في شهر رمضان السنة الثانية من الهجرة كانت غزوة بدر الكبرى, وكان من خبر هذه الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان بن حرب مقبلا من الشام في عير عظيمة لقريش فيما أموالهم وتجارتهم وفيها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش وكانت الحرب قائمة بين المسلمين وبين مشركي قريش فلو أن أهل مكة فقدوا هذه الثروة لكانت موجعة حقا وفيها عوض لما لحق بالمسلمين من خسائر في أثناء هجرتهم الأخيرة ، كما أنها فرصة للنيل من هيبة قريش وصلفها. لذلك لما سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم بأبي سفيان مقبلا وكان من أشد الناس عداوة للإسلام ، ندب رسول الله صلي الله عليه وسلم الناس للخروج إليها وأمر من كان ظهره حاضرا بالنهوض ، ولم يحتفل لها احتفالا بليغا لان الأمر أمر عير ، وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم فأخرجوا لعل الله ينفلكموها (أي يجعلها غنيمة لكم ) فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان والركب معه لا يرونها إلا غنيمة لهم ولا يظنون أن يكون كبير قتال إذا لقوهم وهذا ما عبر عنه القرآن في قوله تعالى:{وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}سورة الأنفال، من آية 7 ولم يدر بخلد واحد منهم انه مقبل علي يوم من اخطر أيام الإسلام ولو علموا لاتخذوا أهبتهم كاملة ولما سمح لمسلم أن يبقي في المدينة وخروج رسول الله صلي الله عليه وسلم مسرعا في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ولم يكن برفقتهم سوى فرسين وسبعين بعيرا يتعاقبون ركوبها كل أثنين كل ثلاثة . وكان الخروج من المدينة يوم الاثنين لثمان او لتسع أو لإثني عشر خلون من رمضان حسب اختلاف الروايات ودفع الرسول صلي الله عليه وسلم اللواء إلى مصعب بن عمير وراية المهاجرين إلي علي بن أبي طالب وراية الأنصار إلى سعد بن معاذ وبلغ أبو سفيان خروج رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلم بقصده فأرسل الى مكة ضمضم بن عمرو الغفاري مستصرخا لقريش ليمنعوه من المسلمين وبلغ الصريخ أهل مكة فجد جدهم ونهضوا مسرعين فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا لأن معظمهم كان له فيها نصيب وخرجوا من ديارهم كما وصفهم الله تعالي:{بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ}سورة الأنفال، من آية 47 . يتبع