في اليوم التالي لغزوة أحد، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالخروج لقتال الكفار وتتبعهم، وقال: «لا يخرج معنا إلا من شهد القتال» فأسرع المسلمون، وأطاعوا رسولهم صلى الله عليه وسلم، رغم ما بهم من آلام وجراح وخرجوا للقتال استجابة لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم، فلقد تعلموا أن الخير كله في طاعته، فمدحهم الله بهذه الطاعة فقال تعالى: ﴿الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم﴾« « آل عمران: 172. وفي حمراء الأسد على مسافة عدة أميال من المدينة وقف المسلمون ينتظرون جيش المشركين فمر بهم رجل من قبيلة خزاعة التي كانت تحب الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى معبد بن أبي معبد، وكان يومئذ مشركا، فواسى الرسول صلى الله عليه وسلم فيما حدث للمسلمين، وكان المشركون قد نزلوا في مكان يسمى الروحاء، وبعد أن استراح الجيش بدؤوا يفكرون في العودة إلى المدينة. وأرسل أبو سفيان رسالة يهدد فيها المسلمين في حمراء الأسد ليرعبهم، يزعم فيها أنه قادم للقضاء عليهم وكان غير متأكد من الاخبار التي وصلته بشأن خروج المسلمين وان اراد الا التثبت، فما زاد ذلك المسلمين إلا قوة وإيمانا، فقال عنهم الله تعالى: ﴿الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم﴾ [آل عمران: 173 - 174]. ووصلت الأخبار إلى أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة لمطاردة المشركين، وتأكدت الأخبار عندما وصل معبد وأكد لأبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لمطاردتهم وقد نزل بجيشه في حمراء الأسد فخاف أبو سفيان وفضل الانسحاب إلى مكة، وأقام المسلمون في حمراء الأسد ثلاثة أيام ينتظرون قريشا، ثم عادوا إلى المدينة بعدما أطاعوا نبيهم، وأرعبوا عدوهم واستعادوا الثقة بأنفسهم.