تونس الشروق: مرة اخرى تلقي ازمة حزب نداء تونس بظلالها على الوضع العام للدولة ومرة اخرى يتساءل الرأي العام متى تنتهي ازمات النداء لتنتهي معها ازمة دولة برمتها. لن تمرّ التقلبات الاخيرة التي يعيشها نداء تونس دون ان تخلف وراءها بذور ازمة عامة جديدة للدولة وفق ما ذهب اليه محللون. فنداء تونس هو احد ابرز الاطراف الفاعلة اليوم في السلطة ومن الطبيعي ان ازمته سيتقاسمها معه التونسيون عندما تنتقل الى مفاصل الدولة وتعطل السير العادي للسلطة وتتسبب في مزيد من الارتباك والتقلبات داخل السلطة، حكومة وبرلمانا ورئاسة..وهو ما اصبحت تعيش على وقعه البلاد منذ يومين : فالحكومة في موضع ارتباك وما قد يتسبب فيه ذلك من تاثير على ادائها، بعد ان طالتها تهمة التواطؤ مع « شق « سفيان طوبال الذي اعلن رفقة مجموعة من الندائيين دعم الاستقرار الحكومي - اي دعم بقاء يوسف الشاهد - في مخالفة صريحة للموقف الندائي الاصلي والرسمي الذي يطالب منذ مدة برحيل الشاهد. كما ان رئيس الحكومة والوزراء الندائيين لم يكونوا في معزل عن ازمة حزبهم النداء بما انهم معنيون بارزون بازمة الشقوق القديمة والجديدة وهو ما سيؤثر حتما على ادائهم وتكون المصلحة الوطنية اكبر متضرر من ذلك خصوصا في ظل ما تمر به البلاد من وضع سيء اقتصاديا واجتماعيا وامنيا.. ورئيس الجمهورية بدوره اصبح في ظل هذا المشكل الندائي منشغلا بشان حزبي خاص خصوصا انه مازال بمثابة «الاب الروحي» للحزب ويلجأ له الندائيون كلما شقتهم أزمة، والخوف كل الخوف ان يكون هذا الانشغال بازمة النداء على حساب مشاغل الدولة العديدة والتي تراكمت في الآونة الاخيرة وتتطلب منه تحركات ومبادرات .. أما البرلمان فيبدو بدوره غير بعيد عن الازمة الجديدة للنداء خاصة في ظل انقسام كتلته وضعفها وهشاشتها مقارنة بمنافستها كتلة النهضة، وهو ما أثر بوضوح على عمل البرلمان برمته في تمرير قوانين معطلة منذ اشهر وتحتاجها البلاد بشكل عاجل واكيد لتنفيذ بعض الاصلاحات او في المبادرات التشريعية الاصلاحية. وعلى المستوى السياسي العام فان ازمة النداء الاخيرة حولت حركة النهضة، الشريك الثاني في الحكم والشريك التوافقي للنداء الى متهم ب» التخطيط لتفكيك النداء» التي اعلنها صراحة الناطق الرسمي باسم النداء منجي الحرباوي امس، وفي ذلك تلميح واضح لبداية نهاية توافقها مع النداء وما قد يتسبب فيه ذلك ايضا من ارباك سياسي عام للبلاد قد يؤثر على الاستقرار وعلى المسار الديمقراطي.. مؤشرات عديدة تكشف بوضوح ان ازمة النداء اصبحت ازمة دولة بامتياز بسبب تاثيراتها السلبية على اداء مختلف مكونات السلطة وعلى اداء الحزب نفسه بوصفه حزبا حاكما انتخبه التونسيون ووضعوا فيه ثقتهم ليضمن الاستقرار والنمو للبلاد فإذا به يتحول الى مصدر ارباك وتعطيل للبلاد برمتها وقد تتطور الوضعية نحو الاسوإ اذا ما تطورت الازمة اكثر. وهو ما يستدعي من الندائيين الوعي بخطورة ما اصبح يتسبب فيه حزبهم من ارباك وتعطيل للدولة وللشأن العام وخاصة لمصلحة المواطن وان يعملوا على انهاء الازمة في اقرب وقت.. ويحمل عديد الملاحظين والمتابعين المسؤولية الاكبر لرئيس الجمهورية بوصفه ضامنا للاستقرار في البلاد وخاصة باعتباه المسؤول الاول عن منظومة الحكم وعن حزب النداء رغم استقالته منه نظريا.