مع موفى شهر أوت وبداية شهر سبتمبر تحزم الطالبات حقائبهن باتجاه العاصمة لتبدأ رحلة البحث عن سكن تتوفر فيه شروط أساسية تضمن لهنّ سبل النجاح والأمان والراحة النفسية. لكن غالبا ما تصدم الفتيات بعراقيل وصعوبات لا تحصى ولا تعدّ تتوزع بين ألاعيب «الملاّكة» ومحاولة استغلالهن بأشكال مختلفة والمشاكل التي تحدث بينهن جرّاء اختلاف طباعهن وحتى المحيط والحي الذي يقطنه يساهم أيضا في تعميق مأساة الطالبة التي حرمت من السكن الجامعي. «الشروق» استمعت لبعض الطالبات يتحدثن عن تجاربهن المريرة مع الكراء في النقل التالي: هي أصيلة احدى مدن الجنوب اضطرّت للإقامة بأحد نزل العاصمة في انتظار الحصول على منزل تتقاسمه رفقة صديقاتها وتقول سامية انها تحمّلت مشقة كبيرة في رحلة بحثها عن منزل يكون سعره مناسبا وموقعه حسنا لذلك عمدت الى قطع عطلتها الصيفية حتى تظفر بسكن جيّد يضمن لها الراحة ويمكنها من قضاء سنة دراسية ناجحة. **نار «الملاّك» تروي دلال ما حصل لها السنة الماضية من غرائب تتمثل بالأساس في استغلال صاحب المنزل للقاطنات بمنزله وتقول هو رجل يملك قرابة 9 شقق صغيرة أسعارها مشطة رغم عدم توفر بعض الضروريات ك»الدوش» وتجهيزات التدفئة، اقتسمت أنا وزميلاتي الأربع شقة وأقمنا بها مدة 7 أشهر ومن الغرائب تضيف دلال أن عدّاد الكهرباء مشترك ويشمل الشقق التسعة وعندما يحين موعد تسديد فواتير الكهرباء نفاجئ بصاحب المحل يحمل ورقة مكتوبة بقلم الرصاص وعليها قيمة المبلغ المطالبين بدفعه ويتراوح بين 45 و60 دينارا. تصوّر هذا التحيل الجليّ مع العلم أنني وصديقاتي الثلاث لا نملك من الاجهزة المشتغلة بالكهرباء سوى مذياع صغير وعندما طالبناه بالاستظهار بالفاتورة الأصلية استشاط غضبا وهدّد برمي أدباشنا في الشارع إن لم نسدّد له ما طلبه ونظر لصعوبة البحث عن منزل جديد فضلنا الدفع والبقاء اتقاء مشقة جديدة ومالك أكثر شراسة إلا أن الأمر لم ينته عند هذا الحد بل انه ختم بليلة فزع عندما داهمنا سارق في احدى ليالي أفريل نظرا لعدم توفر الحماية اللازمة في ذاك المنزل. وصال أيضا كانت لها حكاية مع صاحب المحل القاطن معهن، بالمنزل نفسه حيث نصّب نفسه رقيبا دائما عليهن بل أكثر من ذلك فإنه يتدخل في لباسهن وأوقات خروجهن وعودتهن الى المنزل هذا اضافة الى منعهن من استعمال المكواة و»السشوار». **استعباد أما ريم فكانت لها حكاية أخرى مع العجوز صاحبة المنزل وتروي ريم قصتها قائلة لقد سررت بكونها إمرأة مسنّة ووحيدة في هذه الدنيا فقلت في نفسي إنها فرصة جيدة للابتعاد عن مشاكل الفتيات وشجارهن من جهة ومناسبة لفعل عمل الخير واتقاء اللّه في هذه العجوز التي بدت هادئة ووديعة إلا أن هذه الوداعة سرعان ما انقلبت الى رعد مدمّر وعاصفة من الغضب والويلات بعد أيام قليلة من اقامتي معها حيث بدأت لوائح الممنوعات تطفو على السطح الواحدة بعد الأخرى من عدم وضع أدوات الطبخ بالمطبخ الى عدم الاستحمام ببيت الاستحمام مرورا بضرورة جلب حبل لنشر الغسيل وتضيف ريم أن هذه العجوز تنتابها من وقت الى آخر نوبة من العصبية كما تطالبها بضرورة غسل أدباشها وطبخ الأكل لها بالاضافة الى معاقبتها وإغلاق الباب من الداخل إذا ما عادت مساء بعد السابعة مساء. حياة ونزهة وفاطمة عانين أيضا من جشع صاحب المنزل اذ اتضح أنه رجل متحيل يختار ضحاياه من الفتيات الصغيرات والعديمات الخبرة ويشترط عليهن دفع مقابل شهرين سكن مسبقا وبمرور 15 يوما يبدأ سلسلة المشكلات مع المقيمات حتى ىدفعهن لمغادرة المنز ل وتقول نزهة عندما رفضنا الخروج من المنزل عمد الى خلع الباب الرئيسي للمنزل وكخطوة أولى ثم تمادى الى رمي أدباشنا في الشارع فقدمنا شكوى أمنية واصطحبنا عدل منفذ لكن مالك المنزل لم يهدأ له بال إلا بعد أن أطردنا من منزله. **مشاكسات ومضايقات بالجملة معاناة الطالبات لا تتوقف عند ابتزاز أصحاب المنازل هنّ وتدخلهم في كل شاردة وواردة تخصّ حياتهن بل تتعدّى ذ لك الى المضايقات التي تعاني منها الطالبات من المحيطين بهم من سكان الأحياءالأصليين وتقول «رندة» في هذا الصدد «لقد كنت أنا وصديقاتي المقيمات في أحد الأحياء الشعبية مطمع عديد الأشخاص من أصحاب النفوس المريضة فكنا لا نسلم من سماع الكلام البذيء والقول الفاحش كلما غادرناأو عدنا الى المنزل وأمام تزايد المضايقات قرّرنا الالتحاق بأحد المبيتات الخاصة درءا لكل ما هو سيئ. وصال أيضا عانت من مثل هذه المشاكل حيث يعمد بعض الأطفال الصغار والمراهقين الى رميها وصديقاتها بالحجارة كلما مررن من أمامهم بالاضافة الى السخرية منهن والتفوه بألفاظ بذيئة ولم تسلم وصال وزميلاتها من هذا المشكل إلا بعد تدخل بعض الرجال من كبار السن في الموضوع ووضع حد للشغب الذي يحدثه هؤلاء الصغار.