تونس (الشروق) «إفريقيا في العولمة» هو عنوان الدورة السابعة للمنتدى الدولي لمجلّة «حقائق» الذي افتتحه السيد حاتم بن سالم، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، ويشارك فيه حتى يوم الغد، نخبة من الشخصيات الافريقية والأجنبية. وقد برّر السيد الطيب الزهّار، مدير «حقائق»، اختيار الموضوع، بمكانة افريقيا في أي قراءة جيو استراتييجة للعالم، نتيجة لمواردها الطبيعية الضخمة، وثرواتها البشرية، مؤكدا على أهمية ما يفرزه الجوار المباشر بين أوروبا وافريقيا من تحديات تفترض المعالجة، في إطار رؤية شاملة للشراكة، تتناول الأبعاد الإنسانية والاجتماعية والثقافية، مستشهدا على ذلك بمشاكل الهجرة غير الشرعية. ولدى افتتاحه هذا المنتدى، أشار السيد حاتم بن سالم، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية، الى ثقل نتائج العولمة على القارة الافريقية، قائلا ان العالم يعرف منذ نهاية القرن الماضي تغييرات سريعة، ذات تأثير واسع على التنمية وعلى التوازنات العالمية الكبرى، مضيفا أن التجارة تطوّرت، غير أن التبادل التجاري لم يكن في صالح الجميع، وقال إن حصة القارة الافريقية، لم تتجاوز على مستوى التجارة والاستثمار نسبة 2 بالمائة مما هو عليه الأمر عالميا.. وأن أكثر من 80 بالمائة من العائدات التجارية الافريقية تتأتّى من بيع المواد الأولية، ملاحظا أن أسعار هذه المواد الأولية، ما انفكّت تتراجع، مقارنة بأسعار المواد المصنّعة. وقال ان 51 بالمائة من الصادرات الافريقية، تتوجّه الى دول الاتحاد الأوروبي، في حين لا تتجاوز المبادلات بين الدول الافريقية نسبة 8 بالمائة من مجموع صادرات الدول.. ولاحظ، أن المبادلات التجارية الافريقية، وبدل أن تساعد في نمو القارة، تساهم على العكس وعرقلة هذا النمو، حيث مرّت حصة افريقيا، في الصادرات العالمية، من 7.3 بالمائة، سنة 1948، الى 1.5 سنة 2001. كما لاحظ تراجع حجم الاستثمارات الاجنبية المباشرة نحو القارة، حيث لم تستقبل القارة، من ال622 مليار دولار الممثلة للاستثمارات الاجنبية في العالم، سنة 1998، سوى 8.5 مليار دولار، أي ما يعادل 1.3 بالمائة، مشيرا الى أن الوضع أسوأ في افريقيا جنوب الصحراء، التي لم تحصل إلا على حوالي 1 بالمائة فقط من حجم هذه الاستثمارات الممنوحة للدول النامية، انتفعت بها خاصة الدول المنتجة للنفط منها. واستعرض السيد حاتم بن سالم وضع القارة الافريقية، في ضوء التأثير المتبادل بين حركية رؤوس الأموال، والثورة في تكنولوجيات الاتصال، حيث لا تمثل القارة سوى 1 بالمائة من عدد مستعملي الانترنت، مضيفا أن القارة لا تخصّص للبحث من أجل التنمية، سوى ميزانية لا تتجاوز نسبة 1 بالمائة من حجم الأموال المرصودة عالميا لهذا الغرض، بما يزيد في خطورة ظاهرة انعدام التوازن شمال جنوب، مستقبلا، بشأن الوصول الى العلم والتكنولوجيا. وذكّر في هذا المجال بنداء رئيس الدولة من أجل تنظيم قمّة لمجتمع المعلومات والتي من أهدافها دعم قدرات افريقيا لردم الهوّة الرقمية. وأضاف أن الوضع الحالي للقارة ليس حتمية، وإنه على الشعوب الافريقية رفع تحدّي التنمية والعمل على دمج الاقتصاديات الافريقية في الاقتصاد المعولم، مشددا في هذا المجال على أهمية القدرات التي تتوفر للقارة. وأشار الى ما قامت به تونس، وعيا منها برهانات العولمة، كما عبّر عن استعداد بلادنا للمساهمة في الجهود التي تقوم بها الدول الافريقية في هذا المجال، إضافة الى استعدادها لوضع كل قدراتها خدمة للقارة. ملامح ومن جانبه، استعرض السفير هرمان كوهين، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في عهد الرئيس بوش الأب، لبعض ملامح السياسات الامريكية ازاء القارة الافريقية. وقال انه لا يعتقد بأن السياسات الامريكية إزاء القارة الافريقية ستتغير، بتغيّر الادارة التي تحكم الولاياتالمتحدةالامريكية، مضيفا أيضا أنه وإذا كانت هناك اختلافات في المواقف بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي بشأن العراق والشرق الأوسط، فإن الطرفين يعملان باتفاق تام، في ما يتعلق بإفريقيا. وقال ان بلاده ومنذ الحرب العالمية الثانية، تتبع سياسات واحدة، وهي أنه لا يوجد أي سبب يمنع تحقق النمو الاقتصادي في الدول الافريقية كما هو الشأن للبلدان جنوب شرقي آسيا وأمريكا اللاتينية: وقال ان الأسباب التي تحول دون تحقق ذلك هي أسباب سياسية وليست ثقافية، حيث كانت الدول الافريقية، أكثر بطءا، حسب قوله من الآخرين في ايجاد التنمية المستديمة، وقال ان بلاده ترى ان الاصلاحات الاقتصادية ينبغي أن تبدأ لتنجح، وان المؤسسات المالية المانحة لا ينبغي أن تفرض سياساتها على الدول، وقال ان بلاده تدعم مبادرة الشراكة الجديدة في افريقيا. وذكّر بما قال أن ادارة بوش قامت به لمساعدة إفريقيا في حل الصراعات الأهلية بها.. وقال ان الشراكة بين منظمة الأممالمتحدة وافريقيا، لتحقيق السلام وحل الاشكالات القائمة، هي مسألة حيوية. ودعا هارمن كوهين القطاع الخاص الافريقي الى المبادرة، قائلا ان النمو الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر الاستثمار، وقال انه ينبغي ايجاد الحوافز الكفيلة باستعادة افريقيا لرؤوس أموالها في الخارج مقدّرا انها في حدود 600 مليار دولار، وهي متأتية خاصة من نيجيريا. اختلاف في القيم أما السيد يانيس سكالارياو، النائب في البرلمان الأوروبي، فتمحورت مداخلته حول البعد المغاربي في الشراكة الأوروبية المغاربية، ولكنه عند حديثه عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وجّه كلامه مباشرة الى المسؤول الأمريكي، الذي سبقه في التدخل، وقال له انني أتفق معك بأن السياسات الأمريكية تجاه افريقيا لن تتغيّر، مضيفا أن أي سياسة أخرى لن تتغيّر، قائلا انه لا يعتقد بأنه سيتم سحب القوات الأمريكية من العراق، وان الادارة الأمريكية لن تصادق على قانون محكمة الجنايات الدولية، ولن تصادق على اتفاقية كيوتو. وقال انه لا يتفق معه أيضا، بأن الاختلافات الأخيرة بين أوروبا وأمريكا بشأن الشرق الأوسط والعراق، هي مسألة سياسية أو جغرافية بل ان الاختلاف، هو حسب رأيه اختلاف في القيم، وفي مدى استعدادنا للقبول بالقانون الدولي كمبدإ لعلاقاتنا مع الدول الأخرى، قائلا إننا في أوروبا نريد ذلك. أما حول الارهاب، فإننا نتفق حول ضرورة مكافحة الإرهاب،ولكن علينا أن نتساءل أولا من أين وكيف جاء هذا الإرهاب؟ من هو بن لادن ومن صنعه؟ من صنع الطالبان؟ تحديات جديدة وقال ان توسيع الاتحاد الأوروبي يعطي فرصة جديدة للاتحاد لتعميق علاقاته مع جيرانه في الجنوب وإلى الشرق وقال ان ذلك يفرض تحديات جديدة. وأضاف ان أحد أهداف الاتحاد الأوروبي هي ضرورة تفادي الاختلافات بين الاتحاد الأوروبي الموسّع وجيرانه الجدد، وتوفير فرصة التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي معهم وان ذلك يفترض ضبط مجموعة أولويات، في اطار ما يعرف بسياسة الجوار. تحدث خلال الجلسة الصباحية أيضا كل من إيريك شينجي، من البنك الافريقي للتنمية، حول الثمن الناجم عن الصورة السيئة لإفريقيا في الاعلام كما تحدث أيضا آماه سوماري، وغي اما نوال آلان غواري. كما نظمت، خلال الجلسة المسائية، مائدة مستديرة حول افريقيا والتجارة الدولية. ويستمرّ منتدى حقائق، هذا اليوم، لتناول مواضيع حول الشراكة الجديدة في افريقيا والسيادة في امتحان العولمة والاعلام وصورة افريقيا في العولمة.