بغصّة في القَلب تحدّث المحلّل الفني والمدافع الدّولي السابق فريد شوشان عن فضيحة المنتخب في المُونديال وطالب بأعلى صوت ب»مُحاسبة» كلّ من أذنب في حقّ الشّعب التونسي الذي عاش «كَابوسا» مُزعجا بعد السّقوط المدوي أمام بلجيكا. أيّ عنوان تختاره لهزيمة المنتخب أمام بلجيكا في مُنافسات كأس العالم؟ إنّ الهزيمة الثّقيلة التي تعرّض لها الفريق الوطني ضدّ بلجيكا تُعتبر فضيحة كبيرة خاصّة أن «النّسور» لم يسبق لهم أن تلقوا خسارة مُماثلة في مختلف مشاركاتهم العالمية التي إنطلقت عام 1978 بقيادة عبد المجيد الشتالي الذي تمكّن بحنكة عالية من تحقيق أوّل فوز عربي وإفريقي وجمع فريقه أربع نقاط وهو ما لم تَقدر الأجيال المُتعاقبة على تكراره رغم مرور 40 عاما على «مَلحمة» الأرجنتين. وأذهب أكثر من ذلك لأؤكد بأنّ المدرّب الحالي للمنتخب نبيل معلول خذل الشعب التونسي وشَوّه بالشراكة مع الجامعة سمعة الكرة التونسية التي أصبحت في الحَضيض بفعل الخُماسية البلجيكية. من المسؤول الرئيسي عن هذه المَهزلة الكروية؟ القسط الأكبر من المسؤولية يتحمّله المدرب نبيل معلول لأنّه جعل الناس يحلمون بالعبور إلى الدّور الثاني بل بالوصول إلى الدور ربع النهائي دون أن يكون في مستوى العُهود التي قطعها على نفسه. لقد غالط نبيل معلول الجميع وأوهم الجماهير التونسية بأن فريقنا كامل الأوصاف وبوسعه أن يُقارع عمالقة اللّعبة وينتزع إحدى البطاقتين المؤهلتين للمحطّة الثانية وهو حلم الأجيال. وقد كانت الصّدمة شديدة بعد السقوط المُوجع أمام الأنقليز والصّفعة القوية ضدّ نجوم بلجيكا التي لقّنت أبناء نبيل معلول درسا بليغا وقاسيا. بالتوازي مع هذه الهفوة الإتّصالية التي لا تُغتفر ماذا تَعيب على المدرّب من الناحية الفنية؟ أعتقد أن مُغامرتنا العالمية كشفت بما لا يدع مجالا للشك الفوارق الكبيرة بين نبيل معلول كمحلّل فني بارع ونبيل معلول كمدرّب محدود الإمكانات وهذا ما أكدته خياراته الغريبة أمام أنقلترا وبلجيكا. وقد بان بالكاشف أن نبيل معلول لم يقرأ جيّدا خصومه رغم أنه من المُتابعين عن كثب للكرة العالمية بحكم مهنته الدائمة كمحلّل فني وتأكد الجميع بأن مدربنا الوطني لا يُتقن سوى الكلام وتوزيع الأوهام. ورغم أن الإطار الفني كان يملك وقتا طويلا لتجهيز فريقه ودراسة منافسيه فإنه خيّب آمالنا في النهائيات المونديالية وظهر «النسور» بأداء مُحتشم وكانت النتيجة أيضا كارثية. والطّريف أن القاصي والداني كان على علم بنقاط الضعف والقوّة في أنقلترا وبلجيكا ولا أحد يَجهل مثلا مراهنة فريق «غَاريث ساوثغيت» على «سِلاح» الكرات الثابتة التي فاز بفضلها زملاء «هاري كين» بهدفين وكان بوسعهم هزم تونس بنتيجة تاريخية لولا الكمّ الهائل من الفرص المهدورة أمام المرمى. لا جدال في «الكَوارث» الفنية التي إرتكبها المدرّب لكن ألا يتحمّل «الكوارجية» جانبا من المَسؤولية؟ رغم غياب الرّوح والوقوع في أخطاء بدائية في المنطقة الخلفية (شباكنا تلقت سبعة أهداف في مُقابلتين) فإنني أمنح «الكوارجية» شهادة البراءة لأن المدرّب لم يَقم بالتحضيرات اللاّزمة على كلّ المستويات الفنية والبدنية والتكتيكية والذهنية. وأضع العديد من الأسماء في لائحة «الضَحايا» كما هو شأن وهبي الخزري وعلي معلول ومحمّد أمين عمر بما أنّهم شاركوا رغم عدم جَاهزيتهم ومن الواضح أنّهم يتحاملون على أنفسهم لتقديم المطلوب. هُناك رأي آخر يقول بأن الفريق الوطني «ضَحية» الفوارق الجلية بين الكرة الأوروبية ونَظيرتها الإفريقية؟ هذا الموقف مُجانب للصّواب وقد أكد المنتخب في أكثر من مناسبة قدرته على اللّعب بندية مع «القُوى» الكبيرة بل أن المدرب الحالي نبيل معلول أشار بعظمة لسانه بأن فريقنا لن يَخشى أحدا إثر الانطباعات الجيّدة التي تركها «النسور» في المواجهتين الوديتين أمام البرتغال وإسبانيا. وأعتقد أنه لا مجال للمواصلة في سياسة المُغالطات وإيهام الجماهير الرياضية بأن تونس سقطت بالضّربة القاضية ضدّ أنقلترا وبلجيكا بفعل الضّعف الفادح لكرتنا مُقارنة بالكرة الأوروبية ولابدّ من الإعتراف بأن المدرّب هو من جَنى على المنتخب بعد أن فشل في القيام بالتحضيرات اللاّزمة. كما أنّ فريقنا في نسخته الحالية يضمّ ترسانة من «المُحترفين» وهو ما يُبطل الرأي القائل بأن الهوّة العميقة بين لاعبي تونس ونجوم أنقلترا و»بَنما» هي التي صنعت الفارق. البعض يضع الجامعة في خانة «المتورّطين» في هذه الفضيحة المدوية فهل من تعليق؟ طبعا الجامعة التونسية لكرة القدم وتحديدا الرئيس وديع الجريء مسؤول مثله مثل المدرب عن الحَسرة الكبيرة التي عاشتها الجماهير التونسية. وقد بان بالكاشف أن الجريء إنشغل بمُمارسة السياسة و»تبييض» صُورته عبر المنتخب بدل أن يكون الفريق الوطني بمنأى عن لُعبة المَصالح. ما المطلوب بعد الخروج «المُذل» من المونديال؟ شخصيا أنتظر أن تُبادر كلّ الجهات المُذنبة في حق المنتخب الوطني والشّعب التونسي بحفظ ماء الوجه وتقديم إستقالتها بعد الصّافرة النهائية للمباراة الختامية والشكلية أمام «بَنما» التي نَتشارك معها في الضّعف الفادح على كلّ المستويات. ومن الضروري ضخّ دماء جديدة في الفريق الوطني وإنتداب مدرّب يتمتّع بالكفاءة والنزاهة وله القدرة على تحقيق أحلام الجمهور الذي ستلازمه صَدمة بلجيكا لفترة طويلة. ومن الضروري أيضا أن تهبّ رياح التغيير على الجامعة التي إكتسحها خلال السنوات الأخيرة الدخلاء لِيُنتجوا الفشل والإحباط. لقد أفرزت سياسات هؤلاء بطولة «مُنحرفة» وفَاسدة ومنتخبا ضعيفا على كل المستويات حتى أن فريق نبيل معلول نجا من «كارثة» حقيقية في لقاء بلجيكا التي أمطرت شباكنا بخماسية وكان بوسعها الترفيع في حصيلتها التهديفية إلى 8 أو10 أهداف لنعيش فضيحة بجلاجل. هل من ملاحظات أخرى عن الرحلة الروسية؟ تَناسى البعض تواجد المدير الفني للجامعة يوسف الزواوي ضمن البعثة التونسية إلى الأراضي الروسية وأعتقد أن الزواوي الذي تسبّب لنا في «كارثة» كروية في «كان» 1994 في تونس أمام حتمية الخضوع إلى «المحاسبة «مثله مثل المدرب نبيل معلول ورئيس الجامعة وديع الجريء. وطالما أن الإدارة الفنية حَشرت نفسها في مسيرة المنتخب فإن المنطق يفرض «مُساءلة» الزواوي. نُقطة أخرى وجب الإنتباه إليها وهي نَفقات الرحلة الروسية خاصّة في ظل تواجد كلّ من هب ودب ضمن البعثة التونسية ويفرض المنطق فتح تحقيق جدي وشفّاف في هذا الموضوع لأن الأمر يتعلّق بالمال العام كما أن ظهور العديد من «أبواق الدعاية» في معسكر «النّسور» يفتح بدوره باب التأويلات. هذا وأتمنى كذلك إحداث تغيير في وزارة الشباب والرياضة بحكم أنّه لا إصلاح دون وزير قوي وقادر على قلب الأوضاع.