أخفق الفريق الوطني في بلوغ الدور الثاني للمونديال وهو الحلم الذي يراود الجمهور التونسي منذ أربعين عاما. ورغم فشل الإطار الفني بقيادة نبيل معلول في مغامرته العالمية إن الجامعة التونسية لكرة القدم قد تُقرّر تثبيته في منصبه وذلك حسب آخر الأنباء القادمة من المنزه حيث يستعد مكتب وديع الجريء لإجراء جلسة تقييمية يتمّ على إثرها الإعلان بصفة رسمية عن مستقبل المدرب الوطني. وتؤكد مصادرنا أن حظوظ معلول وافرة لمواصلة المشوار على رأس الإطار الفني ل «النّسور» هذا ما لم تتغيّر حسابات رئيس الجامعة وتظهر معطيات جديدة ومن شأنها أن تحكم على الطّرفين بقطع العلاقة التعاقدية وتضيف المصادر ذاتها بأن أعضاء المكتب الجامعي الواقفين في صفّ «رئيسهم» سيوافقون على بقاء «الكوتش» ما لم يطلب الإستقالة حفظا لماء الوجه وتمهيدا لخوض تجربة أخرى خاصّة بعد أن منحته تونس صفة «المُوندياليست». سياسة إتصالية ذكية إحتل وديع الجريء ونبيل معلول شاشات التلفزات التونسية عشية النهائيات المونديالية وإحتكر هذا الثنائي الحضور لتسويق صورتهما وإيهام الناس بأنهما الصّانعان الحقيقيان لفرحة الترشح ومن الواضح أنهما إستفادا كثيرا من «مُوالاة» بعض الأبواق الدعائية ومن غياب النجم الأهم والأبرز يوسف المساكني ليسرقا الأضواء من الجميع. وقد جاء «زلزال» بلجيكا ليصدم «البطلين الوهميين» ويفرض عليهما الإنسحاب بصفة تدريجية من الصّورة وقد إختفى الجريء عن الأنظار لوقت معلوم وتلك عاداته أثناء الأزمات. هذا قبل أن يظهر من جديد في القناة الوطنية وهو في كامل هدوئه و»غُروره». وأكد رئيس الجامعة مرة أخرى بأنه يتّبع سياسة إتّصالية ذكية. فهو يختار التوقيت المناسب وينتفي المنبر الأمثل ليواصل خطاباته «التضليلية» ويستعرض بطولاته الوهمية في الوقت الذي تعيش فيه الجماهير التونسية حالة من الإحتقان لضياع حلم الدور الثاني دون إتّخاذ قرارات قوية وإجراءات ردعية ضدّ كلّ من أذنب في حقّ المنتخب. الخطاب المُعتاد إستغل الجريء فرصة ظهوره في القناة الوطنية التي له فيها أكثر من «تابع» ليستعرض جملة «الإنجازات» التي حقّقها منتخب معلول في المونديال حتى أن الفريق أصبح قادرا حسب «الرئيس» على القيام ب 500 تمريرة صحيحة فضلا عن النجاح في الفوز على «بَنما» (الضّعيفة) وهو إنتصار «تاريخي» بحكم أن تونس لم تتذوّق طعم الفوز في النهائيات المونديالية منذ عام 1978 (أمام المكسيك آنذاك). ويستمرّ الجريء في تِعداد المكاسب المُنجزة في المونديال الروسي ليؤكد بأن فريقنا يُعتبر أحد أصغر المنتخبات المشاركة في النهائيات. كما أنه سجل خماسية كاملة وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ مشاركاتتا العالمية ويضيف الجريء بأن المنتخب الوطني أظهر أيضا فاعلية في المنطقة الأمامية حتى أنّ نسبة النجاعة تُقدّر بحوالي 86 بالمائة. ورغم أن النقاط السلبية كانت طاغية على مُغامرتنا العالمية الأخيرة فإننا لا نُنكر على الجريء نقاط الضوء التي أظهرها في إطلالته التلفزية لكن نعيب عليه «الإجتهاد» قدر المُستطاع في إبراز الإيجابيات وتجاهل الموضوع الرئيسي وهو «الكذبة الكبرى» التي نطق بها المدرب وتبنّتها الجامعة والكلام عن مراهنة المنتخب على الدور ربع النهائي قبل أن تصفعنا أنقلترا وبلجيكا ونخرج بيد فارغة والأخرى لا شيء فيها غير «الأوهام». الطريف في خطاب رئيس الجامعة أنه يخوض بالتفصيل في المسائل الفنية رغم أنه غير مختص في المجال وتحتمل قراءته هذه تأويلين: فإمّا أن الجريء من «الأطباء الموسوعيين» الذين يفقهون في كلّ شيء وإما أنه مدرب في ثوب «رئيس» خاصة في ظل تزايد الحديث عن تدخلاته «السرية» في تحديد التشكيلات وقائمات اللاعبين. سياسة التضامن تُوحي إشادات الجريء بالمدرب نبيل معلول بأن النيّة تتّجه (مبدئيا) نحو تجديد الثقة في الإطار الفني الحالي بقيادة نبيل معلول رغم هفواته التكتيكية وأخطائه الإتصالية وإهتزاز صورته في الأوساط الرياضية. وقد قدّم الجريء جملة من البيانات الإحصائية ليثبت بأن الإطار الفني الحالي نجح بنسبة كبيرة في مَهامه وقد تُبطن هذه التصريحات سعي رئيس الجامعة إلى وضع الجميع أمام الأمر الواقع والتمسّك بمعلول في الفترة المقبلة. ومن الواضح أن الجريء ومعلول «إتّفقا» على إتباع سياسة «التضامن» في السّراء والضّراء وهو ما يفسّر نجاح المدرب في الإستمرار في منصبه رغم الهزّات الشديدة والمُعارضات الكبيرة من داخل الجامعة وخارجها. سؤال وجيه سيكشف الإجتماع المُرتقب للجامعة عن «مصير» الإطار الفني للمنتخب وفي صورة تقرّر فعلا تثبيت نبيل معلول في منصبه فإن هذا الإجراء يطرح سؤالا حَارقا: هل يتقبّل الرأي العام أن يواصل معلول المشوار بعد أن أخلف وعده للجمهور وفشل في العبور ب»النسور» إلى الدور الثاني علاوة على الإنهزام بخماسية تاريخية ضدّ بلجيكا؟