ والفاعلية في إبطال أي مشروع تنموي لصالح جهة من الجهات وتشبثهم بمراكزهم وبعلاقاتهم القديمة يجعلهم متمسكين بالأسلوب القديم في التعاطي مع الملفات ومع الأشخاص كذلك الشأن بالنسبة إلى المديرين الجهويين وأغلب المديرين العامين بالوزارات لهم من التكتل ومن العلاقات المصلحية الشخصية الضيقة ما يجعلهم يدافعون عن أسلوبهم القديم في دراسة الملفات أما سعي بعض الوزارات إلى الخروج من الحرج الذي تسبب لهم أمام بعض المسؤولين الذين تم إبعادهم بكلمة «ديقاج» أيام الثورة ورغبة منهم في مراعاة نفسية هؤلاء المبعدين فإن بعض الوزراء عمدوا إلى الوقوع في الخطإ حيث أصلحوا خطأ بمثله وقاموا بإعادة تعيين المبعدين في مناصب ريادية قد تدفع المبعد إلى التشفي في من كان سببا في إبعاده من جهته والأمثلة عديدة في كل القطاعات وإذا اعتبرنا أن المبعدين تم إخراجهم من مراكز عملهم لأسباب موضوعية ولسوء تصرف إداري أو اخلاقي أو سلوكي أي أن هناك سببا قويا دفع الموظف إلى مهاجمة رئيسه والتصدي له ليقع إبعاده فان الوزارات تبقى عاجزة عن تلبية مطالب الثورة فكيف تكافئ الوزارات أشخاصا غير مرغوب فيهم بمنحهم مناصب أعلى وهو ما يفهم وكأنه تكريم لمن عبثوا بالبلاد والعباد في عهد النظام السابق.
إن البناء الأفضل لتونس الغد يقوم على أساس المنطق السليم وعلى التفاعل الإيجابي مع الثورة فالحكومة اليوم مطالبة بإجراء حركة كبيرة في صفوف المسؤولين بمختلف درجاتهم وفي مختلف الوزارات وعدم إلحاق المبعدين بمراكز ريادية تعيد إشعال الفتنة والانتقام من جديد في الشارع التونسي فالإدارة التونسية إن أريد لها التقدم نحو الأفضل فإن على الحكومة المؤقتة أن تكون صادقة وحاسمة في مسعاها والحركة الكبيرة للمسؤولين أمر ضروري وخاصة لمن تم الوقوف ضدهم ومطالبتهم بالرحيل من مناصبهم مع ذلك أن هذا الإجراء فيه قيمة وطنية كبيرة للدولة وللمواطن وسيشعر المسؤول أن هناك من يريد إدخال اصلاحات جذرية في الحقل الإداري وأن تجفيف منابع المصلحة والعلاقات المشبوهة التي كانت قائمة للبعض في استغلال مناصبهم أو تقاضي رشاوى أو التلاعب بالمال العام في المناقصات العمومية أو الذين كانوا يعتمدون المحاباة ولا يزالون، نعم عملية تجفيف منابع المصلحة الشخصية عبر إجراء حركة وطنية كبيرة لأغلب المسؤولين فيه فائدة كبيرة لطمأنة المواطن التونسي وفيه غاية أفضل وهي تطهير الإدارة التونسية تلك الإدارة التي هي الأداة الوحيدة والسليمة القادرة على إيصال صوت الحكومة المؤقتة لكل مواطن تونسي وهي القادرة على تفعيل وانجاز المشاريع بكل شفافية لكل التونسيين ومن منطلق قانوني بحت فإن دور الإدارة هو السهر على حسن تطبيق القانون في الوطن وإذا كانت الإدارة هي التي تخرق القانون فكيف ستنجح البلاد في الخروج من هذا المأزق الأخلاقي؟ نعول على تفهم المسؤولين في هذا المجال ولذلك كتبت في بداية هذا المقال أن الوزير الأول صادق في مسعاه ولكن النسق التنازلي لتنفيذ القرار يفقده مصداقيته ويجعله غير ذي جدوى فكلما نزلنا درجة إلا واتسعت رقعة العلاقات والمصالح وبذلك يفقد القرار معناه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.