تونس الشروق: انتخاب رئيس بلدية تونس العاصمة يعد حدثا فارقا على جميع المستويات التاريخية والحضارية والسياسية وذلك لعدة معطيات تؤهل بلدية المكان الى شد الاهتمام من حولها. وعلاوة على كونها البلدية الاكبر من حيث عدد المقاعد فيها (60 مقعدا) يمثل تركيز المجلس البلدي في تونسالمدينة حدثا تاريخيا يقطع مع التعيين الذي دأبت عليه منذ احداثها في 30 اوت 1858، وهذه النقلة النوعية في تاريخ البلدية جاءت بها منظومة السلطة المحلية الواردة في الباب السابع من الدستور والتي تقطع مع تعيينات المركز في اتجاه الاختيار الديمقراطي التعددي. ووفقا للمنظومة القانونية التي اوردتها السلطة المحلية تسقط فعليا عن رئيس بلدية تونس «تسمية شيخ المدينة» ،بما يدفع نحو القطع مع ماترسخ في الاذهان بشأن رئاسة «بلدية الحاضرة» بأن تكون حكرا على «البلْدية» او الوجهاء والاعيان وتمتيع بعض الفئات فيها من امتيازات خاصة على غرار الاعفاء من الخدمة العسكرية كما جرى العرف من زمن البايات وفترة الحماية وصولا الى ما بعد الاستقلال. الى جانب ذلك تكتسي دائرة تونس وبلدية العاصمة تحديدا وزنا مهما في المشهد السياسي تتأتى اساسا من اعتبار بلدية المكان ذات بعد رمزي يختزل القوة السياسية للطرف الذي سيدير دواليبها وابعاد اخرى ثقافية واقتصادية تعني في التنافس السياسي الهيمنة على المركز وكل ذلك يفسر المنافسة المحتدمة حولها، فكيف ستحسم رئاسة بلدية تونس اليوم؟ وكما جرت الترتيبات الخاصة بانتخاب رؤساء البلديات ستقدم الترشحات اثر افتتاح الجلسة وتأدية اليمين وتشير المعطيات الاولوية الى حضور 4 ترشحات بارزة لكل من رئيس قائمة نداء تونس كمال ايدير ورئيسة قائمة النهضة سعاد عبد الرحيم ورئيس قائمة التيار الديمقراطي أحمد بوعزي ورئيس القائمة المستقلة مدينتي تونس يفتح جميعها على عدة سيناريوات. وبداية بحركة النهضة الحاصلة على 21 مقعدا تبدو متمسكة بسعاد عبد الرحيم في رئاسة البلدية والتوافقات مستمرة الى اليوم حيث صرح الناطق الرسمي لحزب النهضة عماد الخميري «للشروق» بأن موضوع التوافقات محل اشتغال متواصل الى اليوم بهدف الوصول الى توافقات واسعة تضمن استقرار المجلس البلدي والاستفادة من الكفاءات مضيفا بأن تنصيب بلدية تونس لا يعد محطة لاختبار التوافق طالما وان الحركة تسعى الى توسيع المشتركات بين الجميع خدمة للسلطة المحلية. وبخصوص حزب نداء تونس الحاصل على 17 مقعدا فانه بدوره يتمسك بكمال ايدير في رئاسة البلدية، غير أن الكواليس السياسية تؤشر على امكانية انقسام الاصوات داخلها بين كمال ايدير ومنير بن ميلاد بوصفه أحد مؤسسي حزب نداء تونس وهذا ما يجعل من توافقات اللحظات الاخيرة حاسمة ان كان النداء سيتحالف مع المستقلين لاحراز الاغلبية أو التوافق مع شريك الحكم حركة النهضة. أما حزب التيار الديمقراطي الحاصل على 8 مقاعد فانه يسعى الى الاستفادة من عدم توافق محتمل بين الحزبيين الاغلبيين للفوز برئاسة البلدية حيث قال الامين العام للتيار للشروق انهم سيرشحون أحمد بوعزي للمنافسة بدعم من الجبهة الشعبية و مستقلين مشددا على أن المنافسة ستكون على اشدها مالم يحصل توافق ندائي نهضوي في الامتار الاخيرة وشدد على قرار التصويت بالورقة البيضاء في حال بلوغ مرشحي النداء والنهضة الدورة الانتخابية الثانية تنفيذا لقرار مجلسهم المركزي.