ترفع صابرين النجار معطف المسعفة الشهيدة الطبي الغارق دم مهجة قلبها الذي ثقبته رصاصة إسرائيلية غادرة من الظهر ليبقى شاهداً على جريمة الاحتلال؛ فيما كانت تحمل باليد الأخرى شاش طبي أبيض، وعيناها تفيض من الدمع تقول بصوت حزين «قتلها المجرمون وهذا هو السلاح الذي كان بيدها». القدسالمحتلة (الشروق): وتقاطر عشرات الآلاف من الفلسطينين في قطاع غزة الى بيت الشهيدة رزان النجار، كلّ هذه القلوب من حولها، وهي على الأكتاف كبندقية الرجال. «الشروق» زرات بيت عزاء الشهيد والتقت باهلها، كانت لحظات حزينة ومؤلمة، أول ما قابلتنا والدة الشهيدة صابرين النجار بسؤال برئ وبرسم الانسانية والعدالة الدولية.. «أي جُرمٍ وذنب ارتكبته وهي ترتدي معطفها الطبي الأبيض مسعفة الجرحى والمصابين ليتم إطلاق الرصاص المتفجر عليها مباشرة وقتلها من قبل جنود الاحتلال؟». فمنذ انطلاق مسيرات العودة قبل نحو شهرين، حرصت المسعفة النجار (21 عامًا) على المشاركة في التظاهرات تلك ملتزمةً رداءها الطبي الأبيض الذي يحمل شارة الإسعاف، لكن تلك الشارة لم تشفع في حمايتها، حتى تلقت رصاصةً أردتها شهيدة لدى محاولتها تقديم الإسعاف لأحد المصابين هناك. وبصوت خافت تقول النجار لصحيفة «فلسطين»، أصيبت رزان نحو 12 مرة متنوعة ما بين استنشاق الغاز المسيل للدموع، والكسور في أثناء عملها بشكل تطوعي في إسعاف الجرحى بمخيم العودة، القريب من منزلها غير أن آخر توقعاتها أن يطلق عليها الرصاص مباشرة. وتلفت إلى أن «رزان» كانت بمثابة يد حانية على جرحى مسيرة العودة، بشهادة من عرفها، وقد عملت منذ الأيام الأولى لانطلاق المسيرة دون أي مقابل، في رسالة كانت تعدها واجبا وطنيا وإنسانيا ولا يمكن أن يوقفها أحد عنه. وكان يلف ابنتها إصرار «غريب وعجيب» للاستمرار في مهمتها بمخيم العودة كما تشير والدتها، وتحاول طمأنة كل أهلها بعد رجوعها في كل مساء ومعطفها الأبيض ملطخ بدماء الجرحى والمصابين بحديثها «إرادة الله غالبة»، وأنه الله وحده الحامي في أي مكان كان الإنسان بساحة المواجهة أو في بيته. وتضيف الأم أن رزان كانت تؤمن بوحدة فلسطين وأن الوطن للجميع وترى في كل من يستشهد أو يقع جريحا برصاص الاحتلال في مخيم العودة أبناء شعب واحد، لا فرق بينهم، لا يهمها مطلقا لأي تنظيم ينتمون، ورسالتهم وهدفهم واحد وهو تحقيق حق العودة. عشرات بل مئات برواية رزان نفسها لوالدتها قامت بإسعافهم في مخيم العودة، شبان وشابات، صغار وكبار، لم تعرف للتعب طريقا رغم جسدها وعمرها الصغير، ولم تحدها أيام الشهر الفضيل رمضان هي الأخرى عن أداء واجبها. ويقول زملاؤها العاملون في الإسعاف الميداني على حدود خانيونس ل«الشروق»، إنها كانت تصل إلى حدود خزاعة عند السابعة صباحًا وتغادر بعد أن تضمن انتهاء يوم المسيرة وخلو مخيم العودة من المتظاهرين مع حلول الظلام. وانتقلت «الشروق» الى والد الشهيدة أشرف الدي لم يتمالك نفسه، مصدوما غير مستوعب ما حصل لابنته الشهيدة ، فيشير إلى أن ابنته كانت تُصر على تأدية واجبها الإنساني حتى آخر لحظة، واختارت هذا الطريق، وأصيبت وواصلت المشوار. ويقول والدها المكلوم «كلما طلبنا منها أن تتوقف رفضت وعادت، وأصرت على العمل حتى آخر لحظة في حياتها كما كانت تردد دائمًا؛ وحذّرتها وقلت لها أنها أمام عدو لا يرحم فلا تتقدمي قرب السياج، فترد «ما بقدر أشوف هؤلاء المصابين وهم يحتاجوني وأتركهم، حتى لو كلفني الثمن حياتي». ويضيف «حلم ابنتها كان كبيراً بعد الانتهاء من دراستها الجامعية، إذ إنها كانت متفوقة في دراستها ونشيطة بين زميلاتها وزملائها بصورة لافتة، لكن الاحتلال قتل كل شيء». رأي خبير المحلل السياسي الفلسطيني، أكرم عطا الله: «إسرائيل» سترتدع قليلا عن ارتكاب جرائمها بحق الفلسطينيين لو توقفت واشنطن عن دعمها غير المحدود.. امتناع أمريكا عن استخدام الفيتو ضد الفلسطينيين، كان سيدفع إسرائيل للتقليل من جرائمها بحقهم، والحد من سلوكها الوحشي اتجاههم».