بمناسبة اختتام السنة القضائية نظم اتحاد القضاة الإداريين بمساهمة مؤسسة هانس سايدل نهاية الأسبوع بتونس العاصمة ندوة حول «المجلس الأعلى للقضاء: تونس (الشروق) "سنة بعد التركيز صعوبات البدايات واختلافات القراءات"، وقد كان الهدف من هذه الندوة التي شارك فيها نخبة من القضاة وأعضاء مجلس القضاء الإداري بحضور الأستاذ العميد محمد الصالح بن عيسى تسليط الضوء على أهم الإشكاليات الدستورية والقانونية والواقعية لعمل المجلس بعد مرور سنة على تركيزه، وفي تصريح ل«الشروق» قالت القاضية رفقة مباركي المكلفة بالإعلام بالمكتب التنفيذي لاتحاد القضاة الإداريين ان هذه الندوة مثلت فرصة للتنديد بالخلافات الحاصلة داخل المجلس الأعلى للقضاء والتي مردها في جانب منها اختلاف حول قراءة القانون وفي جانب آخر صراعات فردية واعتبارات قطاعية. وقد سبق أن دعا اتحاد القضاة الإداريين إلى النأي بالمجلس عن هذه التجاذبات. منذ انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء طرح القانون الأساسي المتعلق به عدة إشكاليات في التطبيق، وقد شدّد بعض المتدخلين على أن الإشكال يكمن أيضا في صياغة الدستور الذي جعل المجلس الأعلى للقضاء يتركب من أربعة هياكل وهي المجالس الثلاثة والجلسة الجامعة تتكون من نفس النسب بثلثين من القضاة وثلث من غير القضاة إلا أنه لم يحلّ الإشكاليات بخصوص الفصل في اختصاصات كل منها. فبعد سنة من تركيز المجلس الأعلى للقضاء برز إشكال بين أعضائه حول صلاحيات الجلسة العامة والمجالس القضائية الثلاثة ومدى تدخل الاولى في القرارات التي تتخذها تلك المجالس بخصوص المسار المهني والنظام التأديبي للقضاة. و اضافت القاضية رفقة مباركي ان قراءة اتحاد القضاة الإداريين للدستور وللقانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء اتجهت نحو اعتبار أن الجلسة العامة لا تتدخل بأي شكل من الأشكال لإعادة النظر في القرارات الصادرة عن المجالس القضائية الثلاثة بخصوص المسار المهني للقضاة وتأديبهم، فقد أكّد المشرع من خلال الفصل 45 على أن كل مجلس قضائي يبتّ في المسار المهني للقضاة الراجعين إليه بالنظر، أي أنه يحسم في تلك المسائل بصفة قاطعة باعتماد التفسير اللغوي لعبارة «يبتّ في»، ويتدعّم هذا التأويل من خلال قراءة الفصل 42 من القانون الأساسي الذي اقتضى في مطته الرابعة أن الجلسة العامة تتولى «إصدار الرأي المطابق وتقديم الترشيح الحصري طبقا لمقتضيات الفصل 106 من الدستور» وبالتالي فإن تلك القرارات تصدر باسم المجلس الأعلى للقضاء الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال في تركيبته الجامعة أن يكون «درجة استئناف» لقرارات المجالس القضائية، غير أن بعض أعضاء المجلس الأعلى للقضاء اتجهوا نحو قراءة أخرى لفصول القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 مفادها أن للجلسة العامة دور الرقيب وهو توجه من شأنه أن يترتب عنه الكثير من السلبيات كتعطيل اتخاذ القرارات الصادرة عن المجالس القضائية. وفي سياق متصل اضافت القاضية رفقة مباركي انه تمّ التأكيد ايضا على ضرورة المحافظة على خصوصية القضاء الإداري ومكتسباته وعلى عدم تصدير إشكاليات القضاء العدلي فالدستور لم يطرح فكرة توحيد القضاء بالمعنى الذي تمسّك به بعض القضاة وإنما تم إدراج القضاء الإداري والمالي والعدلي في نفس الباب المتعلق بالسلطة القضائية ومن ثمّ فإن خصوصية الوظائف السامية في طريقة التسمية لا تخرجها عن المسار المهني الراجع للمجلس القضائي المعني. التوصيات - التأويل المتناغم مع أهداف ضمان استقلال القضاء وحسن سيره بعيدا عن التجاذبات بما يحقق النسق الضروري لعمل المجلس. - ضمان شفافية عمل المجالس ونشر خلاصتها وجدول الأعمال وغيرها. - إصدار النظام الداخلي للمجلس وقواعد سير المجالس القطاعية دون تأخير وتضمينه القواعد الكفيلة بعدم عرقلة أعماله. - استكمال البناء القانوني لتحقيق تكامل المنظومة القانونية الكفيلة بالتطبيق السليم للأحكام (قانون التفقدية القضائية – مجلة القضاء الإداري). - تنقيح قانون المجلس الأعلى للقضاء والدستور لتنقيتهما من الشوائب وتوضيحهما بما يضمن حسن تطبيقهما.