الصراع بين رئيس هيئة الانتخابات وأعضائها تحوّل الى أروقة البرلمان الذي قرّر عقد جلسة عامة لحسم الامر ,لكن الامر لن يكون هيّنا خاصة وان طرفي النزاع يهدّدان بحرب ملفات وكشف لكل الخفايا . تونس (الشروق) يعقد مجلس نواب الشعب يوم 3 جويلية جلسة عامة لمناقشة تقرير مكتب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي طالب من خلاله 8 أعضاء من أصل 9 باعفاء رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري، ومن المنتظر ان تكون الجلسة ساخنة بين أعضاء الهيئة ورئيسها و مُحرجة للنواب الذين إن صوتوا لصالح قرار الاعفاء ,يصعب عليهم تعويض المنصري وإن صوتوا لصالح بقائه على راس الهيئة فسيصطدمون برفض باقي أعضاء الهيئة التعامل معه . خروقات ودعا أعضاء مكتب الهيئة بضرورة إعفاء المنصري من مهامه بسبب ما اعتبروه "خروقات " قام بها تتمثل في رفض تشكيل لجنة تحقيق في كيفية صرف ميزانية سنة 2017 اضافة الى خروقات اخرى تتعلق بعدم نشر عدد من الاوامر والعلاقة السيئة التي جمعته بمعظم الاعضاء اضافة الى انفراده بالراي في عديد القرارات وأكّدوا أنهم يمتلكون كل الوثائق اللازمة لاثبات تجاوزات الرئيس . المنصري أجاب عمّا قاله أعضاء الهيئة الثمانية بالقول أن أمرا خطيرا يحدث داخل الهيئة وهو لا يعلم لمصلحة من ويخدم اي أجندة ,وأضاف المنصري في تصريح سابق ل"الشروق " أن أعضاء الهيئة رفضوا حضور كل الاجتماعات التي دعاهم لحضورها وحاولوا تعطيل اشغالها بكل الطرق . وأكّد المنصري أن اعضاء الهيئة حاولوا حشره في الزاوية وتجريده من كل صلاحياته أكثر من مرة ثم لجؤوا إلى عريضة لسحب الثقة منه ,عبر الادعاء بأنه قام "باخطاء جسيمة " مشددا على أنه لم يقم بأي خطإ إضافة إلى ان مفهوم "الخطإ الجسيم " من الصعب جدا إثباته . الإجراءات القانونية توتّر العلاقة بين رئيس الهيئة وأعضائها وانسداد أي أفق للتعاطي بين الطرفين دفع الى ضرورة تدخل البرلمان خاصة بعد أن احال اعضاء الهيئة تقريرهم الى مجلس النواب وطالبوه باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة مع رئيس الهيئة . مسألة إعفاء رئيس هيئة الانتخابات يتقاطع فيها القانوني بالسياسي ,فمن الناحية القانونية اعتمد أعضاء الهيئة على مضمون الفصل 15 من القانون المُحدث للهيئة وهو ما سيعتمد عليه البرلمان ايضا ,وينص على أن «إعفاء رئيس الهيئة أو أحد أعضاء المجلس في صورة ارتكابه لخطإ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه بمقتضى هذا القانون أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية، يرفع طلب الإعفاء من قبل نصف أعضاء مجلس الهيئة على الأقل ويعرض على الجلسة العامة للمجلس التشريعي للمصادقة عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه». غياب التوافق ولئن يبدو أمر إسقاط رئيس الهيئة محدّدا بشكل محكم قانونيا إلاّ أنه سياسيا يخضع لتعقيدات كُبرى ,فالامر لا ينحصر في التصويت مع سحب الثقة من التليلي المنصري بقدر ما يتعلّق بالتوافق حول من سيعوضه في هذا المنصب . التصويت على من سيعوض المنصري على رأس الهيئة يتطلب الاغلبية المطلقة للنواب (109 نائبا) وهو ما يفرض فتح باب التوافقات حول الاسم الذي سيخلفه على رأس الهيئة ويتطلّب الامر فترة طويلة لتقريب وجهات النظر حول أحد المرشحين خاصة وان علاقة الحليفين الاستراتيجيين ,حركة النهضة و حركة نداء تونس تمر بأسوإ فتراتها وإقناع المعارضة بالتصويت لمرشح بعينه يتطلّب الكثير من المشاورات والنقاشات . هذا إن سلّمنا جدلا بان البرلمان سيصوت لصالح الاطاحة بمحمد التليلي المنصري من على رأس الهيئة وينسجم مع ما طلبه اعضاؤها ,لكن التليلي المنصري يؤكّد أنه سيقدّم كل الملفات والوثائق التي تؤكّد انه لم يقصّر في عمله وان اعضاء الهيئة يتربصون به منذ توليه قيادة الهيئة ,وانهم يحاولون اسقاطه لخدمة مصالح معينة . ما صرّح به رئيس الهيئة ,ومادوّنه الاعضاء المطالبون باقالته يجعل من الجلسة العامة المخصصة لاقالته مساحة مفتوحة "لحرب ملفات " بين الطرفين وهو ما سيعقّد مهمة البرلمان اكثر .