... هل سنكون الآن أمام فتنة حقيقية، فتنة قد تأكل الأخضر واليابس... ما حدث في المتلوي من أحداث وصلت الى حد الرعب تجعلنا الآن أمام أسئلة كبيرة وخطيرة... الفتنة بلغت حدّها الأقصى بسقوط أكثر من 10 قتلة من أبناء المدينة وأبناء الوطن... مهما كانت الأسباب ومهما كانت التعلات لا يمكن ان نقبل نحن التونسيين بأن ندخل في حرب تقتيل في الشوارع ولن نقبل بمشاهد التنكيل بالجثث... ولن نقبل بأن تتحول الأحياء والشوارع في المتلوي وغيرها من المدن الى ساحة حروب ومعارك بين الجيران والسكان. إننا ندرك بعمق كل مطالب أهالينا وشبابنا في المتلوي وفي كل مدن الحوض المنجمي ولكننا لا نقبل بحرب الشوارع ومهاجمة السكان لبعضهم البعض... نسأل أين الحكومة وأين مؤسساتها في هذه الفتنة ولكننا نسأل أيضا أين الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة... نسأل أين المنظمات التي تكوّنت بعد 14 جانفي وعددها بالآلاف والأحزاب السياسية التي صارت تتواجد أكثر من تواجد الدكاكين والمتاجر... كل تلك المكونات سقطت في أول امتحان لها... سقطت كل توجهاتها وكل أهدافها... الآن المتلوي تحترق... شوارعها تحت النار... سكانها يستغيثون بينما كل الأحزاب مازالت تنام وتستيقظ على تحديد موعد الانتخابات القادمة... إن الأمر يتطلب الآن وقوف الجميع في وجه الفتنة ولا بدّ للحكومة أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في الكشف عن المتسببين في ارتكاب الجرائم وفي اشعال نار الفتنة وتحريض المواطنين على مهاجمة بعضهم البعض... لا بدّ للحكومة أن تعمل على كشف كل الحقائق ولا بد من التصدي بحزم الى كل التجاوزات التي قد تؤدي من جديد الى اشعال النعرات القبلية بين أبناء الشعب الواحد... للأسف لقد وجدنا أنفسنا بعد كل هذه السنوات من تاريخ الدولة المستقلة نعود لنتحدث عن «العروشية» وقد كنا نعتقد ان ذلك الزمن قد ولى بدون رجعة... فرفقا بالوطن ورفقا بهذا الشعب الذي صنع ثورة ليحقق التقدم...