سعر غرام الذهب سيصل الى 500 دينار..!    بسبب التقلبات الجوية: وزارة الفلاحة تصدر بلاغا تحذيريا    سامي الطرابلسي :"مواصلة الانتصارات والتأهل للدور الثاني أكبر حافز أمام نيجيريا"    مدرب تنزانيا: منتخبنا واثق من تحقيق نتيجة إيجابية أمام أوغندا    القنوات الي تنجم تتفرج فيهم في ماتش مصر وجنوب افريقيا..المدفوعة والمجانية والتردد    قبل مباراة منتخب الفراعنة أمام جنوب أفريقيا.. تعرف على تردد القناة الجزائرية    عاجل-تونس: ظواهر جوية خطرة متوقعة    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    القصرين: تدعيم المستشفى الجامعي بدر الدين العلوي والمستشفى الجهوي بسبيطلة بآلتي مفراس حديثتين    عاجل/ الخارجية السورية تكشف تفاصيل التفجير الذي استهدف مسجدا في حمص..    هام/ الشركة التونسية للملاحة تنتدب..#خبر_عاجل    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    جريمة مزلزلة: أم ترمي رضيعتها من الطابق الرابع..!    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    خبير تونسي: هاو علاش لازمك تستعمل الذكاء الإصطناعي    سيدي بوزيد: "رفاهك في توازنك لحياة أفضل" مشروع تحسيسي لفائدة 25 شابا وشابة    رئاسة الحرمين تحذر: هذا شنوا يلزم تعمل باش تحافظ على خشوعك في الجمعة    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    عاجل: الحماية المدنية تحذّر التوانسة    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    مارك زوكربيرغ يوزّع سماعات عازلة للحس على الجيران و السبب صادم    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    وفاة الدكتورة سلوى بن عز الدين أحد مؤسسي المصحّة العامّة لأمراض القلب والشرايين بتونس    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل: دار الإفتاء المصرية ''الاحتفال برأس السنة جائز شرعًا''    من الهريسة العائلية إلى رفوف العالم : الملحمة الاستثنائية لسام لميري    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    هيئة السوق المالية تدعو الشركات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي للإفصاح عن آثار آلية تعديل الكربون على الحدود    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    عاجل: هكا باش يكون طقس ''فاس المغربية'' في ماتش تونس ونيجريا غدوة    عاجل: الكشف عن هوية اللاعب الشاب الذي عُثر عليه غارقًا في بحر بنزرت    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    كرة اليد: هزم الترجي الرياضي جزائيا في مباراة "الدربي" ضد النادي الافريقي    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    بداية «الليالي البيض»    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكل هدوء: المؤتمن
نشر في الشروق يوم 21 - 06 - 2011

المسؤولية السياسية تقتضي من المسؤول عن دولة ما أن يكون مؤتمنا على حياة الناس وسلامتهم وأعراضهم و ممتلكاتهم وبلادهم وسلامتها واستقلالها.
والعقيد القذافي رغم أنه يقول بأنه ليس رئيس دولة وإنما هو قائد ثورة، فإنه للواقع هو صاحب القرار في بلاده، ما يجعل منه مسؤولا عن كل فرد وهي مسؤولية عين وليست مسؤولية كفاية. كما إنه مسؤول عن سلامة البلاد، وقد فرط في هذا وذاك.
وبالتالي فهو المسؤول شخصيا على كل ما يقع لكل فرد مهما نآى به الموقع،ما دام يحمل الجنسية الليبية ومسؤول على الدفاع عن حرمة البلاد وهو الذي أوصل الأمر غلى ما وصل إليه من اختراق لكل ذلك.
تلك هي قواعد الدولة العصرية ، التي تجعل قائد أي بلد، يتحمل مسؤولية سلامة كل فرد تجاه ما يمكن أن يحدث له، وبالتالي فهو الذي يتحمل المسؤولية تجاه كل شخص من الأشخاص.
ولقد ولى عصر يعتبر فيه رئيس الدولة، أن سكان البلاد هم رعاياه، وجاء زمن المواطنة، حيث لا فرق بين مواطن بسيط ومواطن يتحمل مسؤولية سوس بلد معين، بل إن المتصدر للقيادة، يحمل على كاهله ما لا يحمله المواطن العادي من مسؤوليات،فهو المكلف بحماية الأفراد والجماعات.
وفي حالة العقيد القذافي، كما سبق للرئيس السابق بن علي (حوالي 300 من الشهداء) والرئيس السابق مبارك (حوالي 800 من الشهداء) والرئيس الحالي (السابق؟) صالح (عدد غير معلوم من الشهداء) والرئيس الأسد ( 1200 من الشهداء و10 آلاف من المعتقلين حتى الآن)، فإن عدد القتلى الليبيين لا يقل في أدنى الأحوال عن 10 إلى 12 ألفا في الأحداث الأخيرة . هذا عدا التجاوزات الأخرى.
وباعتبار أن رئيس الدولة هو المسؤول كما رأينا على حياة وسلامة مواطنيه وبلاده ، فإن ما ارتكبه رئيس الدولة الليبية وما زال يرتكب عبر كتائبه ، يعتبر بكل المقاييس متجاوزا لكل ما هو محمول على كاهل مسؤول من المسؤولين من حجمه، وبالتالي يعتبر جريمة في حق شعبه، ولذلك فليس غريبا أن يصبح محل ملاحقة من محكمة الجنايات الدولية ، كما كان شأن سلوبودان ميلوسوفيتش، أو غيره من زعماء الصرب المجرمين في حق الكروات والبوسنيين وغيرهم من الذين أجرموا في حق شعوبهم.
ومن المؤكد أن محكمة الجنايات الدولية تتعامل بمكيالين اثنين أو أكثر مع مجرمي الحرب العتاة، فلا تلاحق قادة مثل بوش أو شارون أو ناتانياهو وغيرهم ممن ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وممن يتمتعون بنوع من الحصانة ، ولكن هذا لا ينبغي أن يقلل من جرائم الذين من العرب أو غير العرب ممن ارتكبوا جرائم في حق الإنسانية، وضرورة ملاحقتهم القضائية.
وفي ليبيا بالذات فإن التجاوزات بلغت على مدى السنوات حدودا غير معهودة من قبل قيادة تعتبر نفسها منبثقة من الإرادة الشعبية، وعدا السجن الواقع في بنغازي والذي عرف تصفية 1200 سجين دفعة واحدة، فإن الأربعين سنة الأخيرة عرفت تصفيات من كل المستويات، من رفاق الدرب الذين شاركوا القذافي في انقلاب 1 سبتمبر 1969 من أمثال المقريف والمحيشي، إلى رجال من أعلى مستويات الثقافة مثل الكيخيا،وصولا إلى الزعيم الشيعي اللبناني، موسى الصدر، بدون حساب أفراد من الشعب لا حصر ولا تعداد لهم، ذهبوا ضحية الشبهة في معارضتهم أو وشايات الأزلام.
ولكن ما فاق كل احتمال، هو تلك المعاملة التي تتجاوز كل تصور التي عمد إليها العقيد القذافي مع شعبه بعد اندلاع ثورة 17 فيفري، من قصف المتظاهرين بالطيران والمدفعية الثقيلة واقتحام التجمعات بالدبابات ، ما دفع المجتمع الدولي متمثلا في مجلس الأمن إلى إصدار قراريه 1970 و1973 القاضيين بمنع إقلاع الطائرات الليبية وفرض حظر جوي على البلاد، إضافة إلى قرار «حماية المدنيين» ، وهو ما كان مناسبة لتجاوزات خطيرة، وسقوط عدد كبير من المدنيين نتيجة غارات طائرات الأطلسي ، والخسائر «الجانبية» التي تحدثها.
وبدل الإستجابة لرغائب الشعب الليبي في التغيير والحرية واعتماد الديمقراطية، فإن العقيد القذافي واجه هذه المطالب بمزيد من التعسف، وبخطاب أقل ما يقال فيه إنه لا يليق برجل دولة يسوس شعبا، من نوع وصف الليبيين بالجرذان، أو توعدهم بإعادة عددهم إلى ما كانوا عليه عند استلامه الحكم في سنة 1969 أي قتل ثلاثة أرباعهم.
إن الدول تساس اليوم وفي هذا القرن الواحد والعشرين على أنماط تقوم على التفويض الشعبي صاحب السيادة، وذلك يمر حتما عبر صناديق الإقتراع في انتخابات نزيهة شفافة عامة ونزيهة، وبتداول على السلطة لا مجال للحياد عنه.
وهذا ما لم يفهمه لا القذافي ولا بن علي ولا مبارك ولا صالح ولا الأسد، وبالتالي فكلهم وغيرهم من القادة العرب ، لا يمتلكون أي شرعية في حكم شعوبهم ، ولذلك كان لا بد أن يغادروا سدة الحكم، وهو ما حصل لبعضهم وما هو مرشح للحصول للآخرين، ولغيرهم ممن ذلوا شعوبهم ، وعملوا فيها ذبحا وتقتيلا دون وازع من ضمير ولا دين ولا مبدأ.
واليوم للمرء أن يتساءل عن كل أولئك من «المثقفين» عندنا وفي بلدان أخرى في دنيا العرب الذين وقفوا إلى جانب القذافي ويقفون اليوم إلى جانب بشار الأسد، بحجة التقدمية والممانعة يدافعون عنهما وغيرهما، في ما يغيب عن تحليلهم حق الشعوب المقدس في الحرية والديمقراطية ، وينبغي أن يفكروا في الليبيين وفي السوريين وغيرهم، كما فكروا في الثورة في بلادهم وتحمسوا لها إن لم يكونوا شاركوا في فعالياتها، وخرجوا في مظاهراتها حتى كتب النصر، وتم ترحيل الرئيس السابق عندنا كما تم ترحيل الرئيس المصري، واستعاد الشعب عندنا وعند غيرنا أمره، ولم يعد خاضعا للديكتاتورية والإستبداد، والنهب والفساد، إن ما حصل عندنا من ثورة ناجحة لا يمكن إلا أن نتمناه لغيرنا من الشعوب العربية التي ترزح تحت نير التوتاليتارية ، والتي تتحرك من أجل فرض قرارها.
لقد رأينا استعراضا لشخصيات تونسية وغير تونسية ذهبت لطرابلس لتتحدث عبر تلفزيوناتها وقنواتها عن تأييدها للعقيد، ولعلها أو لعل بعضها قد تراجع عن ذلك بعد أن بانت حقيقة ذلك النظام إذا كان يمكن أن نسميه نظاما ، وتم فضح تعامله مع شعبه الذي يتوق للقطع مع 42 سنة من الظلم والتسلط، وتأكدت اليوم من أن القذافي وطغمته لم يبق لهم إلا أيام معدودات وعلى الأكثر أسابيع قليلة ثم إلى مزبلة التاريخ هم ذاهبون.
وسيكون النصر لشعب ليبي قدم تضحيات كبرى لفرض إرادته التي هي إرادة الشعب التي لا تقهر.
٭ كاتب صحفي رئيس تحرير سابق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.