انطلق موسم المهرجانات في صائفة جديدة ستتواصل طيلة شهري جويلية وأوت من شمال البلاد الى جنوبها . هذه الظاهرة التونسية اللاٌفتة للنظر في العالم العربي وحتى في المتوسط تميز الصيف التونسي منذ سنوات بعيدة. ورغم تراكم التجربة مازالت هذه التظاهرات الممولة بالكامل تقريبا من المال العام تثير الكثير من الأسئلة وتحتاج الى مراجعة حقيقية تأخرت أكثر مما يجب . فالأكيد أن هناك مستفيدين من هذه الظاهرة المهرجانية من صالحهم أن تبقى هكذا كنزيف للمالية العمومية دون أي نجاعة تذكر. فقد تخلت المهرجانات منذ مطلع التسعينيات على طابعها الثقافي لتتحول الى سهرات فنية تفتقر الى أي مضمون ثقافي بما فيها مهرجانا الحمامات وقرطاج بعد أن اعتلاهما كبار الفنانين والمسرحيين في العالم. فمضامين المهرجانات تحتاج الى مراجعة وأهمها غياب المسرح الذي كان العمود الفقري لمهرجانتنا وخاصة قرطاج والحمامات ودقة وحلق الوادي . والجانب الثاني الذي يعتبر فضيحة حقيقة لدولة الاستقلال هو غياب مسارح الهواء الطلق في مدن كبرى مثل حي التضامن التي تحتاج الى مسرح كبير ومهرجان موجه لهذه الضاحية الشعبية وكذلك ضاحية سيدي حسين والملاسين بما تشكلانه من ثقل ديمغرافي وشعبي ومدن أخرى في الشمال والجنوب تفتقر الى مسارح هواء طلق مثل مدنين ودوز وتطاوين وحتى مسرح الهواء الطلق بقابس يحتاج الى تهيئة من جديد لأنه أصغر من عراقة المدينة كعاصمة للجنوب الشرقي. والجانب الثالث الذي يحتاج الى مراجعة هو نزيف العملة الصعبة والفنانين الأجانب في بلاد تعاني من صعوبات اقتصادية واحتقان اجتماعي ونقائص في مستوى البنية الأساسية الثقافية من ذلك مكتبات عمومية ودور ثقافة تفتقر الى وسائل التدفئة شتاء والتبريد صيفا بل حتى الى دورات صحية محترمة ففي اعتقادي أن التوجه نحو إصلاح وتهيئة المؤسسات الثقافية والشبابية هو الأولوية التي من المفروض أن تهتم بها وزارة الشؤون الثقافية .