«النهضة» تسترجع الأغلبية وحزب المرزوقي يتسلّل التونسية (تونس) بإعلان 21 نائبا(حتى الآن) من «نداء تونس» استقالتهم نهائيا من الحزب عادت الأغلبية البرلمانية لحركة «النهضة» ب69 مقعدا مقابل 65 مقعدا ل«النداء»، مما قد يعني آليا، وفق متابعين، تغير الخارطة النيابية داخل مجلس الشعب، وإعادة توزيع أوراق القرار برلمانيا وسياسيا، وكذلك الشأن بالنسبة للأداء الحكومي وتشكلات التحوير الوزاري المرتقب للصيد الذي قد تلقي فيه حركة «النهضة» بدلوها بكل ثقة ربما هذه المرة بخصوص زيادة عدد حقائبها الوزارية والإمساك مجددا بمواقع القرار الأولى في الدولة، علما أن هذه الفرضية مرتبطة كذلك بمعالم تموقع النواب المستقيلين من «النداء» في كتلة برلمانية جديدة ومدى ارتباط هذه الأخيرة بمواقف الكتلة البرلمانية الأمّ أو انفصالها عنها. معطى جديد آخر يمكن أن يساهم في إعادة تشكل المشهد السياسي المقبل وهو إطلاق المرزوقي حزبا جديدا اندمج فيه حزبه القديم «المؤتمر»، مما يعني أن حزب المرزوقي أصبح ممثلا في البرلمان دون أن يكون قد خاض الإنتخابات التشريعية الفارطة، وبالتالي فإن المتأمل في تشابكات المشهدين الحزبي والسياسي الحاليين يدرك بوضوح تمظهرات هذا الحراك، أو إن شئنا هذا المخاض الذي تعيشه بعض القوى السياسية في الحكم والمعارضة، مما قد يؤثر بطريقة أو بأخرى على مختلف التوزانات الراهنة، وكذلك الشأن بالنسبة لنتائج الانتخابات البلدية القادمة، وما يليها من استحقاقات التنافس على حكم البلاد مستقبلا. «التونسية» طرحت الموضوع على عدد من السياسيين، حكما ومعارضة، وخرجت بالتقرير التالي: رئيس كتلة «الجبهة الشعبية» بالبرلمان أحمد الصديق اعتبر أن الأوان لم يحن بعد لتقييم مدى تغير الخارطة السياسية مستقبلا بعد انقسام «نداء تونس»، موضحا أن الخارطة سواء السياسية منها أو البرلمانية مرشحة إلى حدوث تحولات. وأوضح أن «الجبهة الشعبية» تتابع التطورات الحاصلة في المشهد السياسي التي قال إنّها تظلّ مفتوحة على أكثر من إحتمال، وذلك حسب توجهات المغادرين ل«نداء تونس». و أكد الصديق أنه يصعب التنبأ حاليا بما ستؤول إليه التطورات الأخيرة للمشهد السياسي في البلاد بصفة نهائية، متمنيا ألّا تنعكس هذه التطورات على الحد الأدنى من الإستقرار الأمني، ليكون لكل حادث حديث في ما عدا ذلك. وتابع بأن المشهد السياسي في البلاد غير واضح إلى حد الآن. «النداء» سيظلّ الحزب الأوّل أما الناطق الرسمي باسم «الحزب الجمهوري» عصام الشابي، فقد قال ل«التونسية» إن انشطار الحزب الأول في الانتخابات سيضعفه لكنه لن يؤثر على حجم التوزانات البرلمانية والحكومية العامة، مبينا أن قوّة «نداء تونس» لا توجد فقط في البرلمان بل كذلك في قصر قرطاج. وأكد أن «النداء» سيظل الحزب الأول الذي يقود الإئتلاف الحاكم حتى ب65 نائبا، وأن «النهضة» واعية بذلك وتدرك جيدا قواعد اللعبة، مستطردا أن الحزب الأغلبي سابقا ورغم انشطاره إلى «نداءين» سيظل في القيادة لأن هذه المسألة مرتبطة بالاتفاق أو التحالف الذي حدث بينه وبين «النهضة» حول الحكم المشترك للبلاد. وأضاف الشابي أن المشهد السياسي في البلاد سيستمر كما هو عليه مع تحسن طفيف لتواجد حركة «النهضة» في حكومة الحبيب الصيد المعدلة المنتظر الإعلان عنها قريبا. وشدد الناطق الرسمي باسم «الحزب الجمهوري» على أن الصراع بين الندائيين والذي انتهى بانقسامهم هو صراع «تكسير عظام» يدور حول التموقع في السلطة ومواقع القرار ولا يتعلق بخلافات حول المرجعية السياسية أو الإيديولوجية ولا بمواقف الشق المستقيل من التحالف مع «النهضة» أو عدمه. وذكر أن المنشقين عن «النداء» هم أول من روّج وسوّق لهذا التحالف، وأنّ نفس الشق يحاول اليوم إحياء نفس النعرة ، ولكن هيهات، وفق كلامه. كتلة ضغط وتابع الشابي قائلا إنّ كتلة المنشقين عن «النداء» ستكون كتلة ضغط برلماني لتحقيق بعض المصالح الخاصة بممثليها، معقبا بأن إنقسام الحزب الأول سابقا سيؤثر على نتائج الانتخابات البلدية المقبلة نظرا لخيبة الأمل التي مني بها ناخبوه خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطتين. وعن ظهور قوى سياسية جديدة، قال الشابي إن هذا الأمر يخدم التعددية وفي صالح الديمقراطية. الأمر سابق لأوانه من جانبه أشار النائب المعلق لإستقالته من «نداء تونس» مصطفى بن أحمد، إلى أن أية قراءة لملامح المشهد السياسي المقبل سابقة لأوانها، مضيفا أن تأسيس المنشقين عن الحزب كتلة جديدة لن يؤثر في طبيعة العمل البرلماني داخل مجلس الشعب لأن المرجعية واحدة. وأكد أن الخارطة السياسية الحالية تشهد حراكا لم تتضح معالمه بعد. و عن بعث ما يسمى ب«حراك تونس الإرادة» وإندماجه مع «المؤتمر»، قال بن أحمد إنه لا فرق بين الحزبين وأن المرزوقي متواجد من قبل في البرلمان عبر تواجد الدايمي، مؤكدا أن هذا الأمر لن يؤثر مطلقا في توزانات وعمل المجلس. «النهضة» لن تصبح الحزب الأغلبي من جهته، أكد نائب رئيس حركة «النهضة» عبد الحميد الجلاصي أن حزبه سيحافظ على تموقعه البرلماني وفق ما أفرزته نتائج الانتخابات التشريعية الفارطة، أي أنه سيظل في المرتبة الثانية من حيث الأغلبية البرلمانية. و اعتبر الجلاصي أن الأزمة التي يمر بها «نداء تونس» أثرت على العمل البرلماني، مضيفا أن الوضع في «النداء» غير واضح من جانب الحسم في الانسلاخات الحاصلة مؤخرا أو التراجع عن ذلك. وشدد على أن «النهضة» لا ترغب في تغيير موازين القوى ولن تدعو إلى إنتخابات مبكرة ولن تكون في صف التغيير الدرامتيكي لمشهد الحكم الراهن، موضحا أن الحركة معنية فقط بأن تكون حكومة الصيد حكومة استقرار وإصلاحات، مبينا أن الأولوية القصوى للبلاد اليوم تتمثل في مكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية، وأن أي حديث عن ثقل «النهضة» البرلماني إزاء هذه الأولويات يبقى ثانويا.و عن تأثيرات التغيرات المذكورة على المشهد الإنتخابي المقبل، بين الجلاصي أن تشابكات الخارطة السياسية الحالية لم تتوضح بعد، وأنه مهما كانت مخرجات ما يحصل في «نداء تونس» فإن الأولوية خلال المرحلة المقبلة تكمن في توفير الضمانات اللازمة لتنظيم وإنجاح الإنتخابات البلدية القادمة. و في السياق ذاته، شدد قيادي «النهضة» على ضرورة توفر حياة سياسية صلبة في البلاد وأن تتكاتف جهود كل الأحزاب السياسية لحمل وإنجاح المشروع الوطني وخاصة في المجالين الأمني والإقتصادي. وأضاف أنه مهما تكن نتائج أزمة «النداء»، فعلى الندائيين إسناد الحكومة بقطع النظر عن مآلات خلافاتهم، مجددا في الأثناء دعم «النهضة» لحكومة الصيد. لا تأثيرات مطلقا على العمل التشريعي أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أكد ل«التونسية» أن تشكيل المنشقّين عن «نداء تونس» كتلة برلمانية جديدة أمر متاح لهم كما ينص عليه قانون النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، موضحا أنه لا يوجد أي إشكال على الإطلاق في هذا الخصوص. ولاحظ أنّه لن يكون لكتلة المنشقين عن «النداء» أي تأثير يذكر على عمل اللجان أو في مستوى رئاستها بالنسبة للدورة التشريعية الحالية. أما بخصوص تحوّز «النهضة» حاليا على النصيب الأكبر في التمثيلية البرلمانية بعد انشطار «نداء تونس» وانعكاسات ذلك على مختلف التوازنات القائمة بالمشهدين السياسي والبرلماني، فقد أوضح أستاذ القانون الدستوري أن انقسام «النداء» لن يؤثر مطلقا على العمل التشريعي بالمجلس لأن كتلتي الحزب الأول والثاني تتفقان في المرجعية الواحدة وفي كل الخيارات الإقتصادية والإجتماعية، وبالتالي فلن يكون هناك أي تغيير يذكر في عمل مجلس الشعب، إضافة إلى أن «النهضة» عبرت أكثر من مرة عن مساندتها لحكومة الصيد ولا يبدو أنها غيّرت رأيها. حكومة الصيد غير مبالية بأزمة «النداء» و لاحظ قيس سعيد أن الحكومة تبدو غير عابئة تماما بما يحدث داخل الحزب الأغلبي سابقا، وأنّها لم تتأثر بالانقسامات الحاصلة داخله، مؤكدا في المقابل أن انعكاسات انقسام «نداء تونس» ستبرز جلية في نتائج الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سواء منها البلدية أو الجهوية أو التشريعية أو الرئاسية، لأن القضية برمتها تصب في خانة الاستعدادات لهذا الحدث.