٭ تونس «الشروق»: متابعة قسم الشؤون السياسية: في ردّه على سؤال حول مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني أكد الأستاذ عياض بن عاشور رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي أنه شخصيا ضد التطبيع ولا علاقة له بحذف هذا الموضوع من مشروع «العهد الجمهوري» الذي لم يطلع بعد على وثيقته النهائية ولم يشارك في مناقشته. كان ذلك بمناسبة لقاء نظمه مؤخّرا المجلس المحلي لحماية الثورة بالمرسى قدم خلاله بن عاشور محاضرة حول «الإشكاليات الانتخابية في المسار الديمقراطي التونسي» ، وذكر بن عاشور أن قرار انتخاب مجلس تأسيسي قد فرض تحت ضغط الشارع (اعتصامات القصبة) على السلطة التي كانت متجهة إلى انتخابات رئاسية كما ينص على ذلك الفصل 57 من الدستور الذي تم تعليق العمل به ، وتم رسميا الإعلان عن موعد 24 جويلية في خطاب رئيس الجمهورية المؤقت يوم 3 مارس 2011 بعد اقتراح شخصي سابق منه (في موفى شهر جانفي) على أساس عدم تجاوز الموعد الانتخابي فترة ستة أشهر. وبقي ذلك الموعد مرسوما في الأذهان حتى صار شبه مقدس، ولكن تحول لجنة الإصلاح السياسي الذي ترأسها المحاضر كخبير في القانون إلى هيئة عليا لتحقيق أهداف الثورة وتوسيعها لتشمل 160 شخصا (استقال منهم خمسة) جعلته إزاءها وأمام حمية بعض أعضائها وحماس أجوائها ونقاشاتها في وضع صعب لم يتعود عليه كجامعي مستقل متفرغ للبحث والتدريس ولم ينخرط في أي حزب بل يكره العمل الحزبي معتبرا أن دور المثقف يناقض دور المتحزب. ومع ذلك ، ورغم التأخير الحاصل فقد استطاعت هذه الهيئة المتلونة خلال ثلاثة أسابيع أن تصادق على المرسوم المتعلق بانتخاب المجلس التأسيسي والمرسوم الخاص بإحداث هيئة مستقلة للانتخابات. أما الإشكاليات الأساسية التي اعترضت أشغال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة فقد لخصها في ثلاث نقاط، تمحورت أولاها حول مناقشة الفصل 15 من القانون الانتخابي، والثاني المتعلق بإقرار مسألة التناصف (الفصل 16) بين الرجال والنساء في القائمات المترشحة وأسهب المتحدّث في تفاصيل الإشكال الثالث الذي مثله تأجيل الانتخابات مقرّا بأن الشعب تشبث فعلا بالموعد المحدد أولا (24 جويلية) الذي قبلته الأحزاب وإن كان شخصيا لم يكن مؤمنا به حيث صارح السيد الباجي قايد السبسي في أول لقاء له معه في بداية مارس 2011 «أننا تجاوزنا الخط الأحمر في ما يتعلق بالموعد» ولكنه لم يصرّح بذلك للعموم حتى لا يتهم بإرباك البلاد ثم هدد بالاستقالة حين لاحظ طول النقاشات في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة لينتهي بتأييد الموعد الجديد الذي اقترحته الهيئة المستقلة للانتخابات التي اعتبرها مكسبا هاما. وفي ما يتعلق بمراحل العملية الانتخابية التي تتطلب جهدا كبيرا بيّن المحاضر أهمية مرحلة الترسيم بالقائمات الانتخابية التي تبقى لازمة رغم إلغاء بطاقة الناخب والاكتفاء ببطاقة التعريف الوطنية وذلك باعتبار عدم إمكانية التعويل على القائمات القديمة المليئة بالعيوب والنقائص (كان الموتى يصوتون)، وأوضح أن كل مكتب اقتراع من ثمانية آلاف مكتب يتطلب خمسة أعوان (3 بمكتب التصويت واثنان للتنظيم) مما يعني ضرورة توفير 40 ألف شخص ينبغي تكوينهم. وأنهى الأستاذ عياض بن عاشور مداخلته بنبرة متفائلة معربا عن إيمانه الكبير بقدرة الشعب التونسي على تنظيم الانتخابات المنتظرة في جو هادئ ترجع فيه الطمأنينة إلى القلوب. وأكد الأستاذ عياض بن عاشور أن كل ثورة لها ثورة مضادة، والثورة التونسية رسالة بلا قيادات ولم تصغها الأحزاب حيث نطق الشعب من صميم أعماقه بإرادته في الحرية والكرامة ولم تكن مثل الاستقلال حيث كان الحزب الحر الدستوري يقود الحركة الوطنية ولذلك لن يكون المجلس الوطني التأسيسي القادم في منظوره على صورة المجلس التأسيسي الأول سنة 1956 بلون واحد. كما أن الشعب التونسي لن يخجل من ممثليه بالمجلس التأسيسي إن حادوا عن أهداف الثورة وتطلعاته، مشددا في هذا السياق على أهمية دور المجتمع المدني والإعلام، أما الخوف من الأحزاب ذات المرجعية الدينية فيكمن في رأيه من بعض قواعدها المتطرفة وليس من قياداتها ويمكن بالفعل في رأيه لأقلية منفلتة أن تهدد سلامة المجتمع بأسره. ومهما تكن قوة الثورة المضادة فإن الشعب التونسي الذكي موجود دائما وهو الذي سيضمن استمرارية الثورة، وبخصوص المخاوف من إمكانية تأجيل الموعد الانتخابي مرة أخرى أكد الأستاذ عياض بن عاشور تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي في موعدها المحدد في 23 أكتوبر ما عدا القوة القاهرة.